هل منا من يعرف بالضبط ماذا نعني بتجديد الخطاب الديني؟.. بصراحة طرحت السؤال علي نفسي ولم أفهم هل المطلوب السكوت عن اشياء وإبراز اشياء لتكون واجهة للدين؟ وهل الاسلام الذي انزله الله وجاء به الرسول صلي الله عليه وسلم يحتاج لوضع روتوش عليه تظهر محاسنه وتخفي عيوبه وحاشا لله ان يكون به عيب!. الذين تحدثوا عن تجديد الخطاب الديني لم يوضحوا ما المقصود.. ندعو إلي ماذا ونغض الطرف عن ماذا؟ قال البعض ان الازهر أعد قانونا لتجديد الخطاب الديني ووضع خطة لتدارك الفهم الخاطيء لبعض المتشددين للدين.. اين هي هذه الخطة وما هي بنودها وهل هي عمل جديد يواجه الظواهر الجديدة التي نعاني منها اليوم أم هي تجديد لما سبق واعتمده الازهر علي طول تاريخه باعتباره حصن الوسطية والاعتدال. باختصار لابد ان يكون الكلام واضحاً ماذا نريد من العلماء ان يقولوه. وماذا نريد أن يسكتوا عنه؟. تري هل الافضل تغييب الدين ام إحياؤه؟ ما الذي يعجبنا ويرضينا فنمضي فيه وما الذي لا يعجبنا فنبعده ونقصيه؟ الدين كله أوامر ونواه فهل جاء النبي صلي الله عليه وسلم بشيء غامض يحتاج أن نجليه فيدخل الافاقون والمزورون والمندسون من أمثال اولئك الذين اطلوا علينا عبر الشاشات بدعوي التجديد والاصلاح وهم كاذبون؟ هل قال الله تعالي اعبدوني وترك لهم حرية العبادة؟ لو كان هذا صحيحاً لرأينا طرقا للعبادة مختلفة بإختلاف البشر ولكن الله ارسل الانبياء والمرسلين والصحف والكتب ليعرف الناس كيف يعبدون الله.. والنبي صلي الله عليه وسلم تركنا علي المحجّة البيضاء ليلها كنهارها، وترك فينا ما إن تمسكنا به لن نضل بعده ابداً.. كتاب الله وسنته فما بالنا كلما ضاق بنا الحال عدنا نلوم الدين ونصب علي عاتقه الاتهامات كأنه السبب فيما وصلنا إليه من ترد، أو كأن المجتمع في حاجة إلي دين جديد يرضي اهواء الناقمين، فنعود من باب التلطف نطالب بتجديد الخطاب الديني ونحن نلقي باللوم عليه كأنه وحده السبب في الارهاب والتخلف وهو وحده المطلوب وقف دوره وآثاره عن حياة الناس حتي يعيشوا في أمان!! لو صح القول فإن المطلوب هو فهم أنقي وأعمق للدين ومطلوب خطة للعمل بما جاء به ونزل من عند الله لصالح عباد الله. وليس اقصاء الدين وإبعاده عن حياتنا وهو النظام الذي ارتضاه خالقنا لنا.. وانظر الآن إلي ما يفعله بعض الناس. وكأنهم اخذوا تصريحاً بتجاوز الدين. فتم الغاء الكتاتيب واستبدالها بمدارس عصرية لا مكان للدين فيها، وانظر إلي حصة الدين في المدارس والتي كانت مصدراً ومعينا للتلاميذ في مرحلة النقش علي الحجر وقد اصبحت حصة للأخلاق يحضرها جميع الطلاب دون تمييز. وانظر إلي المساجد التي تفتح ابوابها وقت الصلاة ثم تغلقها وكأن المساجد للصلاة فقط رغم أن من أهم مهامها التعليم والتعلم وخدمة الناس ودعوتهم إلي الله. اختفت هذه المهام من معظم مساجدنا فلم يعد هناك مصادر للعلم الا في الكتب لمن استطاع اليها سبيلاً.. نحن مع التدين المعتدل دون افراط أو تفريط مع معرفة الانسان بخالقه وخوفه منه وحبه له وطاعته لاوامره والانتهاء عن نواهيه.. نحن مع الاسلام السمح الذي يدعو الناس الي حب الله ولسنا مع التشدد والارهاب أو مع الترفع والاهمال. وكما قال الحبيب «دينك دينك، لحمك دمك» فالدين اغلي نعمة وهبها الله للانسان. من عاش عليها يسعد في الدنيا والآخرة. ومن أعرض عن ذكر الله فله معيشة ضنكا في الدنيا والآخرة، وإذا أردنا تجديد الخطاب الديني فلنتمسك بديننا ونفهم مقاصده ونجعله في قلب الحياة وليس علي هامشها.