محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    الصحة تنفي وفاة 5 أطفال بالمنيا بسبب الالتهاب السحائي وتؤكد: التحقيقات جارية    محافظ الغربية يناقش مؤشرات الأداء للملفات الخدمية ويوجه برفع كفاءة منظومة النظافة    الاتحاد الأوروبي قد يستهدف قطاع التكنولوجيا الأمريكي ردًا على رسوم ترامب    توك سبورت: عرض خرافي من الدوري السعودي لضم فينيسيوس.. والنادي ليس الهلال    أرسنال الإنجليزي يبرم أغلى صفقة في تاريخ الكرة النسائية    محافظ الإسماعيلية يعتمد جداول امتحانات الدور الثاني للعام الدراسي 2024-2025    رئيس جامعة دمنهور يشهد فعاليات حفل ختام ملتقى حور للفنون في دورته الرابعة    ناهد السباعي عن شائعة وفاة زيزي مصطفى: «عيب وحرام تخضّوا منة»    البحث مستمر عن شقيقتيها.. «الإنقاذ النهري» تتمكن من انتشال جثمان طفلة من ترعة ب أسيوط    صحة غزة: 58 ألفا و667 شهيدا حصيلة العدوان الإسرائيلي    «الوطنية للتدريب» تحتفل بتخريج أول دفعة من قيادات وزارة العدل الصومالية    تعليق منة شلبي على شائعة وفاة والدتها : "عيب اللي بيحصل"    الثرثرة جزء من شخصيتها.. 4 أبراج كثيرة الكلام    ما حكم اختراق واستخدام شبكات ال«واي فاي» بدون إذن أصحابها؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    ما حكم إظهار جزء من الشعر من الحجاب؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم التحايل على شركات الإنترنت للحصول على خدمة مجانية؟.. أمين الفتوى يجيب    في الحر الشديد.. 6 نصائح ضرورية لمرضى الكلى لتجنب المضاعفات    مودرن سبورت يعلن عن التعاقد مع النبجيري جودوين شيكا    المؤتمر: وضعنا اللمسات الأخيرة للدعاية لانتخابات مجلس الشيوخ    مطالبات بتنفيذ خطة لدمج المشروعات الصغيرة في سلاسل التوريد الصناعية    ممثلة شهيرة تنجو من الموت على طريق دهشور    «قطاع المعاهد الأزهرية»: مسابقات الأزهر تصنع طالبًا يخدم دينه ووطنه    ياسر عبد العزيز يكتب: الأهلى والزمالك والإسماعيلى نماذج واقعية لأزمات الكبار    «الصحة»: تكريم الدكتور خالد عبدالغفار بجائزة القيادة المرموقة من المجلس الأوروبي    أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على ارتفاع وسط تقارير نتائج أعمال الشركات    وزير المالية : ندرس العودة مرة أخرى إلى «الصكوك» بعدما نجحنا في الطرح الأول لبيت التمويل الكويتي    وزارة الصحة تكشف نتائج التحاليل فى واقعة وفاة 5 أطفال أشقاء بمحافظة المنيا .. اعرف التفاصيل    وزيرة التنمية المحلية تبحث مع محافظة البحيرة مشروع تطوير المسارات والفراغات العامة بمدينة رشيد    أثليتك: نيوكاسل يحاول ضم ويسا بعد انسحابه من سباق إيكيتيكي    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    حالة الطقس اليوم في السعودية.. الأجواء مشمسة جزئيًا في ساعات النهار    أوباميانج لاعب حر فى السوق.. القادسية يعلن رحيل الفهد الجابونى    محافظ سوهاج: يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والوضع العام بقرية " المدمر "    أشرف صبحي يلتقي بوزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية    «التعليم» تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2025-2026    ضبط 3 أشخاص لاتهامهم بغسل أموال ب90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    أحمد عبد الوهاب يكتب: قراءة في أسباب تدهور «اقتصاد الضفة»    انهيار أرضي في كوريا الجنوبية ومصرع 4 أشخاص وإجلاء ألف آخرين    تفعيل منظومة انتظار المركبات داخل مدن الأقصر وإسنا والقرنة    وسط إقبال كثيف من الخريجين.. 35 ألف فرصة عمل في الملتقى ال13 لتوظيف الشباب    حسام حبيب يصل السعودية استعدادًا لحفله الأول بموسم جدة    كشف ملابسات فيديو جلوس أطفال على السيارة خلال سيرها بالتجمع - شاهد    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    في 6 خطوات.. قدم تظلمك على فاتورة الكهرباء إلكترونيًا    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا "أون لاين"    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    سحب قرعة دوري الكرة النسائية للموسم الجديد ..تعرف علي مباريات الأسبوع الأول    هل الخوف فطرة أم قلة إيمان وعدم ويقين بالله؟.. محمود الهواري يجيب    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    وفاة والدة النجمة هند صبري    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    مقتل امرأة وإصابة 3 إثر هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في روسيا    رئيسة الوزراء الإيطالية تدين استهداف الاحتلال لكنسية في غزة: الهجمات على المدنيين غير مقبولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جاموسة.. صابر!
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 08 - 2015

بيد ان للاهمال وجهاً اخر يتعين علينا الاشارة إليه.. وهو غياب الرقابة الحاسمة التي تعد بمثابة الوقاية الناجعة للاهمال.. وهو ما نراه في الدول الراقية التي يندر فيها وقوع الكوارث التي نشهدها
كلما أطل علينا حادث مروع.. تنتفض له القلوب.. وتتهدل لهوله الشفاه.. وتشخص لبشاعته الاحداق والعيون.. وتخرج علينا الصحف بصور القتلي والضحايا.. وأنباء التعويضات التي تدفعها الحكومة للأهالي والتي تصل إلي 20 ألف جنيه تعويضا عن كل ضحية.. وتتباري الصحف في متابعة التحقيقات التي تسفر في كل مرة عن سبب عجيب.. لا يخطر علي البال.
فإذا كانت الكارثة التي يروح ضحيتها العشرات.. أثناد عبور احد المزلقانات واصطدم بهم قطار جامح.. قيل لنا ان السبب هو جاموسة صابر التي كانت تعبر المزلقان وحدها.. ومن وراء ظهر صابر مما أدي إلي وقوع الحادث البشع..
وإذا كانت الكارثة بسبب اصطدام صندل تابع للشركة الوطنية للملاحة.. بمركب نيلي متهالك وعلي متنه 60 شخصا في منطقة الوراق.. قيل لنا ان المركب المتهالك بحمولته لم يكن يحمل ترخيصا، وقيل لنا ان سائق الصندل اطلق اشارات ضوئية وكلاكسات ولكن سائق المركب لم يسمعها.. بسبب ارتفاع أصوات الموسيقي والاغاني الشعبية الصادرة عن المركب النيلي الذي كان يقل الضحايا.. بما يعني ان سائق المركب النيلي قام بدور جاموسة صابر.. وانه لم يكن يحمل ترخيصا من الحكومة يسمح له بنقل البسطاء الذين يطوون البر والبحر.. وكأنهم يسيرون فوق الماء.
وإذا كانت الكارثة تتعلق بحريق مهول يندلع في مصنع للاثاث بمدينة العبور يقام علي مساحة 1500 متر مربع قيل لنا ان السبب هو قيام بعض العمال بنقل اسطوانات بوتاجاز في مصعد المصنع إلي الادوار العليا.. فاشتعلت النيران في احدي الاسطوانات مما أدي لانفجارها.. وامتدت النيران إلي باقي اجزاء المصنع بسرعة جنود سيدنا سليمان.
وهكذا قامت انبوبة البوتاجاز بدور جاموسة صابر.. ولم يعد من المعقول تقديم الانبوبة للمحاكمة.. لان ذلك لا يستقيم مع عصر لا تحاكم فيه انابيب البوتاجاز.. بعد مصرع 25 عاملا كانوا يبحثون عن الرزق في سوق العبور.
والأمثلة لا تقع تحت حصر.. كوارث كبري.. ضاعت في زحام ثقافة رائجة.. وهي التشخيص الخاطئ لامراضنا الاجتماعية المستشرية منذ عقود طويلة.. وهي الثقافة التي أدت لتفاقم ظاهرة الاهمال والتراخي.. وإلي تراجع ثقافة الجدية في حل المشاكل وتفادي تكرار الكوارث التي نعالجها في كل مرة بالدهانات تارة.. وبجاموسة صابر تارة اخري.
السخيف في الموضوع ان البحث عن كبش فداء كلما واجهتنا الكوارث الكبري.. كان السبب في ان تاريخنا الحقيقي الذي يمكن ان تتعلم منه الاجيال القادمة لم يكتب بعد.. وشابه الكثير من التزوير والتدليس والكذب والنفاق.. لاننا القينا التهمة في كل نكسة.. أو كارثة إلي جاموسة صابر!

وعندما نتأمل الأسباب الحقيقية للكوارث الكبري التي نشهدها بين الحين والاخر.. نجد ان السبب الرئيسي لكل منها هو الاهمال الذي استشري بشكل كبير.. وأصبح من أمراضنا المتوطنة علي نحو ما عانيناه من البلهارسيا.. لاجيال واجيال.. وكان المهندس إبراهيم محلب علي حق.. عندما قال ان الاهمال.. هو آفتنا الكبري.
بيد ان للاهمال وجهاً اخر يتعين علينا الاشارة إليه.. وهو غياب الرقابة الحاسمة التي تعد بمثابة الوقاية الناجعة للاهمال.. وهو ما نراه في الدول الراقية التي يندر فيها وقوع الكوارث التي نشهدها.. وتشد انتباهنا.. وتثير الاحزان ثم تتراجع تدريجيا إلي ان تلقي مصيرها في غياهب النسيان.
الرقابة الرسمية.. من جانب السلطات المسئولة.. وعلي مدار الساعة.. هي السلاح الفعال لمواجهة الظواهر السلبية.. قبل ان تتفاقم.. وتتحول إلي أمر واقع.. يفرض نفسه.. وتعجز الحكومات المتعاقبة علي تغييره.. لان الكوارث الكبري.. تبدأ من المخالفات أو عدم وجود تراخيص.. أو من فرط اعتيادها وارتكابها لمدة طويلة تسبق الكارثة المهولة.. ولذلك تقع المفاجأة الكبري علي رأس المتسبب في الكارثة.. عندما تصل إلي علمه بعد الحادث.. ان الممارسات التي ارتكبها لسنوات وسنوات مع العشرات من أمثاله.. انها كانت مخالفة للقوانين واللوائح.. وان المركب النيلي الذي يتحرك فوق سطح المياه السداح المداح يحتاج إلي ترخيص.. في الوقت الذي يزدحم فيه مجري النهر الخالد بالمئات من امثاله.. ولم يتعرض لهم مسئول واحد لعشرات السنين.. يسأل عن الرخصة.
واللافت للانتباه ان حوادث سرقة مهمات السكك الحديدية تصل إلي ما يزيد علي 63 مليون جنيه كل سنة.. علاوة علي سرقة 22٪ من العلامات المرورية علي الطرق السريعة.. والتي تباع كخردة لغياب الرقابة من ناحية.. ولان العقوبات ليست رادعة.. علاوة علي انه لا يوجد تشريع في بلدنا يجرم هذه السرقات.. باعتبارها من المال السايب.
وعندما نتابع كارثة المركب النيلي.. الذي غرق في منطقة الوراق نجد ان آلاف المراكب من امثاله تنقل عشرات الآلاف من البسطاء.. كل يوم.. وكل ساعة.. وكل ثانية.. ويشاهدها الملايين من المواطنين.. ويقاسي ويلاتها سكان المناطق الراقية.. وفي منطقة ماسبيرو علي وجه التحديد.. ومع ذلك فهي لم تلفت انتباه أي مسئول.. رغم ما تنشره الصحف بين الحين والاخر.. من شكاوي السكان الذين يسقطون ضحايا التلوث بكل ألوانه واشكاله.
والسخيف في الموضوع ان الكوارث مستمرة والرقابة الرسمية غائبة والعقوبات ليست رادعة.. والضحية في كل مرة.. اسمها:
جاموسة صابر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.