«التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 11 مايو 2025    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    كسر خط الكريمات.. الأهالي يناشدون رئيس الوزراء بالتدخل العاجل لتوفير الاعتمادات اللازمة لصيانة وتجديد خط المياه    نزع ملكية أراضي وعقارات لصالح مشروع تطوير 5 مزلقانات بمحافظة قنا    بعد انخفاض عيار 21 بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم الأحد 11-5-2025 محليًا وعالميًا صباحًا    بوتين يقترح عقد مفاوضات مباشرة مع أوكرانيا بإسطنبول    وزير الإعلام الباكستاني: لا انتهاكات لوقف إطلاق النار مع الهند حتى الآن    الأونروا: لدينا آلاف الشاحنات جاهزة للدخول وفرقنا في غزة مستعدة لزيادة التسليم    استشهاد 10 فلسطينيين إثر قصف "الاحتلال الإسرائيلي " خيم النازحين بخان يونس    مصرع 8 أشخاص وإصابة 30 آخرين إثر سقوط حافلة من منحدر فى سريلانكا    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يسقط بالدوري الأمريكي في حضور ميسي    «يشترط 40 مليونا للبقاء».. شوبير يصدم جماهير الأهلي بشأن مدافع الفريق    فيديو.. الأرصاد: اليوم ذروة الموجة شديدة الحرارة وتحول مفاجئ في الطقس غدا    النشرة المرورية.. كثافات متحركة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    دعاية السجون المصرية بين التجميل والتزييف.. ودور النخب بكشف الحقيقة    طريقة عمل الجاتوه شاتوه، للمناسبات الخاصة وبأقل التكاليف    موعد مباراة برشلونة ضد ريال مدريد في الدوري الاسباني والقنوات الناقلة    اليوم.. نظر محاكمة المتهمين بقضية خلية النزهة الإرهابية    هل تصح طهارة وصلاة العامل في محطة البنزين؟.. دار الإفتاء تجيب    سعر طبق البيض اليوم الأحد 11 مايو    تحاليل دورية للأطفال المصابين بمرض السكر للكشف المبكر عن المضاعفات    حظك اليوم الأحد 11 مايو وتوقعات الأبراج    استقالة مستشار الأمن القومى السويدى بعد يوم من تعيينه بسبب صور فاضحة    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    مع استئناف جلسات «قانون الايجار القديم»: خبير عقاري يشرح فوائد إعادة فتح الشقق المغلقة    تشكيل ليفربول المتوقع ضد آرسنال اليوم.. موقف محمد صلاح    ترامب: أحرزنا تقدمًا في المحادثات مع الصين ونتجه نحو "إعادة ضبط شاملة" للعلاقات    لأول مرة.. نانسي عجرم تلتقي جمهورها في إندونيسيا 5 نوفمبر المقبل    اليوم.. انطلاق التقييمات المبدئية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    إخلاء سبيل ضحية النمر المفترس بالسيرك بطنطا في بلاغ تعرضه للسرقة    صنع الله إبراهيم يمر بأزمة صحية.. والمثقفون يطالبون برعاية عاجلة    قمة الدوري الإسباني.. قائمة ريال مدريد لمواجهة برشلونة في الكلاسيكو    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    بالتردد.. تعرف على مواعيد وقنوات عرض مسلسل «المدينة البعيدة» الحلقة 25    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تامر أمين بعد انخفاض عددها بشكل كبير: الحمير راحت فين؟ (فيديو)    هاني رمزي: من المبكر تقييم النحاس مع الأهلي.. وأتوقع فوز بيراميدز على الزمالك    بوتين: أوكرانيا حاولت ترهيب القادة القادمين لموسكو لحضور احتفالات يوم النصر    ورثة محمود عبد العزيز يصدرون بيانًا تفصيليًا بشأن النزاع القانوني مع بوسي شلبي    سالم: ما يقوم به الزمالك مع زيزو هو نموذج للإحترافية والاحترام    انطلاق النسخة الثانية من دوري الشركات بمشاركة 24 فريقًا باستاد القاهرة الدولي    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حريق مطعم مصر الجديدة    إخلاء عقار من 5 طوابق فى طوخ بعد ظهور شروخ وتصدعات    محاكمة متهمين بقتل طالب داخل مشاجرة بالزيتون| اليوم    حكام مباريات الأحد في الجولة السادسة من المرحلة النهائية للدوري المصري    محافظة سوهاج تكشف حقيقة تعيين سائق نائباً لرئيس مركز    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي وطريقة استخراجها مستعجل من المنزل    في أهمية صناعة الناخب ومحاولة إنتاجه من أجل استقرار واستمرار الوطن    أمانة العضوية المركزية ب"مستقبل وطن" تعقد اجتماعا تنظيميا مع أمنائها في المحافظات وتكرم 8 حققت المستهدف التنظيمي    وزيرة التضامن ترد على مقولة «الحكومة مش شايفانا»: لدينا قاعدة بيانات تضم 17 مليون أسرة    ضع راحتك في المقدمة وابتعد عن العشوائية.. حظ برج الجدي اليوم 11 مايو    «عشان تناموا وضميركم مرتاح».. عمرو أديب يوجه رسالة إلى أبناء محمود عبدالعزيز    أبرزها الإجهاد والتوتر في بيئة العمل.. أسباب زيادة أمراض القلب والذبحة الصدرية عند الشباب    تبدأ قبلها بأسابيع وتجاهلها يقلل فرص نجاتك.. علامات مبكرة ل الأزمة القلبية (انتبه لها!)    منها «الشيكولاتة ومخلل الكرنب».. 6 أطعمة سيئة مفيدة للأمعاء    رئيس جامعة الأزهر: السعي بين الصفا والمروة فريضة راسخة    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جاموسة.. صابر!
نشر في أخبار اليوم يوم 01 - 08 - 2015

بيد ان للاهمال وجهاً اخر يتعين علينا الاشارة إليه.. وهو غياب الرقابة الحاسمة التي تعد بمثابة الوقاية الناجعة للاهمال.. وهو ما نراه في الدول الراقية التي يندر فيها وقوع الكوارث التي نشهدها
كلما أطل علينا حادث مروع.. تنتفض له القلوب.. وتتهدل لهوله الشفاه.. وتشخص لبشاعته الاحداق والعيون.. وتخرج علينا الصحف بصور القتلي والضحايا.. وأنباء التعويضات التي تدفعها الحكومة للأهالي والتي تصل إلي 20 ألف جنيه تعويضا عن كل ضحية.. وتتباري الصحف في متابعة التحقيقات التي تسفر في كل مرة عن سبب عجيب.. لا يخطر علي البال.
فإذا كانت الكارثة التي يروح ضحيتها العشرات.. أثناد عبور احد المزلقانات واصطدم بهم قطار جامح.. قيل لنا ان السبب هو جاموسة صابر التي كانت تعبر المزلقان وحدها.. ومن وراء ظهر صابر مما أدي إلي وقوع الحادث البشع..
وإذا كانت الكارثة بسبب اصطدام صندل تابع للشركة الوطنية للملاحة.. بمركب نيلي متهالك وعلي متنه 60 شخصا في منطقة الوراق.. قيل لنا ان المركب المتهالك بحمولته لم يكن يحمل ترخيصا، وقيل لنا ان سائق الصندل اطلق اشارات ضوئية وكلاكسات ولكن سائق المركب لم يسمعها.. بسبب ارتفاع أصوات الموسيقي والاغاني الشعبية الصادرة عن المركب النيلي الذي كان يقل الضحايا.. بما يعني ان سائق المركب النيلي قام بدور جاموسة صابر.. وانه لم يكن يحمل ترخيصا من الحكومة يسمح له بنقل البسطاء الذين يطوون البر والبحر.. وكأنهم يسيرون فوق الماء.
وإذا كانت الكارثة تتعلق بحريق مهول يندلع في مصنع للاثاث بمدينة العبور يقام علي مساحة 1500 متر مربع قيل لنا ان السبب هو قيام بعض العمال بنقل اسطوانات بوتاجاز في مصعد المصنع إلي الادوار العليا.. فاشتعلت النيران في احدي الاسطوانات مما أدي لانفجارها.. وامتدت النيران إلي باقي اجزاء المصنع بسرعة جنود سيدنا سليمان.
وهكذا قامت انبوبة البوتاجاز بدور جاموسة صابر.. ولم يعد من المعقول تقديم الانبوبة للمحاكمة.. لان ذلك لا يستقيم مع عصر لا تحاكم فيه انابيب البوتاجاز.. بعد مصرع 25 عاملا كانوا يبحثون عن الرزق في سوق العبور.
والأمثلة لا تقع تحت حصر.. كوارث كبري.. ضاعت في زحام ثقافة رائجة.. وهي التشخيص الخاطئ لامراضنا الاجتماعية المستشرية منذ عقود طويلة.. وهي الثقافة التي أدت لتفاقم ظاهرة الاهمال والتراخي.. وإلي تراجع ثقافة الجدية في حل المشاكل وتفادي تكرار الكوارث التي نعالجها في كل مرة بالدهانات تارة.. وبجاموسة صابر تارة اخري.
السخيف في الموضوع ان البحث عن كبش فداء كلما واجهتنا الكوارث الكبري.. كان السبب في ان تاريخنا الحقيقي الذي يمكن ان تتعلم منه الاجيال القادمة لم يكتب بعد.. وشابه الكثير من التزوير والتدليس والكذب والنفاق.. لاننا القينا التهمة في كل نكسة.. أو كارثة إلي جاموسة صابر!

وعندما نتأمل الأسباب الحقيقية للكوارث الكبري التي نشهدها بين الحين والاخر.. نجد ان السبب الرئيسي لكل منها هو الاهمال الذي استشري بشكل كبير.. وأصبح من أمراضنا المتوطنة علي نحو ما عانيناه من البلهارسيا.. لاجيال واجيال.. وكان المهندس إبراهيم محلب علي حق.. عندما قال ان الاهمال.. هو آفتنا الكبري.
بيد ان للاهمال وجهاً اخر يتعين علينا الاشارة إليه.. وهو غياب الرقابة الحاسمة التي تعد بمثابة الوقاية الناجعة للاهمال.. وهو ما نراه في الدول الراقية التي يندر فيها وقوع الكوارث التي نشهدها.. وتشد انتباهنا.. وتثير الاحزان ثم تتراجع تدريجيا إلي ان تلقي مصيرها في غياهب النسيان.
الرقابة الرسمية.. من جانب السلطات المسئولة.. وعلي مدار الساعة.. هي السلاح الفعال لمواجهة الظواهر السلبية.. قبل ان تتفاقم.. وتتحول إلي أمر واقع.. يفرض نفسه.. وتعجز الحكومات المتعاقبة علي تغييره.. لان الكوارث الكبري.. تبدأ من المخالفات أو عدم وجود تراخيص.. أو من فرط اعتيادها وارتكابها لمدة طويلة تسبق الكارثة المهولة.. ولذلك تقع المفاجأة الكبري علي رأس المتسبب في الكارثة.. عندما تصل إلي علمه بعد الحادث.. ان الممارسات التي ارتكبها لسنوات وسنوات مع العشرات من أمثاله.. انها كانت مخالفة للقوانين واللوائح.. وان المركب النيلي الذي يتحرك فوق سطح المياه السداح المداح يحتاج إلي ترخيص.. في الوقت الذي يزدحم فيه مجري النهر الخالد بالمئات من امثاله.. ولم يتعرض لهم مسئول واحد لعشرات السنين.. يسأل عن الرخصة.
واللافت للانتباه ان حوادث سرقة مهمات السكك الحديدية تصل إلي ما يزيد علي 63 مليون جنيه كل سنة.. علاوة علي سرقة 22٪ من العلامات المرورية علي الطرق السريعة.. والتي تباع كخردة لغياب الرقابة من ناحية.. ولان العقوبات ليست رادعة.. علاوة علي انه لا يوجد تشريع في بلدنا يجرم هذه السرقات.. باعتبارها من المال السايب.
وعندما نتابع كارثة المركب النيلي.. الذي غرق في منطقة الوراق نجد ان آلاف المراكب من امثاله تنقل عشرات الآلاف من البسطاء.. كل يوم.. وكل ساعة.. وكل ثانية.. ويشاهدها الملايين من المواطنين.. ويقاسي ويلاتها سكان المناطق الراقية.. وفي منطقة ماسبيرو علي وجه التحديد.. ومع ذلك فهي لم تلفت انتباه أي مسئول.. رغم ما تنشره الصحف بين الحين والاخر.. من شكاوي السكان الذين يسقطون ضحايا التلوث بكل ألوانه واشكاله.
والسخيف في الموضوع ان الكوارث مستمرة والرقابة الرسمية غائبة والعقوبات ليست رادعة.. والضحية في كل مرة.. اسمها:
جاموسة صابر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.