المصلحة العامة أهم من المصالح والمنافع الخاصة مهما كان حجم اصحابها وضخامة نفوذ رموزها. لذا توقفت كثيرا امام هجمة بعض كبار رجال الاعمال.. واعتراضهم علي اختيار الضبعة مكانا للمحطة النووية.. رغم انها كانت معدة اصلا ومنذ سنوات طويلة لتكون موقعا للمحطة.. بعد ان اختاره علماء بارزون ومكاتب استشارية عالمية كأفضل موقع لمحطة المستقبل الكهربائي لمصر! ربما أكثر ما أغضبني من الاصوات المعارضة كان موقف ورأي الصديق الدكتور ابراهيم كامل السياسي الوطني الذي قال لي يوما عندما سألته عن صحة ما يتردد بشأن ترشيحه لمنصب وزاري عال.. انه من الصعب قبوله المنصب، لأن ذلك يحتم عليه ان يغلق مصانعه وانشطته التجارية طوال فترة مشاركته في اعمال الوزارة.. وذلك من منطلق احترامه لنصوص الدستور التي تمنع وتحظر علي الوزير ان يمارس أي اعمال استثمارية خاصة به.. ويمكن ان ترتبط بعلاقة ما مع الدولة.. وذلك طوال فترة توليه المنصب الوزاري.. يومها زاد تقديري لشخص الدكتور استاذ الجامعة الذي يحترم نفسه ويقدس دستور بلدنا. لكن يبدو ان اليوم غير الأمس تغيرت الظروف والاحوال.. ودخلت المصالح الخاصة في صراع مع المصلحة العامة.. وبعد ان كان الصراع بينهما يجري وراء الستار اصبح علنا وأمام الكافة والعامة! خرج علينا الدكتور ابراهيم كامل بتصريحات ساخنة مهاجما اختيار موقع الضبعة لإقامة المحطة النووية عليه.. مطالبا باستغلاله سياحيا.. وتوفير مكان آخر لانشاء المحطة عليه.. لأن ارض الضبعة من وجهة نظره تساوي مائة مليار جنيه.. يعني قيمة الارض المادية أكبر من انشاء محطة نووية لإنتاج الكهرباء..! الدكتور سامحه الله اتهم كل من يقول غير كلامه بأنه شخص مهرج.. ولا يفهم شيئا! موقف رجال الاعمال الرافض لبناء المحطة النووية في منطقة الضبعة.. سببه انهم يملكون مشروعات استثمارية وسياحية ضخمة بجوارها.. ويطمعون في الاستحواذ عليها استكمالا لمشروعاتهم الاستثمارية المستقبلية علي سواحل البحر الابيض المتوسط.! هذا الموقف اثار غضب واحتجاج خبراء الطاقة النووية وعلمائها الكبار كالدكتور محمد القللي رئيس هيئة الطاقة الذرية.. ومعه الدكتور ابراهيم العسيري كبير المفتشين السابق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والمستشار الفني للهيئة.. فأكدا لنا ان الموقع ملك المشروع بقرار جمهوري صادر منذ عام 1891.. وتم اختياره نتيجة دراسات شاركت فيها جهات استشارية دولية.. وانفقت الدولة عليها نصف مليار جنيه.. وكان هذا الموقع من بين 32 موقعا خضعت للدراسة علي مستوي الجمهورية.. وثبت ان الضبعة هو الافضل.. واصبح الان مصنفا كأحسن مواقع المحطات النووية علي مستوي العالم طبقا لتصنيف الوكالة الدولية.. وليس مصر..!! التغيير والانتقال معناه إهدار الاموال التي انفقتها الدولة.. وتأخير المشروع خمس سنوات اخري للدراسة والترخيص ثم التجهيز والاعداد.. عدا تحمل الميزانية العامة حوالي 51 مليار جنيه تكاليف كل هذا بالاضافة إلي الاستمرار في استنزاف البترول والغاز في توليد الكهرباء! بعيدا عن الخلاف المحتدم بين اصحاب المصالح الخاصة.. وبين العلماء من حراس المصلحة العامة فإن هناك استياءا عاما من الحرب التي يشنها البعض ضد مشروع المحطة النووية.. التي ضاعت منا فرصة بنائها منذ عشرين عاما حيث كانت تكلفتها في ذلك الوقت لن تتعدي 01٪ من التكلفة الحالية! لهذا لا يصح ان تكون مصر بلد الفرص الضائعة.. لأن الطاقة النووية اصبحت ضرورة حتمية لابد ان نسعي لتأمينها وتوفيرها بكل الوسائل خاصة بعد أزمة الكهرباء الحالية. يبقي علي السياحة واستثماراتها الممتدة علي طول سواحلنا.. ان ترحل عن الضبعة.. وتتركها لحراس الطاقة الحريصين علي المصلحة العامة لوطن لم يعد يملك وقتا لإضاعة فرص أخري.. وإلا سنجد الظلام يعم بلدنا!!