تنتظر صدور قرار من المشيخة بمراجعة دقيقة لجميع كتب التراث الديني وتطهيرها من التفسيرات المغلوطة للقرآن والأحاديث المزورة التي تم دسها علي الرسول صلي الله عليه وسلم وقد قلت ذلك من قبل ومع ذلك فسوف أشرح مجددا وجهة نظري في هذا الموضوع زيادة في الإيضاح لعدد من القراء الذين يصدقون مسألة الناسخ والمنسوخ مستدلين بالآيتين الكريمتين «ما ننسخ من آية أو ننسها» و«إذا بدلنا آية مكان آية قالوا إنما أنت مفتر».. ولكني بداية أحب أن أعرب عن سعادتي بحجم التجاوب الذي لم أكن أتوقعه والذي حظي به مقالي السابق من عدد كبير من القراء الأعزاء والذي كان بعنوان : «والإرهاب في هذه الكتب أيضا يا شيخ الأزهر».. فقد تلقي بريدي الإلكتروني العديد من الرسائل التي يعرب أصحابها فيها عن اقتناعهم الكامل بما كتبته مطالبين معي فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بالقيام بمبادرة فعلية لمواجهة الإرهاب علي أرض الواقع وعدم الاكتفاء بالشجب والإنكار، حيث أن ملايين المسلمين في مصر والعالم الإسلامي تنتظر صدور قرار من المشيخة بمراجعة دقيقة لجميع كتب التراث الديني وتطهيرها من التفسيرات المغلوطة للقرآن الكريم والأحاديث المزورة التي تم دسها علي الرسول صلي الله عليه وسلم، حيث إن هذه الكتب الملعونة هي منبع الإرهاب وهي الأب الشرعي لداعش وأخواتها، وهي التي شوهت الإسلام في العالم أجمع ولطخت وجهه الجميل والمتسامح بالدم والعار.. أما مسألة الناسخ والمنسوخ والتي تم تلبيسها علي القرآن الكريم فتعود إلي الفهم الخاطيء لدلالات الكلمات القرآنية مما دفع البعض للتوهم بأن القرآن الكريم يحمل شيئا من التناقض، ولكي يجدوا حلا لهذه المعضلة ادعوا جهلا بأن بعض الآيات قد نسخت البعض الآخر وكأن القرآن يأكل بعضه بعضا.. هؤلاء لم يفطنوا إلي أن الآيتين الكريمتين «ما ننسخ من آية أو ننسها» و«إذا بدلنا آية مكان آية قالوا إنما أنت مفتر» المقصود بالآيات فيها الأحكام التي جاءت في الأديان السابقة وتم نسخها بأحكام القرآن، مثال علي ذلك حكم التوبة فقد كان عند اليهود بقتل النفس، ونسخ بالقرآن للإستغفار والعزم بعدم العودة للذنب أبدا، كذلك قبلة الصلاة كانت في الشرائع السابقة إلي المسجد الأقصي وقد اختارها النبي صلي الله عليه وسلم بمحض إرادته عندما أمره الله سبحانه وتعالي بالصلاة ولم يحدد له القبلة، وله حديث شريف يقول فيه ما لم أؤمر فيه أحب موافقة أهل الكتاب، فاختار أن يصلي للمسجد الأقصي حتي أنزل الله قرآنا يحدد القبلة إلي المسجد الحرام.. كذلك عقوبة الزنا كانت الموت رجما في التوراة وقد أخذ بها النبي صلي الله عليه وسلم وكان ذلك قبل نزول سورة النور، فأراد موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل به الوحي، ثم نزلت بعد ذلك سورة النور التي ألغت الرجم وحددت العقوبة بمائة جلدة سواء كان الفاعل شابا أو شيخا، متزوجا أو غير متزوج، كذلك تحريم الخمر، هم يزعمون أنه جاء تدريجيا واستدلوا بآية «لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري»، بينما الحقيقة أن تحريم الخمر جاء دفعة واحدة من خلال الآيات الأربعة التي وردت فيها كلمة الخمر كانت أولاها في سورة الأعراف وهي مكية ثم في سور البقرة والنساء والمائدة وهي مدنية.. أما الدليل الوهمي الذي يحتجون به (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري) فمعناه وأنتم في حالة سد منافذ الإدراك إما رغبة شديدة في النوم مثلا أو بسبب خوف شديد.. ثم لي سؤال بسيط : من الذين قالوا للنبي (إنما أنت مفتر) المسلمون أم أهل الكتاب الذين نسخ الله أحكامهم السابقة بنزول القرآن؟.. أفيقوا أيها المسلمون.. لقد اخترعت لنا كتب التراث دينا آخر لا علاقة له بالإسلام الحقيقي..