منظومة تخدم 60٪ من الشعب المصري ومسئولة عن صحة جميع أطفال مصر , تحاول أن تؤدي خدماتها بشكل جيد وملموس علي قدر المتاح لها من إمكانيات , ولكنها مثل أي منظومة تفتقر للإمكانيات وتواجه العديد من الاتهامات وعدم الرضا من بعض المستفيدين منها. إنها مستشفيات التأمين الصحي التي يشكو من خدماتها الكثيرون. قامت "الأخبار" بجولة علي أرض الواقع داخل هذه المستشفيات لتقييم الأوضاع فواجهنا الزحام بسبب قلة عدد الاطباء المتخصصين في بعض التخصصات. وقابلنا مرضي حضروا من الصباح الباكر للحجز عند أطباء بعينهم لكنهم لم يأتوا في المواعيد المقررة , وتعرفنا علي أبرز المشاكل التي تواجه المرضي فكانت السطور التالية. "أعاني من الروتين الذي لا يراعي حقوق المرضي ", هذا ما تردد علي لسان كمال إسماعيل " موظف علي المعاش" قائلا : بسبب مرضي الشديد وإجرائي لعملية قلب مفتوح منذ فترة قريبة فكرت في أن أبعث زوجتي لصرف علاجي الذي أقره لي الطبيب , لكنهم يرفضون بشدة فعل ذلك دون مراعاة كبر السن أو الحالة المرضية , ويصرون علي تواجدي بنفسي لكي أتسلمه , بل إن الطبيب يقوم بتغيير العلاج في بعض الأحيان دون داع رغم أن الذي أقره هو الدكتور الاستشاري في التأمين.. ويتنهد متوجعا من آلام جسمه نتيجة إرهاقه في طوابير مرضي التأمين الصحي مؤكدا أن نفس المشكلة تتكرر مع ابنه المعاق الذي قام بتغيير مسار الحالبين ويحتاج إلي صرف العلاج وقطع غيار الجهاز التعويضي بصفة دورية , ورغم صعوبة نقله إلي المستشفي الذي يحتاج إلي مجهود كبير والاتفاق مع عربية مخصوصة بمبلغ وقدره لنقله إلا إنهم يشددون علي ضرورة تواجده.. في حين أنني علي المعاش ودخلي لا يسمح بالانتقال أنا وابني إلي المستشفي كلما نريد بالتاكسي. أول وآخر مرة ويقول عادل مرسي "موظف بهيئة الثروة السمكية " :رغم أنها المرة الأولي لتعاملي مع مستشفي التأمين الصحي إلا أنني قررت أن تكون الأخيرة لأنني عانيت الأمرين للحصول علي خدمة حقيقية , حيث إن عيادة الأسنان التي توجهت إليها تنقسم إلي 5 غرف من المفترض أن يعمل في كل غرفة طبيب , ولكنها تظل بدون أطباء حتي بعد صلاة الظهر رغم أن الحجز لها يكون من الصباح الباكر , كما أن أسهل شئ يقومون بفعله هو خلع الأسنان ولا يفكرون في حل مشكلتها سواء بالحشو أو الجراحة بحجة أن التأمين لا يتيح لنا هذه الخدمات. قلة الأطباء بدورها تشكو فوزية إبراهيم "علي المعاش" من قلة عدد الأطباء الذين يقومون بالكشف علي المرضي مما يزيد من فترة انتظار المرضي وبالتالي زيادة معاناتهم بدلا من التخفيف عنهم نظرا لعدم وجود بديل لديهم إلا انتظار دورهم لإجراء الكشف عليهم. ويؤكد ممدوح محمد شاهين " مدرس" علي عدم إلتزام الأطباء , ويقول إن القسم الباطني الذي توجهت إليه كان من المفترض أن يتواجد فيه 4 أطباء ويتم تبديلهم كل ساعتين في حين أن ما حدث فعليا هو عدم توافر عدد الأطباء الكافي , وحضر ثلاثة منهم فقط علي مدار اليوم مما أدي إلي زيادة التزاحم وإرهاق المرضي والأطباء الذين التزموا بالحضور.. وهو الأمر الذي يجعلني أضطر أحيانا للحضور أكثر من مرة لتوقيع الكشف علي بسبب هذا الزحام. أحوال المرضي ويري علي عبد الواحد " موظف علي المعاش " أن النظام الذي تتبعه مستشفيات التأمين الصحي يفتقد الرأفة بأحوال المرضي والفقراء , ويفسر وجهة نظره قائلا : إنني أتابع علاجي في مستشفي السلام العام , وبسبب عدم توافر قسم للأوعية الدموية بها قاموا بتحويلي إلي مستشفي التأمين الصحي بمدينة نصر , وقطعت مسافة طويلة لكي يتم الكشف علي, ونتيجة عدم معرفتي للمواعيد المخصصة للكشف وصلت بعد المواعيد بعشر دقائق , فاعتذرت السيدة الإدارية المختصة بقبول الحالات رغم إأنني كبير في السن وواضح علي المرض بصورة كبيرة , وظللت أترجي فيها لأنني لا أستطيع قطع هذه المسافة مرة أخري ولكنها رفضت وأصرت علي أن أحضر يوما آخر في الموعد المخصص. الفقير مظلوم "الفقير والضعيف في هذا البلد يموت ولا يستطيع الحصول علي أدني حقوقه ". هذا ما ردده محمد محمود " سائق ". ويوضح : لقد عانيت كثيرا لكي أجد لبنت أخي وهي طفلة حديثة الولادة حضانة ليتم وضعها فيها , وذهبت إلي كل مستشفيات التأمين الصحي والحكومة , وكنت أذهب إلي كل مستشفي ولدي بصيص من الأمل لإنقاذ الطفلة ولكنني أجد نفس الإجابة كل مرة بأنه لا يوجد مكان لها , وهناك بعض المستشفيات التي أعطتنا القليل من الاهتمام وطلبت مني ترك العنوان ورقم التليفون للاتصال بي في حالة خلو أي حضانة إلي أن وجدنا حضانة مؤخرا في أحد المستشفيات الخيرية.. ويضيف : تجربتي هذه أكدت لي أن كل التصريحات التي يخرج بها وزير الصحة مؤكدا فيها شراء أجهزة جديدة وتحسين الخدمات والرعاية داخل المستشفيات الحكومية والتأمين الصحي عبارة عن كلام براق فقط.. ويؤكد محمد من واقع تجربته مع أحد أقاربه علي صعوبة دخول أي مستشفي إلا بعد جلب المريض لأحد الأشخاص ليتبرع له بالدم أو عن طريق المحسوبية التي ما زلنا نتعامل بها حتي الآن في كل الجهات. ضيق الحال أما يسرية محمد " موظفة علي المعاش " فتقول إن زوجها يعاني من مرض القلب ويذهب لأحد الأطباء في عيادته الخاصة, وقد كتب له مجموعة من الأدوية , وتواصل : عندما ذهبنا لطبيب التأمين حتي يقرر له العلاج , رفض وقال لابد أن يكون المريض قد أجري عملية قسطرة في مستشفي التأمين الصحي لكي يتم صرف هذه الأدوية له , وبعد محاولاتنا التي فشلت قمنا باقتراض النقود لشراء العلاج بسبب ارتفاع تكلفته , وتطرح سؤالها : إلي متي سنظل نشتري الدواء علي حسابنا الخاص مع ضيق الحال علي الرغم أنه من المفترض أن يعالج تحت مظلة التأمين الصحي ؟ وتتطرق يسرية إلي مشكلة عدم وجود العناية الكافية في طوارئ مستشفي التأمين الصحي حيث يقومون بترك المرضي لفترة طويلة داخل الطوارئ دون مباشرتهم علي الرغم أن المريض الذي يلجأ للطوارئ يعاني من حالة حرجة لا تتحمل هذا الإهمال. الكشف بالسمع وتقول عزة أحمد " ربة منزل " إن أطباء التأمين لا يقومون بالكشف علي المريض وفحصه جيدا, بل يكتفون بسماع شكواه فقط ويعطونه الدواء علي أساسها دون أي كشف كما أن بعضهم يقوم بكتابة أي تحاليل نطلبها كأنه يتفضل علي المريض بفعل ذلك , وكأنها ليست من حقوقه.. وتري أن الرسوم التي تم إقرارها مجددا علي كل كشف أو تحاليل أو أشعات قد لا يستطيع البعض دفعها نظرا لضيق الأحوال بعد ارتفاع الأسعار , كما أن معظم من يأتون للتأمين الصحي يكونون علي المعاش أو من الطبقة الفقيرة. قوائم انتظار وتشكو أم نورهان " مدرسة " من بعد فترة حجز الأشعات خاصة المقطعية والتليفزيونية , حيث تصل فترة الحجز إلي شهر , وهي الفترة التي قد يحدث فيها العديد من التطورات لحالة المريض , وتقول : إذا حدثت أي ظروف للمريض لن يستطيع الحضور في موعد الحجز بسببها يتم تأجيله شهرا آخر بدون أي مرونة أو أخذ أي ظروف طارئة حدثت له في الاعتبار.. وللأسف يضطر المرضي إلي الانتظار لعدم قدرتهم علي إجراء الأشعات في المعامل الخاصة نظرا لارتفاع أسعارها. نقص الأدوية وتؤكد أحلام السيد " موظفة " أن أبرز المشاكل التي تقابلها في التأمين الصحي تتمثل في عدم مراجعة الأدوية بدقة من صيدليات المستشفي , حيث تحصل علي دوائها غير كامل في معظم الأحيان , وتقول : لا أعلم إذا كان هذا خطأ عاديا أم متعمدا خاصة أنه تكرر أكثر من مرة , ولكنني أحاول تفادي هذا الخطأ بأن أراجع صورة " الروشتة " مع العلاج ولكن معظم صور الروشتات تكون الكتابة فيها غير واضحة فلا أستطيع مراجعتها جيدا. الهيئة ترد قامت "الأخبار" بمواجهة الدكتور علي حجازي رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي بمشاكل المواطنين التي قابلتها. حيث أوضح أن مشكلة إجبار المرضي علي الحضور لتكرار العلاج ناتجة عن فهم خاطئ من الموظف المختص , لأن أسلوب تكرار العلاج تم عمله من الأساس لتسهيل الأمور علي المرضي خاصة أصحاب الأمراض المزمنة بدلا من حضورهم شهريا والانتظار فترة طويلة لإجراء الكشف عليهم , ويتم التكرار لمدة ستة أشهر بدون تواجد المريض خاصة من بلغوا سن المعاش بشرط إحضار الكارنيه والروشته فقط, ولكن يفضل حضور المريض مرة بعد مرة للاطمئنان علي استقرار حالته , أما بالنسبة لعدم التزام الأطباء بمواعيدهم فيوضح الدكتور علي أن هناك نوعين من الأطباء منهم المعينون أو أساتذة الجامعة الذين يتم التعاقد معهم ويعد النوع الأول منهم أكثر التزاما , أما الثاني فبعضهم غير ملتزم بشكل كامل بسبب انشغالهم أو لظروف طارئة ويتم التشديد عليهم وإذا تكرر عدم الانضباط في المواعيد يتم فسخ عقدهم , ولكن في حالة إقبال المرضي علي أحدهم نتيجة تميزه فإننا نحاول الحفاظ عليه. وبخصوص عدم الرأفة بالمرضي المحولين نتيجة تأخرهم علي الموعد فيبرر ذلك بأن عيادة التحويلات تعاني من الزحام الكبير لأنها تستقبل المرضي من كافة المحافظات ويكون الأطباء المتواجدون فيها من الاستشاريين الذين يحاولون الكشف علي أكبر عدد من المرضي , كما يوضح أن ادعاء البعض بعدم تغطية التأمين أي شئ في علاج الأسنان بخلاف الخلع مجرد ادعاء كاذب لأن التأمين الصحي يكفل كل شئ في علاج الأسنان فيما عدا التقويم لأنه تجميلي. وأقر بأن مشكلة توافر حضانات الأطفال وأسرة الرعاية المركزة منتشرة علي مستوي الجمهورية , مضيفا أنه نظرا لمسئولية التأمين عن أطفال مصر كلها فقد تعاقدنا مع عدد من الحضانات خارج مستشفيات التأمين ولا نتواني لحظة في البحث عن حضانة أو رعاية مركزة لأي مريض , وفي حالة شغل جميع الحضانات يقوم المريض بالذهاب إلي حضانة ونقوم بدفع التكلفة. من جانبها تري الدكتورة منال عرفة مدير المكتب الفني لرئيس الهيئة أن اتهام البعض بالتقصير والإهمال في طوارئ التأمين أو عدم الموافقة علي دخول المرضي إلي المستشفي بشرط التبرع بالدم عار تماما من الصحة , لأن الطوارئ تكون مليئة بالحالات الصعبة التي يجب إنقاذها ويعطي الطبيب لكل منها الأولوية علي حسب خطورتها , أما المريض الذي يحتجز في المستشفي فلا يطلب منه أي شئ. جزاءات للمقصرين واعترفت بمشكلة عدم توقيع الكشف علي المرضي وسماع شكواهم شفهيا التي يقوم بها بعض الأطباء وأكدت أنه تم التنبيه عليهم ومجازاة من يتم الشكوي منهم بخصوص ذلك ويثبت عليه التقصير بتوقيع خصم عليه , وفي حالة تكرار الشكوي يتم نقله من مكانه. أما عن الاتهامات التي توجه لعلاج التأمين الصحي والمادة الفعالة التي يحتويها وأخطاء بعض مسئولي صيدليات مستشفيات التأمين وصرف ادوية غير كاملة فتقول إن الدواء الذي يعطي للمرضي هو دواء تم توفيره بمناقصة وزارة الصحة وتم إجراء مجموعة من الاختبارات والتحاليل علي المادة الفعالة به وثبت أنها بنفس قوة المادة الفعالة المتواجدة في أدوية الصيدليات, كما أن الهيئة تواجه هذا الإهمال بإجراء حملات تفتيش بصفة مستمرة ويتم التشديد علي المقصرين ومجازاتهم. وأخيرا توضح أن صرف العلاج للمرضي يتم طبقا لبروتوكولات محددة أي أن كل مريض يتم صرف أدوية محددة له ولا يمكن إعطاؤه غيرها إلا في حالة المعاناة من مرض آخر , وتؤكد أن الأطباء يكتبون التحاليل والفحوصات للمرضي الذين يحتاجون لها فعليا بدون تردد لأن كتابتها لمن لا يحتاجها يعد إهدارا لحق وأموال المرضي الآخرين , خاصة أن مشكلة التأمين الأساسية تكمن في ضعف الاشتراكات حيث يبلغ اشتراك الطالب أربعة جنيهات سنويا والموظف يخصم منه 5. ٪ من أساسي راتبه في السنة طبقا لقانون 32 لسنة 75 بجانب الرسوم الإدارية البسيطة التي يتم تحصيلها من بعض المرضي, كما أننا لا نحصل علي أي مبالغ من الموازنة العامة للدولة , وفي المقابل يقدم التأمين خدماته إلي 60 ٪ من الشعب المصري بأقصي جهد ويحاول دائما تقديم خدمات جديدة تفيد المرضي مثل الدعامة الذكية وعلاج مرضي ال" MS " بأدوية إنزال الحديد التي وصلت تكلفتها 19 مليون جنيه بالإضافة إلي أنه تم افتتاح مراكز قساطر جديدة ويتم قبول وعلاج كل مرضي الأورام , هذا بجانب التطوير الذي يتم تنفيذه في عدد كبير من المستشفيات والعيادات وشراء أحدث أجهزة الأشاعات المقطعية في مختلف الفروع.. وأضافت أن الهيئة تحرص علي تكثيف حملات التفتيش علي العيادات والمستشفيات بصفة دائمة لإحكام الرقابة عليها وضبط أي مخالفات خاصة بهم لتقديم الخدمات في أفضل صورة للمريض.