برغم أن التأمين الصحي يمثل طوق النجاة لعدد كبير من المرضي الذين يندرجون تحت خط الفقر, فإنه صداع في رأس الحكومة, وفي الوقت نفسه رحلة عذاب يتحملها كل مريض محتاج لا يقدر علي العلاج الخاص. مما يقتضي إصلاح هذا النظام, بداية من العرض علي طبيب التأمين الإخصائي الذي قد لا يكلف نفسه عناء الكشف الطبي مما يترتب عليه التشخيص الخاطيء وسوء المعاملة والاهمال وانتهاء بصرف الأدوية غير الفعالة من واقع قوائم مفروضة علي مرضي التأمين! بداية, من نماذج شكاوي مرضي التأمين الصحي علي أرض الواقع, تقول ميرفت عدلي( موظفة بالقليوبية) إن تقديم الخدمة الصحية من خلال التأمين الصحي أمر مجد وضروري, خاصة لفئة الكادحين والموظفين غير القادرين علي علاج أنفسهم من دخولهم البسيطة المتواضعة, فهي تؤكد المعاناة ورحلة العذاب التي تخوضها في العلاج بالتأمين الصحي, وذلك عندما شعرت بآلام في القلب عند بذل أقل مجهود فتوجهت لمستشفي التأمين الصحي بالقليوبية في الساعة الثامنة صباحا حتي تأخذ دورها, ويحضر الاخصائي أو الطبيب الذي استمع لشكواها دون كشف أو فحص وأحالها الي استشاري القلب الذي قام بدوره بتوجيهها علي الفور لإجراء رسم قلب عادي وبعدها قرر لها أنها سليمة ولا يوجد بها شيء ولم يصرف لها أي علاج وطلب منها الانصراف وكانت الساعة الثالثة ظهرا, أي أنها قضت7 ساعات بلا فائدة فتوجهت في نفس اليوم الي طبيب خاص اخصائي قلب وقام بعمل الفحوصات وأكد أنها تعاني من ضعف وقصور في عضلة القلب لا يظهر بالرسم العادي ووصف لها علاجا حسن من حالتها الصحية علي نفقتها الخاصة خارج التأمين الصحي, وتتساءل: لماذا لا يكون العلاج في التأمين مثل العلاج الخاص؟! ولماذا لم يكلف الطبيب نفسه عناء الكشف الطبي وعمل الفحوصات اللازمة لوصف العلاج الصحيح للتمريض؟! التصدي للإهمال يري أحمد فهمي وكيل أول وزارة بالمعاش ويعالج علي نفقة التأمين الصحي أن التأمين خدمة ممتازة من الحكومة ولكنها تحتاج لإصلاح واهتمام وجهد, فقد أصبت بنزيف بالمخ وكان التأمين الصحي هو المنقذ الوحيد لي لانني بالمعاش انا وزوجتي وليس لدي قدرة مادية للعلاج الخاص, فقام التأمين بعمل عملية جراحية لي وكانت ناجحة حيث أنقذني من الموت, وذلك منذ نحو7 سنوات وبعد خروجي من المستشفي ووصف العلاج الشهري وصرفه لي كل شهر أذهب الي التأمين للعرض علي الطبيب الذي يصرف لي الدواء ولم يتغير منذ7 سنوات حتي الآن, ولم يطلب مني أي أشعة أو تحاليل أو فحوصات أو حتي يكلف نفسه بالكشف علي وكل ما يحدث هو سؤالي: انت عاوز إيه فأعطي له روشتة الدكتور المعالج منذ7 سنوات فيدونها في البطاقة ويصرف لي الدواء, ولم يغير الدواء أي طبيب يتم عرضي عليه برغم أنه قد يكون هناك أدوية أكثر فاعلية أو أدوية لا تناسبني حاليا ولكن ليس لي سوي صرف العلاج وتناوله! أدوية غير فعالة تؤكد طبيبة بالمعاش( رفضت ذكر اسمها وتعالج علي نفقة التأمين الصحي) ضرورة تغيير بدائل الأدوية الموجودة بالتأمين, فالأدوية بالتأمين الصحي ما هي إلا بدائل لأدوية غير فعالة فهي من الصين وجنوب شرق آسيا وليس علي نفس المستوي ونسبة الفاعلية للأدوية الأصلية الحقيقية وللأسف الشديد تعتمدها الصحة باعتبارها حاصلة علي موافقة ومعتمدة من المنظمات العالمية للأدوية مثل منظمةFDA( منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية) والمهم أنها بأسعار تناسب التأمين الصحي ومرضي التأمين بصرف النظر عن مدي فاعليتها وصلاحيتها للعلاج من عدمه, حيث تتراوح أسعار أدوية التأمين بين3 و6 جنيهات وأحيانا تعطي أشرطة دون عبوات وقد تكون حفنة من الأقراص داخل كيس بلاستيك. وتضيف أن التأمين الصحي لا يغطي كل الأمراض وبعض الأمراض لا ينفق عليها بالكامل من التأمين مثل مرض السرطان والقلب المفتوح بجانب قوائم انتظار لا نهاية لها وحتي مرضي غسيل الفشل الكلوي الذين لا يجدون مراكز كافية لعلاجهم. الإصلاح لا الإلغاء سيدة تبلغ من العمر55 سنة بدون عائل وتحصل علي معاش التأمين الاجتماعي عن زوجها المتوفي(150 جنيها) وقد سقطت علي الأرض فأصيبت بكسر وشروخ بالساق والفخذ الأيمن وتوجه بها الجيران الي مستشفي التأمين الصحي فرفض الطبيب تحويلها للجراحة وقرر أنها تعاني من هشاشة عظام دون فحص ومقياس أو كشف خارجي فنصحها البعض بالتوجه الي عيادة نفس الطبيب خارج المستشفي وتم دفع كشف بعيادته الخاصة فقرر لها تحويلا الي مستشفي النيل بشبرا لإجراء الفحوصات والعمليات اللازمة حيث تبين أنها تحتاج لشرائح ومسامير وتم علاجها علي أكمل وجه بمستشفي النيل للتأمين الصحي. تقول السيدة انها تضطر الي استئجار سيارة اسعاف لنقلها الي المستشفي للعرض علي الطبيب المعالج بمبلغ50 جنيها, بالاضافة الي20 جنيها للعاملين الذين يحملونها لغرفة الطبيب وهذا يرهقها ماديا ويرهق ذوي القلوب الرحيمة الذين يتبرعون لها بتكاليف نقلها, وتتساءل: لماذا لا يكون هناك خدمة انتقال طبيب التأمين الصحي للمريض الذي يصعب حمله وتوصيله إليه مقابل رسوم رمزية, الجميع إذن يري بقاء تقديم الخدمة الصحية من خلال التأمين الصحي ولكن بمزيد من الاهتمام وحسن المعاملة ووصف علاج أصلي وليس بديلا والتنظيم الإداري داخل التأمين الصحي من أجل رحمة المرضي من ساعات الانتظار الطويلة, فالمطلوب التحسن لا الإلغاء رأفة بالأسر الفقيرة غير القادرة علي العلاج الخاص المكلف.