بعيدا عن البشاعة التي احتواها فيديو عملية إعدام الصحفي الأمريكي «جيمس فولي» علي يد تنظيم شياطين الإنس المسمي ب«داعش»، فإن التسجيل قد احتوي علي رسائل عديدة للخارج وللداخل. فقد نشر التسجيل بعد يوم من وصف الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» ل«داعش» بأنه «ذئب» ينتظر علي «أبواب العراق» حتي تسنح الفرصة للإنقضاض علي ما تبقي من البلد. وقرر التنظيم ان يرد بشكل فوري علي خطاب أوباما حيث قام بإعدام الصحفي علي الفور أو علي الأقل بإذاعة عملية الإعدام المصورة التي قد تكون نفذت بالفعل قبل وقت، مع علمه بردود الفعل السياسية والشعبية المتوقعة في المجتمع الأمريكي علي ذلك. اما من حيث الدلالة، فإن «داعش» ربما تعلم جيدا ان رد الفعل الأمريكي، مهما كان، فهو محدود. فالقضاء علي «داعش» يتطلب من أمريكا فتح جبهتين عسكريتين متزامنتين في سورياوالعراق حيث يتواجد التنظيم، وهو خيار غير مطروح أساسا امام السياسة الأمريكية. كما تعلم «داعش» ان الولاياتالمتحدة لن تستطيع عبر الغارات التي تنفذها القضاء علي التنظيم، والا لكانت نجحت في القضاء علي «طالبان» في أفغانستان وباكستان و»القاعدة» في اليمن والصومال. وبالتالي فقد أرادت «داعش» ان تبقي الولاياتالمتحدة بعيدة عن التدخل في العراق حتي ولو بتوجيه النصح لساسة بغداد. ساعد علي حدة رسالة «شياطين الإنس» في إعدام الصحفي أنها اختارت ان يكون «القاتل» رجلا غربيا، قال خبراء لاحقا انه بريطاني، ربما لإظهار مدي قوتها في اختراق المجتمعات وقدرتها علي تجنيد عناصر أجنبية لن تتمكن الدول الغربية من التضييق علي تحركاتهم كونهم مواطنين بها، وهو أمر يمثل في الواقع «كابوسا» لأجهزة الأمن الغربية التي سيكون عليها التعامل مع عدد هائل من المتطرفين الذين جندتهم «داعش» علي أراضيها. هذا التحدي الذي وجهته «داعش» للخارج هو في ذاته رسالة تحذيرية للداخل الذي ربما أرادت «داعش» تحذيره بأن الاستقواء بالغرب او الاعتماد علي الولاياتالمتحدة لن يجدي وانه ليس أمامه مفر الا التعامل مع الوضع الراهن، اذ ان قدرة الخارج نفسه علي ضبط الوضع الداخلي في العراق باتت أقل من اي وقت مضي.