سكولاري لن تكون مباراة ألمانياوالبرازيل اليوم مجرد مواجهة بين مجموعة هائلة من النجوم الكبار.. وصدام بين قوتين عظميين في عالم كرة القدم لهما تاريخ من الصولات والجولات في بطولات كأس العالم.. وإنما يبرز صراع العقول علي دكة الإدارة الفنية بين يوكيم لوف المدير الفني الألماني، وسكولاري المدير الفني البرازيلي. كل من المدربين الاثنين يملك مواصفات خاصة به وعلاقة قوية مع اللاعبين.. ورؤية فنية وخططية تبدو مختلفة تماما عن الأخري حسب طبيعة المدرسة التي ينتمي لها.. مدرسة برازيلية تعتمد علي الخيال.. ومدرسة ألمانية تعتمد علي الحسابات الدقيقة.. هو صراع من نار سوف يشهده المستطيل الأخضر اليوم! تحبه أو لاتحبه سكولاري.. رجل الألقاب «ومعشوق» النجوم بسبب الضربة القاضية التي تلقاها المنتخب البرازيلي لكرة القدم بإصابة نجمه نيمار بكسر في احدي فقرات الظهر وغيابه حتي نهاية مونديال 2014، يجد مدرب السيليساو لويز فيليبي سكولاري نفسه أمام اختيارات حاسمة حيث يعول عليه 200 مليون برازيلي لإيجاد حل لهذه المشكلة التي تبدو مستعصية. تحب فيليبي أو لا تحبه، أسلوب لعبه، اختياراته، سلوكياته، سوء نيته، ولكن نتائجه رائعة وتتحدث عنه: لقب كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، الدور نصف النهائي لمونديال 2006 مع البرتغال، ودور الاربعة علي الاقل في مونديال 2014، والرقم القياسي في عدد الانتصارات المتتالية في كأس العالم. يقول عنه منتقدوه بأنه عنيد وأسلوب لعبه بسيط، فيما يعشق مؤيدوه قوة شخصيته، وإخلاصه ومثابرته. عنيد، هو كذلك. ففي عام 2002، قاوم الرغبة الشعبية وطلب الرئيس البرازيلي بضم روماريو الي التشكيلة في المونديال الياباني الكوري الجنوبي، بيد أنه أصر علي استبعاده وقاد السيليساو الي اللقب العالمي الخامس في تاريخه. ربما كان فيليبي الوحيد فقط الذي نجح حتي الآن في الصمود أمام الضغوط الهائلة التي يواجهها ولاعبوه في هذا المونديال الذي تستضيفه البلاد. فهو أعاد البرازيل إلي سكة الالقاب بقيادتها الي كأس القارات العام الماضي بعدما توالت خيبات الأمل بقيادة سابقيه كارلوس البرتو بيريرا مساعده الحالي وكارلوس دونجا ومانو مينيزيس. خياراته الواضحة تثير الجدل في بعض الأحيان ولكنه يكون دائما محقا: استبعد بعض النجوم القدامي (رونالدينيو وروبينيو وكاكا)، وجدد الثقة في البعض الآخر (جوليو سيزار وفريد) وشكل منتخبا قويا. مثالان يلخصان عمله ويدلان علي نجاحه الكبير حتي في المونديال الحالي. الاول يتعلق بباولينيو، احد العناصر الاساسية في تشكيلته، والذي ظهر بمستوي متواضع في بداية العرس العالمي وتعرض لانتقادات من وسائل الاعلام. ويقول سكولاري: «لدي ثقة عمياء في باولينيو». اصر سكولاري علي اشراك باولينيو اساسيا في المباراة الثالثة امام الكاميرون قبل ان يستبدله في الشوط الثاني ويجلسه علي مقاعد البدلاء في الدور ثمن النهائي. واعرب فيليبي عن أمله في أن يستعيد لاعبه مستواه، وهو ما كان في الدور ربع النهائي امام كولومبيا عندما اعاده الي التشكيلة الاساسية. الشيء نفسه ينطبق علي دانيال ألفيش. وضع المدرب ثقته العمياء في مدافع برشلونة الاسباني في المباريات الاربع الاولي بيد ان الاخير لم يظهر بمستواه الذي لفت به الانظار قبل عامين. وجرب سكولاري مدافع روما الايطالي مايكون في التدريبات ودفع به أمام كولومبيا في ربع النهائي وكان في المستوي. إذا كان فيليبي يحب ترك الوقت الكافي للاعبيه للتألق، فإنه يعرف كيف يدرب ولا يتردد في القيام بذلك. قبل المباراة امام كولومبيا، كان سكولاري يعرف بأن منتخب بلاده لم يظهر بالمستوي الجيد حتي الآن في البطولة، ولكن مع ذلك ادلي بالعديد من التصريحات تحدث فيها عن اللعب الجميل مشيرا الي انه لن تكون هناك «حرب» ضد الكولومبيين، خلافا للمباريات ضد الأرجنتينوتشيلي والأوروجواي. ولكن علي ارض الملعب، كانت هناك حرب شنها البرازيليون ونجحوا من خلالها في كسر أسلوب اللعب الكولومبي وحدوا من خطورة لاعبيهم. يعرف سكولاري جيدا كيفية منح الثقة الي جميع اللاعبين الذين ينوهون جميعا بمدربهم. وصرح القائد ثياجو سيلفا انه لا يكترث بآراء الناس ما دام يحظي بدعم «القائد». واكد أوسكار ودافيد لويز وجوليو سيزار الامر ذاته. قوة فيليبي هي انه حريص علي معنويات لاعبيه ولم يتأخر في طلب مساعدة الطبيبة النفسانية ريجينا برانداو بعدما كثر الحديث عقب مباراة تشيلي عن بكاء لاعبي السيليساو وفشلهم في التحكم في مشاعرهم، ومرة أخري نجح سكولاري في رهانه. في الوهلة الاولي، تقدم اللاعبون أمام وسائل الاعلام لاضفاء تفسيرات ايجابية علي بكائهم، قبل ان يظهروا قوة الشخصية امام كولومبيا، علي غرار القائد ثياجو سيلفا الذي انهمر بالبكاء أمام تشيلي ولكنه كان مثاليا ضد كولومبيا. بدون شك، يملك سكولاري بطاقات رابحة أخري في جعبته سيستخدمها بالتأكيد لقيادة السيليساو الي المجد مجددا، ولكن تعويض غياب نيمار ليس سهلا بيد ان سكولاري سيستخدم أوراقه حتي الرمق الاخير. يطلب تحكيماً قويا لوقف محاولات تعطيل اللعب لوف.. قدرات خاصة في المرونة والمناورة شهد خبراء المونديال البرازيلي أن يواكيم لوف مدرب المانيا يتمتع هذه المرة بالمرونة الخططية وتغيير الاحداث في الملعب حسب مجريات الاداء ولديه قدرة حديثة علي المناورة وتطوير الجماعية.. وقد تولي مهامه منذ فترة طويلة وحصل علي فرصة كافية لكي يصنع فريقا متمكنا مكتملا في خطوطه.. واستطاع ان يخلق التوازن.. وهو يحذر فقط من التحكيم ويقول انه ينبغي علي الحكم اليوم ان يكون قويا في التعامل مع محاولات تعطيل اللعب. وقال لوف للتلفزيون الألماني: «شاهدت مباراة البرازيل مع كولومبيا وكان هناك عدد لا يحصي من الأخطاء من الفريقين. ارتكب بعض اللاعبين أخطاء بالقفز نحو ظهر لاعبين آخرين لتعطيل اللعب.» وأضاف: «لم يكن اللعب بهدف الاستحواذ علي الكرة بل من أجل تعطيل اللعب وإيقافه.» وقال لوف في مقابلة بمقر المنتخب الألماني: «يتبقي القليل فقط من الأسلوب التقليدي للعب منتخب البرازيل الذي يعتمد علي المهارة العالية التي نعرفها كلنا عنه.» وأضاف: «بكل تأكيد تبقي البرازيل تملك لاعبين جيدين لكنها تلعب بشكل أعنف من أي فريق آخر وتحاول إيقاف هجوم المنافس بهذه الطريقة. في النهاية يتوقف الأمر علي الحكم لاتخاذ العقوبة المناسبة.» ويري لوف أنه حتي إذا أصبحت المباراة عنيفة سيبقي بوسع لاعبي ألمانيا الحفاظ علي أنفسهم. وقال لوف: «هذه البطولة أظهرت أنه لا يوجد أي فريق قادر علي اللعب بشكل رائع وهجومي لأن هناك الكثير من التدخلات العنيفة.. الكرة الممتعة ليست كافية للفوز هنا.» ورغم أن البرازيل تبقي تفكر في كيفية تعويض إصابة نيمار يري لوف أن المنتخب صاحب الأرض سيكون أخطر بدونه. وقال لوف : بدون نيمار ستزداد صعوبة خسارة البرازيل عما إذا كان معها. كنت أفضل وجود هذا اللاعب يوم الثلاثاء. إنه لاعب صاحب موهبة استثنائية لكن الفريق سيحاول تعويض ذلك الآن.» وأضاف أنه واجه موقفاً مشابهاً قبل كأس العالم 2010 عندما أصيب القائد مايكل بالاك وغاب عن البطولة. وبلغت ألمانيا حينها دور الأربعة وخسرت أمام إسبانيا التي أحرزت اللقب بعد ذلك. وقال لوف: «ندرك نحن ما معني خسارة أحد أبرز اللاعبين. ما يحدث أن كل لاعب يحاول أن يرفع مستواه وكل لاعب يتحمل مسؤولية أكبر. البرازيل لن تكون أضعف بدون نيمار.