على أمين ومصطفى أمين الطفلة بطة هي فتاة لم تتجاوز السادسة عشرة من العمر، وإن كانت تحمل أمراضا لا يحملها سوي الشيوخ الذين أفني الدهر أعمارهم وقصمت الحياة ظهورهم.. بطة هذا هو اسمها ودلعها في الوقت نفسه، فليس دلع فاطمة كما تعود المصريين، وانما هو اسم من بيئتها الريفية التي تعيش فيها بإحدي قري محافظة المنيا، بطة إحدي إخوة سبعة لأب فقير وأم قابعة في البيت لتلبية طلبات هذا الجيش التي لا تنتهي في الغالب لا يعمل الأب، وفي القليل يعمل أجيرا في غيطان الجيران وأثرياء القرية مقابل جنيهات لا تقيم صلب هذه الكتيبة من الأبناء التي تطلب الطعام والشراب والملبس ومصروفات الدراسة، وهكذا هي حال الفقراء دائما، فحتي هذه المأساة المرعبة لم تكن ذات بال بالنسبة لوالد بطة الفقير، فكما يقول لا أحد ينام من غير عشاء، والرضا بالرزق القليل قد أصبح فرضا علينا، وإن كانت الأسرة تخشي أن ينهدم عليها منزلها المتهالك المشيد بالطوب اللبن منذ الجد الأكبر لوالد بطة، ولم يعد يحتمل الأمطار ولا الرياح، وتتوقع الأسرة أن ينهدم فوق رأسها في أي لحظة، حتي كانت المعاناة الكبري حين اكتشفت الأسرة أن ابنتها بطة تعاني من لوكيميا أو سرطان الدم وتحتاج إلي متابعات مستمرة وعلاج طويل الأمد، فوجد الأب نفسه في ورطة كبيرة، وآلام مبرحة، لأنه لا يستطيع تخفيف آلام ابنته ولا توفير علاجها، يكتفي بنظراته إليها التي لا تحمل سوي الشوق والألم والدعاء بالشفاء، أما يده فلا تملك ما تقدمه.. فالعين بصيرة واليد قصيرة، وربنا كريم وقادر علي انقاذ هذه الفتاة المسكينة وأسرتها من براثن الفقر والمرض التي لا ترحم الفقراء والمحتاجين، فتزيد معاناتهم ولا تترك لهم فرصة واحدة للحياة.. وكما يقول المصريون ساخرين من أوضاعهم الصعبة.. هناك اناس عايشة.. وناس تحمد ربنا أنها عايشة.. وأسرة بطة من هؤلاء الذين يحمدون الله أنهم لا يزالون يتنفسون وسط ما يعانونه من ضنك الحياة.. وعندما لجأت بطة ووالدها إلي باب لست وحدك طالبين المساعدة، أسهم الباب بثلاثة آلاف جنيه لتخفيف آلامها، ويدعو أهل الخير للوقوف بجوار بطة في محنتها.