من منطلق حرصي علي استمرار المساندة الشعبية للمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء لاستكمال المهمة الصعبة المكلف بها اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.. فأنني أطالبه بالحذر في اتخاذ قرارات زيادة أسعار المنتجات والخامات التي يحصل عليها المواطنون. هذا الذي أقوله لا ينفي أهمية ترشيد الدعم الذي يُحمل موازنة الدولة عجزا يقدر بمئات المليارات من الجنيهات. من المؤكد ان هذا العجز هو سبب تدني الخدمات الضرورية اللازمة للحياة الكريمة وتشمل التعليم والصحة وإصلاح المرافق العامة. إن ما أطالب به هو مراعاة البعد الاجتماعي والتوازن بين الدخل ومتطلبات الحياة المعيشية التي ازدادت أعباؤها بشكل كبير في السنوات الأخيرة. التعامل الحكومي مع هذا الأمر الحتمي يفرض عليها ان تتم هذه الزيادات تدريجيا ووفقا لأسس عادلة تأخذ في اعتبارها دخول فئات المجتمع المختلفة. لا خلاف علي ان الحل المناسب لهذه المعادلة الصعبة هو نظام الشرائح الذي يتسم بالعدالة وهو ما أرجو ان يكون قد لجأ إليه محلب فيما يتعلق بزيادة أسعار الغاز الطبيعي وان يكون هذا القرار قد راعي بالفعلع العدالة في تحديد هذه الشرائح القائمة علي معدلات الاستهلاك الصحيحة. من جانب آخر فإن الأجهزة المختصة مطالبة بانتظام دورية تحصيل قيمة الاستهلاك بعيدا عن التراكم حتي لا يشعر المواطن بارتفاع الأعباء المفروضة عليه. من ناحية أخري فلا شك ان رفع الحكومة لأسعار المنتجات خاصة مواد الطاقة قد يكون دافعا اجباريا لخضوع المواطن لعملية ترشيد استهلاكها باعتباره أمرا مطلوبا ومحمودا. إن تطبيق هذه التجربة بعد ذلك علي المواد البترولية الأخري المدعمة وبالأخص المحروقات التي يتم استخدامها في السيارات بمختلف أنواعها. مثل هذا الإجراء يمثل عاملا في غاية الأهمية للحد من الاستهلاك الذي يتصاعد بدون مبرر نتيجة انخفاض هذه المنتجات. حول هذه القضية يهمني ان أشير إلي سلبية وغرابة ازدحام الشوارع بالسيارات وبالأخص في أوقات العمل. إنها ظاهرة لا توجد لها مثيل في أي دولة في العالم حيث تعودنا ان نشاهد هذا الزحام في أوقات التوجه إلي العمل صباحا وبعد إنتهاء موعده مساء وليس علي مدي ال24 ساعة كما يحدث في مصر. من المؤكد أن التفسير الوحيد لاستشراء هذه الظاهرة في شوارعنا وأن ركاب هذه السيارات لا يعملون ولا ينتجون. هذه الحالة تمثل كارثة يعكسها إنخفاض معدلات الانتاج. هذه المشكلة يترتب عليها ارتفاع مظاهر التضخم الذي يؤثر سلبا علي الاقتصاد الوطني ومن نتائجه انخفاض القوة الشرائية للجنيه المصري وبالتالي لكل ما يحصل عليه المواطن من دخل. بناء علي هذا الواقع فإن ترشيد الدعم وما يرتبط به من ترشيد للاستهلاك هو أمر مرحب به لضمان مسيرة الإصلاح الاقتصادي. إن التجاوب والتعاون مع متطلبات هذه المسيرة التي يجب أن تستند إلي أسس علمية عادلة سوف تساهم محصلتها في الحد من عجز الموازنة وتؤدي إلي ارتفاع الناتج القومي. تحقيق هذا الانجاز يعني إتاحة الموارد للتوسع في إقامة المشروعات التي تخلق المزيد من فرص العمل حتي يمكن القضاء علي البطالة. النجاح في هذه السياسات يقود في النهاية إلي الارتفاع المنشود في مستويات المعيشة بما يفتح الطريق أمام تحقيق العدالة الاجتماعية.