تدعي الإدارة الأمريكية أنها تعارض »الانقلابات« علي الحكومات المنتخبة، ولكنها كالعادة تكذب وتخادع وتضلل. ففي مصر.. قامت ثورة شارك فيها أكثر من 53 مليون مواطن ضد رئيس فقد شرعيته وأغلبيته بعد فوز في انتخابات ليست فوق مستوي الشبهات. ولم يعترف الأدعياء بهذه الثورة. أما في أوكرانيا، فإن أقلية من المواطنين هناك نزلت إلي الشوارع وطالبت بخلع الرئيس، ووقفت الإدارة الأمريكية إلي جانب تلك الأقلية ضد رئيس أوكرانيا ڤيكتور يانوكوفيتش رغم انه جاء بطريق الانتخاب وصناديق الاقتراع! قالت أبواق الدعاية المعادية ان مرسي العياط جاء بطريق الانتخاب وصناديق الاقتراع.. ولكن يانوكوفيتش جاء أيضا بطريق الانتخاب وصناديق الاقتراع. إذن.. لماذا يعتبر الأدعياء ان الثورة الشعبية علي مرسي »انقلاب«، بينما يعتبرون المظاهرات ضد يانوكوفيتش.. ثورة؟! ولم تكف المظاهرات في أوكرانيا سلمية بينما كانت ثورة المصريين سلمية. وحاولت وسائل الإعلام الغربية تشويه الصورة الشعبية في مصر، بينما جعلت وسائل الإعلام الغربية من صوت الأقلية الأوكرانية مدويا في أنحاء العالم، ولم تضع في اعتبارها علي الاطلاق الأغلبية الأوكرانية الصامتة. ولا تمانع الإدارة الأمريكية في حالة أوكرانيا من تغيير نظام الحكم من خلال الشارع وليس عن طريق صناديق الاقتراع.. بينما تعترض علي حدوث ذلك في مصر!! والتفسير الوحيد لذلك يعرفه العالم كله، وهو ان المعارضين في أوكرانيا يتلقون دعما سياسيا ومعنويا وماديا من أمريكا والدول الأوروبية، خاصة ان هؤلاء المعارضين يريدون ضم بلادهم إلي حلف الأطلنطي، وأن تصبح أوكرانيا دولة غربية تناصب روسيا العداء. والمعروف ان أمريكا ترغب في أن تمارس ألعابها في حديقة روسيا الخلفية، سواء في أوكرانيا أو جورجيا أو غيرهما، فهي لا تريد من العاصمة الأوكرانية »كييف« أن تكون خط الدفاع الأمامي عن موسكو. ورغم الاتفاق الذي أبرمه أخيرا الرئيس فيكتور يانوكوفيتش مع زعماء المعارضة لتشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء انتخابات رئاسية مبكرة قبل نهاية هذا العام واجراء اصلاحات مع النظام الانتخابي وتعديلات في الدستور إلا ان أتباع أمريكا يصرون علي ممارسة العنف ونشر الفوضي ويتهمون الساسة الذين يمثلونهم والذين وقعوا الاتفاق الذي ينهي الأزمة بأنهم »خونة«. ولا غرابة في ذلك، طالما أن زعيم المعارضة في الشارع هو حزب »سڤوبودا« اليميني المتطرف، وصاحب الاتجاهات الفاشية الذي ينتمي إلي النازية الجديدة. وباختصار، فإن الدول الأجنبية تلعب دورا قياديا في الأحداث الجارية في أوكرانيا، كما ان كبار المسئولين الأمريكيين يعتبرون أنفسهم أصحاب الحق في اختيار أعضاء الحكومة الأوكرانية المقبلة! ومرة أخري، لم تعترف الإدارة الأمريكية بنتائج انتخابات الرئاسة وبصناديق الاقتراع في فنزويلا وبفوز نيكولاس مادورو، خليفة المناضل هوجو شافيز، رغم ان جميع المراقبين الدوليين شهدوا بنزاهة تلك الانتخابات. وتساند الإدارة الأمريكية الأقلية المهزومة التي فشلت في الانتخابات.. فقررت النزول إلي الشارع واستخدام العنف وقنابل المولوتوف والقضبان الحديدية واحراق السيارات والمباني الحكومية ونهب المحال التجارية. وتساند الإدارة الأمريكية هذه المظاهرات غير السلمية وتعتمد أموالا في ميزانيتها لتغيير نظام الحكم في فنزويلا »للتخلص من مادورو«، رغم ان الأخير وحلفاءه فازوا أيضا في الانتخابات المحلية بنسبة 67٪. وتؤيد واشنطن زعيم المعارضة اليمنية »ليوبولدو لوبيز«، الذي سبق ان تورط في محاولة انقلاب عام 2002 ضد شافيز، ومازال يتحين الفرصة لكي يكرر المحاولة! تلك هي أمريكا.. بلا قناع، وبلا معايير موحدة، وتساند الفاشية والانقلابيين وترفض الديمقراطية. كلمة السر: فتش عن المصالح