توجه ملايين الناخبين في فنزويلا أمس إلي صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفا للرئيس الراحل هوجو تشافيز الذي توفي الشهر الماضي. وبعد أقل من ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية الأخيرة, يعود الفنزويليون للاختيار بين مشروع تشافير الاشتراكي الذي يمثله نائبه نيكولاس مادورو وبين المعارضة الليبرالية ممثلة في مرشحها الشاب هنريك كابريليس. وانقسمت الدولة الغنية بالبترول عشية الانتخابات طولا وعرضا, حيث تميل الولايات الغنية وشرائح الطبقة الوسطي وعمال البترول للتصويت لمصلحة كابريليس, فيما يراهن مادورو علي الطبقات الفقيرة والولايات الأفقر التي استفادت من مشروعات تشافيز الاجتماعية. ويبلغ عدد الناخبين في فنزويلا نحو19 مليون ناخب, ويشرف علي عملية التصويت150 ألف عنصر من قوات النظام مع استمرار غلق الحدود منذ بداية الأسبوع الماضي بسبب مخاوف الحكومة من مخططات لزعزعة الاستقرار مدبرة من الخارج. وعشية الانتخابات, راهن مادورو علي رغبة أغلبية الفنزويليين في استكمال مسيرة تشافيز الذي رحل بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان. وقال القائم بأعمال الرئاسة إنه سيحقق فوزا عملاقا, مشيرا إلي أنه كلما زاد الفرق بينه وبين منافسه كلما ستزداد البلاد هدوءا. وحذر في الوقت نفسه من أنه لو كان الفارق بسيطا فلن يكون ذلك إلا لأن المعارضة نجحت في إرباك مجموعة من الفنزويليين. وأشارت استطلاعات الرأي قبيل بدء الاقتراع إلي تقدم خليفة تشافيز علي منافسه حاكم ولاية ميراندا الغنية بنحو10 إلي20% من الأصوات. ومادورو سائق حافلات سابق-50 عاما- ويتباهي في كل تجمع حاشد بجذوره التي تعود إلي الطبقة العاملة, وقد تعهد بتعزيز اشتراكية تشافيز للقرن21 في حالة فوزه. وحث مادورو- الذراع اليمني لتشافيز- مناصريه علي تحقيق آخر رغبات القائد ومتابعة إرثه في وجه البورجوازيين والفاشيين. وشدد المرشح اليساري علي تراجع نسبة الفقر خلال السنوات الماضية من50% إلي29% في الدولة الغنية بالبترول. في المقابل, فإن فنزويلا تعاني من تراكم الديون وارتفاع معدلات التضخم التي فاقت20% عام2012, وهو ما أثر سلبيا علي نوعية حياة الفنزويليين ومنع الدولة من تلبية الحاجة الماسة من العملات الصعبة في بلاد تستورد تقريبا كل ما تستهلك. ومن جانبه, أكد المرشح كابريليس أن الفنزويليين ملوا من السياسات التشافيزية المثيرة للانقسام, معربا عن تفاؤله بارتفاع شعبيته خلال الأشهر الأخيرة, مما يمهد لتحقيق فوز مفاجيء ينهي سيطرة اليسار التي دامت أكثر من14 عاما. وتعهد المحامي المؤيد لاقتصاد السوق, بوضع حد لالهدايا الاقتصادية المقدمة إلي كوبا والحلفاء الآخرين للنظام الذين يستفيدون من أكثر من100 ألف برميل من الخام يوميا, في دبلوماسية بترولية بنت عليها فنزويلا نفوذها الإقليمي. وواجه كابريليس تشافيز في الانتخابات الرئاسية التي جرت خلال أكتوبر الماضي وخسر فيها بفارق11 نقطة(55% مقابل44%), مسجلا أفضل نتيجة للمعارضة في مواجهة زعيم اليسار الراحل في أمريكا اللاتينية. وشدد كابريليس- الذي يأخذ علي خصمه بأنه يختبيء وراء ظل مرشده- علي الآفات الاجتماعية التي يعيشها الفنزويليون يوميا, من انعدام الأمن مع16 ألف جريمة خلال العام الماضي وانقطاعات في التيار الكهربائي ونقص متكرر في المواد الغذائية. وعلي رغم حرصه علي عدم خدش صورة تشافيز, ركز كابريليس هجومه علي خصمه مادورو, خلال حملته الانتخابية القصيرة المدي, وقال إنه يفتقر للكاريزما, مكررا دائما أن مادورو ليس تشافيز. وأشار الخبير السياسي لويس فيسنتي ليون, مدير معهد داتانانلايسيس, إلي أن استراتيجية مادورو تقوم علي تجسيد كل ما يرمز إليه تشافيز وعلي تحقيق رغبته الأخيرة. وقال المحلل السياسي الفنزويلي انياسيو افالوس إن حملة مادورو تركزت علي واقع أنه أبن( القوماندانتي)- القائد- وأن فوزه سيكون بمثابة فوز لتشافيز, لكنه أشار إلي تقلص الفارق بين المنافسين بفضل القيادة المهمة لكابريلس وشجاعته السياسية. وفي سياق معركة عض الأصابع خلال اللحظات الأخيرة قبل بدء التصويت, تقدمت المعارضة الفنزويلية بشكوي رسمية ضد الحكومة, مدعية بأن الأخيرة انتهكت قانون الانتخابات بالسماح باستمرار حملتها الانتخابية من خلال التليفزيون الرسمي بعد الموعد المخصص لذلك, وذلك من خلال ظهور مادورو علي شاشات التليفزيون عشية الانتخابات وهو يقوم بزيارة ضريح تشافيز مع نجم الكرة العالمي دييجو مارادونا أمس الأول. في المقابل, أحيا انصار تشافيز ذكري مرور11 عاما علي عودة الرئيس الراحل إلي السلطة بعد انقلاب دام يومين أيدته ضمنيا الولاياتالمتحدة. وبث التليفزيون الحكومي سلسلة من البرامج التي تمجد تشافيز وتتهم مرشح المعارضة في انتخابات الرئاسة كابريليس بأنه الوريث السياسي لحكم الأقلية اليمينية التي دبرت انقلاب.2002