زلزال سياسي فى فنزويلا اثر الصفعة التي تلقاها الرئيس هوجو شافيز، بعدما رفض الناخبون اصلاحا رئيسيا يهدف الى اقامة دولة اشتراكية ويتيح للرئيس الترشح للمنصب لولايات متتالية مدى الحياة . الناخبون فى فنزويلا الحقوا هزيمة تاريخية اولى برئيس البلاد الذي فاز بكل عمليات الاقتراع منذ انتخابه عام 1999. المجلس الوطني الانتخابي الذي حضته المعارضة على اعلان النتيجة بسرعة حتى لا يزيد من توتر الوضع، اعلن ان الاستفتاء رفض بغالبية طفيفة تزيد عن 50%. وحصل شافيز على 49.29% من الأصوات مقابل 50.7% للمعسكر الرافض. ويشكل هذا الإعلان صدمة في فنزويلا، حيث فاز الرئيس تشافيز دائما وبسهولة بكل الانتخابات من قبل . وفى هدوء وبروح ديموقراطية ،اقر شافيز بالهزيمة وتمنى ان يتراجع التوتر وان تزداد الثقة فى المؤسسات . وكان مشروع تعديل الدستور يهدف الى تعزيز صلاحيات تشافيز عبر منحه الحق في الترشح الى ما لا نهاية فى الانتخابات الرئاسية وفرض الرقابة على الصحافة خلال الازمات ، فضلا عن ادراج اقامة اقتصاد اشتراكي في الدستور مع منع عمليات التخصيص والغاء استقلالية المصرف المركزي، ومراقبة وسائل الاعلام لدى اندلاع ازمات، وفي حال إعلان الطوارئ، كما كان سيسمح له بالسيطرة على احتياطيات فنزويلا من العملة الاجنبية،وتعيين موالين له فوق المسؤولين الاقليميين المنتخبين. يأتي الاقتراح ضمن حزمة من التغييرات الدستورية التي قال عنها أنصار شافيز بالبرلمان إنها تعالج احتياجات الفقراء الذين أهملتهم الحكومات التي سبقت الرئيس بعشرات السنين. فعلى المستوى الاجتماعى ، فإن التعديلات الدستورية تضم تحديد ساعات العمل اليومية ب6 ساعات وتحديد ساعات العمل الأسبوعية ب 36 ساعة، وتوسيع مظلة الضمان الاجتماعي لتشمل العاملين في الاقتصاد الموازي، وهي الأعمال التي لا يشملها تنظيم حكومي أو رسمي. وخفض سن الانتخاب من 18 سنة إلى 16 سنة، وبعد الاستفتاء الذى رفض تعديل الدستور ينبغي على الرئيس الحالي هوجو شافيز ان يترك السلطة بعد خمس سنوات مما يشكل صفعة له خصوصا انه اكد خلال الحملة الانتخابية ان عهده سيستمرطيلة حياته متمنيا ان يكون هذا حتى عام 2050 اى عند بلوغه الخامسة والتسعين . وفي هذا الاطار قال الرئيس الفنزويلي "لم نربح في الوقت الراهن" في تذكير بالعبارة الشهيرة التي قالها لدى فشل اول انقلاب قام به في الرابع من فبراير 1992.وفى اشارة الى انه سيعاود المحاولة فى وقت لاحق .. ورغم إقرار شافيز السريع بالهزيمة، فانه تعهد ب«استئناف معركته من أجل بناء الديمقراطية»على حد وصفه . هزيمة شافيز في الاستفتاء اثارت ردود فعل عالمية واسعة النطاق، فمن جهتها، دعت المعارضة في نيكاراجوا الرئيس دانيال أورتيجا - الحليف المقرب من الفنزويلي اليساري شافيز- إلي إعادة التفكير في أغلب اقتراحاته المثيرة للجدل. وقال المرشح الرئاسي السابق اليميني إدواردو مونتيليجر «يتعين علي الرئيس أورتيجا أن يتعلم هذا الدرس بكل تفاصيله» بينما صرح النائب اليساري المعارض فيكتور هوجو تينوكو- الذي سبق أن شغل منصب نائب وزير الخارجية في ظل حكم أورتيجا- بأن نتيجة هذا الاستفتاء تعد «صفعة للمثالية الثورية التي تميز عددا من قادة أمريكا اللاتينية اليساريين». وعلي الرغم من أن مكتب أورتيجا لم يعلق، فإن مستشاره للشؤون الخارجية ميجويل ديسكوتو نفي أن يكون شافيز قد هزم. وفي لاباز، احتفلت المعارضة المناوئة للرئيس اليساري في بوليفيا برفض الاستفتاء علي الإصلاح الدستوري في فنزويلا، وقال السيناتور المعارض فرناندو رودريجيز «إن هزيمة شافيز تمثل علامة علي أن الاستبداد لن يدوم في فنزويلا ولن يدوم أيضا في بوليفيا». وفي مدريد، أعربت الطبقة السياسية الإسبانية عن أملها في أن يكون شافيز أخذ «عبرة من الصفعة» التي وجهها له الفنزويليون. ومن جهتها، اعتبرت الناطقة باسم البيت الابيض دانا بيرينو أن رفض الفنزويليين التعديل الدستوري الذي اقترحه شافيز، «فأل حسن» للحرية في البلاد. وفي المقابل، هنأ الرئيس الكوبي فيدل كاسترو نظيره الفنزويلي، . ووصف قرار صديقه وحليفه الفنزويلي بالاعتراف بهزيمته بأنه «شجاع وحكيم». كان شافيز قد أُعيد انتخابه رئيساً لفنزويلا في ينايرالماضي، لفترة جديدة مدتها ست سنوات، بموجب تعديل أدخله على الدستور في عام 1999، بعد قليل من توليه فترته الرئاسية الأولى. وبموجب الدستور الحالي، يتوجب على شافيز ترك السلطة في العام 2012، مع نهاية فترته الرئاسية الثانية .. وكان شافيز قد حقق فوزاً كاسحاً على منافسه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، مانويل روساليس، الذي كان قد توعد بالإطاحة بالرئيس الاشتراكي، الذي اتهمه بالديكتاتورية. ويتولى شافيز الرئيس الاشتراكي مقاليد الرئاسة في كاراكاس منذ ديسمبر عام 1998، باستثناء 48 ساعة أطاح خلالها عسكريون به من الحكم عام 2002. شافيز على خطى كاسترو.. بعض المحللين اشاروا الى ان شافيز يطمح فى ان يحل محل فيديل كاسترو كزعيم للتيار اليساري في أميركا اللاتينية وكمناهض أساس للإمبريالية الأميركية. من هو شافيز.. ولد شافيز عام 1954 في مدينة سابانيتا بفنزويلا. وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه استطاع أن يتوصل إلى رئاسة هذه البلاد عام 1998 وهو لم يتجاوز الرابعة والأربعين بعد وقد ولد شافيز في عائلة تنتمي إلى البورجوازية الصغيرة لأن والديه كانا معلّمي مدرسة، وهو متزوج وله أربعة أطفال. وفي عام 1992 نظم شافيز محاولة انقلاب ضد الرئيس كارلوس اندريس بيريز، ولكنه فشل وقبض عليه وأودع في السجن لمدة عامين. وعندما كان في السجن سجل هوجو شافيز شريط فيديو يدعو فيه المواطنين إلى التمرد على النظام والنزول إلى الشارع. وقد تزامن ذلك مع شن محاولة ثانية للانقلاب العسكري. ولكنها فشلت هي الأخرى. وانخرط شافيز في عدة مغامرات سياسية وعسكرية كادت أن تودي به. وفي عام 1994 انتخب الرئيس الجديد للبلاد هو" رافائيل كالديرا"والذى نفذ ما وعد به أثناء حملته الانتخابية أي إطلاق سراح شافيز من السجن. وما إن استرجع شافيز حريته حتى أسس حزبا سياسيا يدعى "الحركة من أجل الجمهورية الخامسة". وعلى رأس هذا الحزب استطاع أن يصل إلى السلطة عن طريق الانتخابات الشرعية بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ. وكان له برنامجه السياسي ويعرف فعلا ماذا يريد لشعب فنزويلا. وقد استطاع شافيز أن ينجح في الانتخابات التشريعية والرئاسية في آن معا. وحصل شخصيا على نسبة 56 بالمئة من الأصوات أثناء الانتخابات الرئاسية. وهي أكبر نسبة حققها رئيس فنزويلي منذ أربعين عاما. وبالتالي فوصوله إلى سدة الرئاسة كان شرعيا مئة بالمئة. وينقسم المجتمع فى فنزويلا إلى قسمين أساسيين: قسم النخبة المترفة المرتبطة بصناعة البترول وطبقة رجال الأعمال ورؤساء الشركات ووسائل الإعلام المحلية. وهذا القسم منظم جيدا ومرتبط بالخارج ومعاد لشافيز ومحب لأميركا، وهو الذي يتمتع بخيرات البلاد وثرواتها. وأما القسم الثاني فيشكل أغلبية الشعب الفقير التي رفعت شافيز إلى سدة الحكم. ولهذا السبب فإن الإصلاحات الاقتصادية التي أعلنها كانت تهدف إلى تحسين أوضاع الشعب. ولكن الطبقات العليا المسيطرة أعلنت العداء لها ونظمت إضرابا عاما شلّ البلاد . وسارت مظاهرة ضخمة بقيادة قوى المعارضة باتجاه القصر الجمهوري، ولكنها اصطدمت أثناء الطريق بمظاهرة مضادة منظمة من قبل أنصار شافيز، وحصلت صدامات عديدة. ووجه القادة العسكريون إنذارا لشافيز لكي يستقيل، فرفض. وهكذا أصبحت البلاد على حافة الحرب الأهلية. وعندئذ قبضوا عليه بالقوة ووضعوا شخصا آخر محله، وكان هذا الشخص قد استقبل منذ فترة قصيرة من قبل بوش في البيت الأبيض، ثم من قبل أزنار رئيس وزراء اسبانيا في مدريد. و نزل الشعب إلى الشارع بكل قوته عندما سمع بخبر الانقلاب عليه . وأجبر جميع القادة العسكريين على التراجع. وتم التوصل الى اكتشاف الموضع الذي سجن فيه شافيز وأطلقوا سراحه وعاد إلى الرئاسة من جديد .. وهكذا تحول هوجو شافيز إلى نوع من كاسترو جديد، ولكن بشكل ديمقراطي هذه المرة لا بشكل شيوعي. ومن المعروف أن شافيز دعا إلى تحقيق الوحدة مع عدة دول في أميركا اللاتينية ومن بينها البرازيل بزعامة القائد اليساري «لولا». فهو يعلم أن مستقبل دول أميركا اللاتينية مشترك وأن الولاياتالمتحدة لن تحترمها إلا إذا توحدت. وأما فيما يخص السياسة الخارجية فإن السمة الأساسية لتحركات شافيز هي العداء الصريح للولايات المتحدة وبوش شخصيا، وهذا ما يقربه من كاسترو. ولكن هذا ما يعرضه للأخطار أيضا .