الطفل محمد طاهر محمد.. طفل لم يتعد الخامسة من عمره، الابن الأصغر لأسرة مكونة من أربعة أفراد، والده عمر طاهر يعمل في إحدي دور النشر الخاصة حيث يحصل علي جنيهات قليلة لا تكاد تكفي أجرة المواصلات من وإلي العمل كل يوم، خاصة أنه يسكن في قرية صغيرة بمحافظة القليوبية، في منزل ريفي بسيط كأغلب أبناء قريته، مكون من طابق واحد بالطوب اللبن الذي لا يحجب الأمطار ولا يمنع شمس النهار، ولكنه علي كل حال يؤوي أسرته الصغيرة من ظلام الشوارع، ورغم هذه الظروف الصعبة التي يعيش عم طاهر وأسرته فيها فإنه كان محسودا من أهل قريته وأقرانه حيث قد رحمه الله من العمل تحت هجير الشمس وسط الحقول باليومية حيث تتشقق الأقدام وتسمر البشرة وتغزو البلهارسيا الأجساد الهزيلة، وأصبح من الموظفين الذين يحصلون علي راتب مهما كان ضئيلا آخر الشهر، وبالفعل كان عم طاهر يحمد الله صباح مساء علي أنه يجد اللقمة الحلال التي تغنيه عن سؤال الناس، ويعمل جاهدا علي تربية ابنيه حتي يقضي الله أمرا كان مفعولا وتنصلح الأحوال، ويبني لهما بيتا بالأسمنت المسلح، ولكن حتي هذه لم تكن المشكلة الأكبر في حياة هذه الأسرة التي تعيش علي هامش الحياة، حيث كانت تقف في طريق سعادتها عقبة كئود وهي أن الابن الأصغر محمد قد ولد بعاهة مستديمة وهي فقدان السمع، ولم يترك الأب طبيبا إلا وذهب إليه، حيث اتفقوا جميعا علي ضرورة إجراء جراحة زرع قوقعة تتعدي تكلفتها مائة وأربعين ألف جنيه بحسب تقديرات مستشفي عين شمس التخصصي.. وضاقت الحياة بعم طاهر وأصبح رهين آلامه ومأساته، فمن أين سيوفر كل هذه الأموال، وهو الذي لا يكفيه راتبه حتي منتصف الشهر.. ولكن الله كان رحيما بهذه الأسرة حيث أسهم أهالي القرية وأقارب عم طاهر في توفير معظم المبلغ المطلوب للجراحة، ثم تقدم إلي أسبوع الشفاء يطلب المساهمة في توفير جزء من المبلغ، وبالفعل قام أسبوع الشفاء بالتخفيف عن بعض آلام هذه الأسرة وأسهم بخمسة آلاف جنيه إلي أسرة عم طاهر حتي يقوم محمد بإجراء الجراحة، ويعود مرة أخري إلي ضجيج الحياة!