من المتوقع والطبيعي أن تكون قضية المواد الدستورية الجديدة، من الآن ولأسابيع عديدة قادمة، هي الشاغل الأول والأكثر إلحاحا بالنسبة لكل المصريين بصفة عامة، وكل المتهمين والمتابعين للشأن العام بصفة خاصة، وذلك انطلاقا من الأهمية الكبيرة للدستور بوصفه الوثيقة الأساسية المحددة لشكل ونظام وهوية وتوجه الدولة المصرية، في انطلاقتها الجديدة بعد ثورة الثلاثين من يونيو التي أكدت مبادئ وأهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير وصححت مسارها. ومن الطبيعي والمتوقع أيضا ان يراود الجميع الأمل في أن يكون الدستور الجديد معبراً تعبيراً صحيحاً وحقيقياً وشاملاً عن طموحات وتطلعات جميع أبناء الشعب، بقطاعاته وطوائفه المختلفة، وبكل ما يضمه في بوتقته من ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي والفكري، والتي تشكل النسيج الصلب للمجتمع المصري. ومن بواعث الأمل لدي الجميع ما ظهر جليا في الجلسة الافتتاحية الأولي التي عقدت بالأمس للجنة إعداد الدستور، من حرص شديد من جانب جميع الأعضاء علي أن يكونوا علي مستوي المهمة الوطنية والقومية الجسيمة المكلفين بها. وما يهمنا في ذلك هو أن يكون واضحا في أذهان أعضاء لجنة الخمسين، أن الشعب ينتظر ويريد دستوراً في قامة مصر العالية ومكانتها الرفيعة ودورها الحضاري وثقلها التاريخي، وأن يكون محققا لأهداف الثورة وتطلعات الشعب إلي المستقبل، في دولة ديمقراطية حديثة تقوم علي الحق والعدل والقانون وتكفل الحرية والكرامة والمساواة لكل المواطنين، علي أساس المواطنة وحقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية. وأحسب مما رأيناه بالأمس، أن هذه الرؤية واضحة لكل الأعضاء، وهو ما بدا مؤكدا في المبادئ الأساسية التي ركز عليها عمرو موسي في كلمته الموجزة والوافية بعد انتخابه رئيسا للجنة،...، وأحسب كذلك أن اللجنة بجميع أعضائها كانت موفقة في اختيارها لنواب الرئيس الثلاث، الدكتور مجدي يعقوب، والدكتور كمال الهلباوي، والدكتورة مني ذوالفقار، بما له من دلالة ومعني كبيرين.