من الطبيعي أن تكون قضية إعداد الدستور ولإسابيع عديدة قادمة، هي الشاغل الأول والأكثر الحاحاً بالنسبة لكل المصريين بصفة عامة، وكل المهتمين المتابعين للشأن العام بصفة خاصة، وذلك انطلاقا من الأهمية الكبيرة للدستور بوصفه الوثيقة الأساسية المحددة لشكل ونظام وهوية، وتوجه الدولة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. ومن الطبيعي أيضاً أن ينشغل الجميع بكيفية ونوعية تشكيل الجمعية التأسيسية المنتخبة التي ستقوم بإعداد الدستور الجديد، والمعايير الأساسية التي سيتم عليها انتخاب هذه الجمعية ، بحيث تكون معبرة تعبيراً صحيحا وحقيقيا وشاملا عن كل قطاعات وطوائف المجتمع، وجميع ألوان الطيف السياسي والإجتماعي والثقافي والفكري والنوعي به، وذلك لأن مكونات هذه اللجنة سيكون لها تأثير حاكم في صياغة الدستور وما يحتويه من نصوص وبنود. ومن هنا، رأينا وسمعنا وجهات نظر متعددة ومتباينة حول الأسس والقواعد والمعايير ، التي يجب ان يتم علي اساسها اختيار الأعضاء المائة، المكونين للجمعية التأسيسية،..، ورأينا وسمعنا اختلافا في الرأي حول حجم ونسبة أعضاء مجلسي الشعب والشوري بين أعضاء الجمعية ،...، حيث رأي البعض ألايذيد العدد عن ثلاثين عضوا، بينما يري البعض الآخر ألا يقل العدد عن ستين عضوا. ويرجع هذا التباين في حقيقته، الي تخوف البعض من استحواذ حزبي الحرية والعدالة ، ومن بعده النور ، علي العدد الأكبر في الجمعية ، وهو ما يمكن أن يلقي بظلاله علي صياغة الدستور ، لتكون معبرة عن رؤية ومصالح هذين الحزبين ، وتغفل بقية الرؤي والمصالح ،..، وذلك رغم التصريحات المتعددة والمطمئنة الصادرة عن الحرية والعدالة ، بأنهم يريدون مشاركة إجماعية واسعة في إعداد الدستور ، دون إقصاء لأحد ، ودون إبعاد لأي قوة أو فئة سياسية أواجتماعية . وما يهمنا في ذلك هو أن يكون راسخا في أذهان الجميع ، ان الشعب ينتظر ويريد دستورا معبرا عن طموحاته وآماله ، في دولة ديمقراطية حديثة تقوم علي الحق والعدل والقانون ، ويكفل الحرية والكرمة والمساواة لكل المواطنين ، علي أساس المواطنة ، وحقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعية ، ويراعي مصالح جميع الفئات وكل ألوان الطيف في مصر . فهل يحدث ذلك ؟! ونواصل غداً إن شاء الله.