رضا محمود بالله عليكم.. هل كان حسني مبارك محتاجا لأكثر من هاتين النكتتين ليدرك أن الشعب زهق وقرف من حجم الفساد واستغلال النفوذ الذي تمارسه أسرته وحاشيته؟! الخميس: في رأيي أنه كلما ازدهرت النكتة وراجت كلما عكس ذلك حالة من الحرية السياسية والتفاعل بين الشعب وحكومته..وعندما يقل عدد "المنكتين"ويكون من النادر أن تسمع نكتة جديدة تجعلك تستلقي علي قفاك وتدمع عيناك حتي تكاد تموت علي نفسك من الضحك، أوعندما تشعر أن رسامي الكاريكاتير في الصحف أياديهم مغلولة وأفكارهم مكررة وميتة، تأكد ساعتها أن أحوال الدنيا والبلاد والعباد من حولك في حالة ركود وجفاف بل موات، أو بمعني أدق يكون الشعب قد أدار ظهره لمن يحكمه ولم يعد يعنيه ما يتخذه الحاكم من قرارات، مما يؤكد الانفصال التام بين الحاكم والمحكوم، حتي أن الشعب لم يعد يهتم بإبداء رأيه سواء بالنكتة أو بغيرها. في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر كان هناك جهاز خاص يهتم بجمع النكات السياسية وغير السياسية ويعرضها علي عبد الناصر الذي كان علي يقين تام بأن النكتة التي تخرج من الشعب المصري بتلقائيته المعروفة تعكس شكاواه ومعاناته فضلا عن آرائه وانطباعاته عن أداء من يحكمونه. وقد أتيح لي أن أسمع عن قرب من الرئيس الراحل أنور السادات خلال لقاء حضرته مع نخبة من الصحفيين في استراحة الرئيس بالاسماعيلية كيف أنه يهتم أن تعرض عليه أولا بأول النكات التي تتردد علي ألسنة المواطنين في الشوارع وعلي المقاهي..وقد فاجأ الرئيس السادات الحاضرين من الصحفيين حينما قال إنه قد بلغه النكتة التي يرددها المواطنون سخرية من العصا التي تعوَّد أن يحملها في يده كلما ذهب إلي قريته " ميت أبو الكوم " بالمنوفية وارتدي الجلباب الأبيض الفلاحي الذي تعوَّد أن يلبسه في القرية..قال الرئيس السادات والابتسامة تعلو وجهه: أكيد سمعتم النكتة التي تقول إنني تعودت كل صباح أن أنادي علي جيجي - يقصد السيدة جيهان السادات حرمه- وأطلب منها أن تحضر لي " الزبيبة " والعصا حتي أظهر بهما أنني الرئيس المؤمن..أقول لكم كمان النكتة بتاعة عام الضباب قبل حرب أكتوبر..مش النكتة شبهتني وقتها بالحمار..أنا ما زعلتش..ولكن النكتة فهمتني أن الشعب محتاج يشعر بأن كرامته التي أهدرت في حرب يونيو 1967 لابد أن تجد من يستردها وأنه قد مل انتظار حسم الوضع في سيناء خاصة أنني كنت قد أعلنت أكثر من مرة أن هذا العام هو عام الحسم ولكن لم تساعدني الظروف الدولية ولا الأسلحة التي بين أيدي أولادي بالقوات المسلحة علي اتخاذ قرار خوض الحرب، حتي أصبحت الفرصة مواتية فخضنا الحرب في عام 1973 وحررنا الأرض واستردينا كرامتنا.. شعبنا شعب طيب ومن حقه يعبر عن نفسه وعن رأيه في حاكمه بكل حرية..وأنا عمري ما زعلت من أي نكتة مادامت تدور حول السياسة المعجونة بالمشاكل والأسرار، ومادامت النكتة لا تتجاوز حدودها وتخوض في الأعراض. لو كان الرئيس السابق حسني مبارك استوعب النكات التي أطلقها الشعب عندما استشري الفساد وانطلق أصحاب النفوذ يستبيحون البلاد طولها وعرضها لكان الحال الآن غير الحال..فاكرين النكتة التي تحكي عن امتلاك جمال مبارك لشقتين واحدة في أكتوبر والثانية في التجمع الخامس، وعندما قال له أبوه أن الشقتين بهذا الشكل لا يصلحان للعيش فيهما فرد عليه جمال إنه يفكر في فتحهما علي بعض!!..ولا لما حسني مبارك كان ينظر من البلكونة فوجد سيارة مرسيدس أفخم موديل.. وعندما سأل عن صاحبها رد جمال بأنها ملكه.. فقال له أبوه أن ثمن هذا النوع من السيارات غال جدا وأن المصروف الذي يحصل عليه الابن العزيز من الوالد الرئيس لايكفي..عندها أوضح جمال أن صاحب معرض السيارات كان رافضا أن يأخذ ثمنها ولكن المحروس أصر علي الدفع مؤكدا أنه لايقبل المجاملة، فعرض عليه صاحب المعرض أن يدفع اللي سيادته شايفه فأعطاه ورقه بمائة جنيه، فما كان من صاحب المعرض إلا أن ابتسم ابتسامة خفيفة ثم رد له خمسين جنيها وقال كده تمن المرسيدس وصل يا جمال بيه وعلي الفور أخرج حسني مبارك من جيبه ورقة من فئة المائتي جنيه وقال لجمال: طب وانت راجع هات لي معاك أربعة من نفس الموديل!! بالله عليكم هل كان حسني مبارك محتاجا لأكثر من هاتين النكتتين ليدرك ويعي ويفهم أن الشعب زهق وقرف من حجم الفساد واستغلال النفوذ الذي تمارسه أسرته وحاشيته؟! . اختشي علي دمك! الجمعة: استوقفني بل أغضبني غضبا شديدا خبر قرأته في" الأخبار" عن تجرد سائق تاكسي من كل المشاعر الإنسانية بل فقدان الإحساس بالمسئولية الوطنية تجاه بلده عندما حاول اغتصاب سائحة إنجليزية بعد أن هددها بمطواة قرن غزال أثناء قيامه بتوصيلها من منطقة المعادي إلي الفسطاط..ولما قاومته السائحة ذات العشرين عاما قام بسرقة التليفون المحمول ومبلغ من المال كان بحوزتها وهرب..رجال مباحث قسم مصر القديمة استطاعوا التوصل للسائق المجرم من خلال تتبع جهاز المحمول وقبضوا عليه..طبعا الشكر واجب لرجال قسم مصر القديمة، ولكن المشكلة في الصورة السيئة التي أصبح السياح يروونها لأهلهم وذويهم وأصدقائهم بعد العودة عن سوء سلوكيات المصري في تعامله مع السياح، وذلك علي العكس تماما مما كان معروفا عن المصري ويتحدث به الأجانب دوما من أنه مضياف، ودود في تعامله مع السائح. ما يثير الدهشة والاستغراب أن نفس هذه السلوكيات أصبحت تتكرر من بعض سائقي التاكسي تجاه البنات والسيدات المصريات..روت لي إحدي الزميلات أنها استقلت تاكسي من منطقة الأزهر متجهة صوب مدينة نصر.. بعد لحظات فوجئت بالسائق يتعمد إغلاق أبواب السيارة الأربعة "بالمسوجر" بما يعني أنه ينتوي السوء..وعندما عنفته المسكينة علي هذا التصرف وطلبت منه تحرير الأبواب من الإغلاق لم يهتم، ثم اضطرللاستجابة بعد أن هددته بتحطيم زجاج النوافذ بأداة صلبة تحملها في حقيبتها.. انتهزت المسكينة فرصة تهدئة السيارة عند أحد المطبات وألقت بنفسها من الباب معرضة حياتها للخطر..ولحسن حظها أن توقفت سيارة تحمل أسرة للاطمئنان عليها بعد أن سقطت في الشارع، وأصر رب الأسرة علي توصيل الزميلة الصحفية إلي بيتها في مدينة نصر عندما رآها في حالة انهيار وذعر! ماذا جري لإخواننا سائقي التاكسي؟!.ما تختشوا علي دمكم شوية ياجماعة..يا أخي دا انت منك له خارج من بيتك متوكل علي الله وتقول يا فتاح يا عليم يارزاق ياكريم..يعني طالب من ربنا يفتحها عليك ويرزقك برزقه..وهذا يتطلب منك أن تراعي الله في الأمانة التي معك في التاكسي..يا أخي تخيل مشاعرك لو إن أختك أو الست المحترمة والدتك هي التي تركب التاكسي مع سائق آخر وفعل نفس فعلتك التي فعلت مع السائحة الإنجليزية المسكينة، التي كلفت نفسها مشقة السفر من بلادها وتحملت ثمن تذكرة الطائرة وجاءت إلي بلدك لتستمتع بجوها وآثارها،فلا يكون منك إلا أن تروعها وتصدمها بسلوكك المشين، فتجعلها تكره بلدك وناسك واليوم الذي فكرت فيه أن"تتسوح" في القاهرة، وكذلك سلوكك "المقرف" مع البنت المسكينة التي اختارت أن تركب التاكسي "وتنفعك" بدلا من أن تظل تدور حول نفسك دون أن تجد زبونا "يعبرك" في هذه الأيام الصعبة، وهي بهذا تفتح باب رزق لزوجتك وأولادك، الذين أتصور أنهم لو علموا بسلوكياتك التي تمارسها في التاكسي لانتظروك بالأحذية القديمة علي باب الشارع الذي تسكن فيه ولتبرأوا منك ومن وضاعتك وسفالتك ! بالتأكيد هناك الكثير من سائقي التاكسي المحترمين الذين يراعون الله في الزبائن الذين يركبون معهم سواء من الأجانب أو العرب أو من المصريين، ولكن المشكلة أن السلوكيات الشاذة لبعض السائقين والتي ينشر عنها في الصحف من حين لآخر أصبحت تسئ أيما إساءة إلي المحترمين منهم، وهو الأمر الذي يتطلب ضرورة وضع ضوابط لمن يريد أن يمتهن مهنة سائق التاكسي من خلال النقابة التي ترعي شئون السائقين، فضلا عن ضرورة أن تقوم الشرطة والمرور بدور أكبر في متابعة ومراقبة سائقي التاكسيات، والقيام بسحب رخصة القيادة نهائيا ممن تثبت عليه تهمة من هذا النوع الذي يشوه صورة المهنة الشريفة التي طالما سمعنا عن أهلها في السابق قصصا محترمة ومواقف تتسم بالأمانة والاحترام لسائقين كانوا مثالا للنبل والشهامة، بالإضافة إلي عمل قائمة سوداء للتشهير بالذين يستغلون عملهم علي التاكسي بممارسة مثل هذه السلوكيات المشينة. عودة محاضر البلدية السبت: بعض أصحاب المحلات والأخوة البوابين لايعنيهم نظافة الشارع الذي أمامهم، لذلك تراهم يلقون بالقاذورات إلي بحر الشارع وعلي الأرصفة..ويزيد الطين بلة أنهم يسرفون في رش المياه لإبعاد القاذورات بقوة دفع بالمياه بدلا من استخدام المكانس..كله كوم وأصحاب التاكسيات والميكروباصات الذين أصبحوا يغسلون سياراتهم بالماء والصابون في بحر الشارع كوم.. الأسوأ أن كثيرا منهم أصبحوا يفعلون ذلك أمام المساجد مستخدمين في ذلك المياه الخاصة بالمسجد !!. في ظل حالة الفوضي التي نعيشها لا تجد أحدا يحاسب هؤلاء المستهترين.. هذه الظاهرة المؤسفة أصبحت في حاجة إلي حزم وردع شديدين، وهو الأمر الذي يتطلب أن نعيد من جديد تفعيل أداء البلديات وأن يتحرك عمالها لمراقبة مثل هذه الظواهر السلبية، وأيضا توقيع محاضر بالمخالفات إذا لزم الأمر علي من يتعمد تلويث الشوارع بالقاذورات أو الإسراف في استخدام المياه في غسل الأرصفة والطرقات والسيارات والميكروباصات.. أغلب الناس في بلدنا للأسف يخاف وما يختشيش لذا لزم الحزم. لسه علينا بدري..! الأحد: فعلا لم أصدق نفسي وأنا أري علامة ممنوع استخدام الموبايل جنبا إلي جنب مع علامة ممنوع التدخين في المواصلات العامة في تركيا.. قلت: أإلي هذا الحد تحترم الدولة خصوصية المواطن؟!..فعلا عندهم حق..فما الذي يضطرني كراكب للأتوبيس أو المترو أن أزعج نفسي وأصدع دماغي بخناقات حضرتك في الموبايل مع الست مراتك بسبب الست حماتك التي حضرت من آخر الدنيا لتطمئن علي أنك مهنن المحروسة بنتها فعكننت عليك عيشتك؟!.. وما ذنبي أنك تذيع علي الهواء مباشرة عبر الموبايل مشاكلك مع الشخص الذي ضحك عليك ويماطلك ويتهرب من سداد الدين..وما الذي يضطرني كلما ركبت المترو لأن أسمع اتفاقات بعض المحامين مع زبائنهم، أو التعليمات التي يصدرونها لمساعديهم بالعمل علي تأخير القضية لآخر الرول؟!.. وما ذنبي وأنا أؤذي أذني بالكذب اللي شغال علي ودنه من أخينا الذي يحاول أن يطمئن من ينتظره في محطة عزبة النخل فيدعي كذبا أنه في محطة كوبري القبة بينما هو في الحقيقة مازال محشورا داخل المترو في محطة الزهراء، أي أن بينه وبين الشخص الذي ينتظره في عزبة النخل ما يقرب من 15محطة ؟!.. ما ذنب الراكب فعلا أن يعيش داخل المواصلات العامة وكأنه في سنترال رمسيس، حيث يحاول كل متصل داخل كابينة التليفون أن يرفع من صوته قدر طاقته حتي يتفادي صراخ من يتكلمون في الكبائن الأخري؟! تذكرت هذه اللفتة الحضارية في وسائل المواصلات العامة بتركيا وأنا أري وأسمع تجاوزات الناس داخل المساجد وقد استباحوا دور العبادة وأصبحوا لا يفرقون بينها وبين الشارع وسمحوا لأنفسهم بالرد علي الموبايل بالمسجد بينما من المفترض أنهم في حالة خشوع انتظارا للصلاة..الموضوع ليس في حاجة إلي تعليق..لسه بدري أوي أوي أوي علينا !! كانت يوما طفلة الإثنين: لظروف سفر زوج ابنتي داليا في مهمة علمية بالولايات المتحدةالأمريكية عادت الابنة التي كانت يوما طفلة صغيرة مع الحفيدة لمار التي هي الآن طفلة صغيرة يقترب عمرها من العامين ونصف العام لتعيش بيننا حتي عودة الزوج من مهمته..خلال هذه الفترة أصبحت أهتم اهتماما شديدا بمتابعة كل تعاملات ابنتي مع ابنتها التي هي حفيدتي..صرت أنزعج وأعنف ابنتي إذا رأيتها تنفعل علي لمار..أفعل ذلك وأنا واثق أن ابنتي التي كانت يوما طفلة صغيرة وأصبحت الآن أما لاتعنف طفلتها -التي ستصير بإذن الله يوما أما- وتوجهها إلا لكي تكون نواة لأم صالحة تؤدي نفس الرسالة وتربي ابنتها أحسن تربية لتدور عجلة الزمن وتلد التي كانت طفلة صغيرة حفيدا أو حفيدة وتصير ابنتي الأم التي كانت هي الأخري في يوم من الأيام طفلة صغيرة جدة تؤنب وتعنف ابنتها - تماما كما افعل أنا- إذا رأتها تنفعل علي حفيدتها..وهكذا تدور الأيام وتتكرر الأدوار. مسك الختام بسم الله الرحمن الرحيم » كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ (29)«. صدق الله العظيم الآيات من سورة الدخان.