التحرش ليس كله فعل فاضح.. أو كلام واضح!! لكنه قد يكون بنظرة أو ابتسامة.. أو بطلب موعد ولقاء.. ولا عزاء لكلام أمير الشعراء احمد شوقي!! هكذا يري معسكر المتشددين بالتوسع في تعريف التحرش.. حتي اصبح ذلك موضة.. واصبح هناك سباق بين بعض منظمات المجتمع الاهلي لتقديم مشروعات قوانين تتوسع في تعريف التحرش حتي لو كان بكلمة سلام!! في المقابل هناك فريق يري ان ذلك ارهاب للرجال يمنعهم من الاقتراب من السيدات، ويحدث شرخا في العلاقات بين نصفي المجتمع ويفتح الباب لكيد النساء وان تحصين المرأة لا يكن بأسلحة قد تستخدم في الكيد للرجال. وان الافضل هو بث الاخلاق والفضيلة والتربية بين الصغار، اكثر من تشديد القوانين وصرامة العقوبات التي قد تؤدي بدلا من ذلك الي الانفلات!! ولكننا ننصح مؤقتا.. اوعي توصلها أو تعزمها علي الغدا.. حتي لا تتهمك بالتحرش. ما بين هؤلاء وأولئك عقد في القاهرة مؤتمر انظمة المركز المصري لحقوق المرأة، مع برنامج الاممالمتحدة للسكان والوكالة السويدية للتنمية الدولية، شاركت فيه 61 من قيادات وناشطات الدول العربية وناقشن عل مدي ست جلسات مفهوم التحرش الجنسي بالمرأة، اكدن انه ظاهرة قائمة في كل المجتمعات ويعد عنفا ضد المرأة يجب التصدي له بتشريعات قانونية وآليات تنفيذية. وفي تعريفهن للتحرش.. وما أوصي به المؤتمر ليعتبر جريمة لها عقاب مشدد كما اقترحت الناشطات ، قلن انه ليس من الضروري ان يكون التحرش سلوكا جنسيا معلنا أو واضحا، بل يكفي ان يكون تعليقات ومجاملات غير مرغوب فيها.. وقد يكفي تتبع الرجل لامرأة او تعبير بوجهه أو نظرة تراها السيدة نظرة جنسية ليشكل ذلك جريمة تحرش. واقترح العديد من المشاركات اصدار قانون خاص بالتحرش الجنسي ليتم تطبيقه عل اساس ان القوانين الحالية قاصرة عن حماية المرأة لانه ليس بها تلك الجريمة ولا تعاقب عليها. جريمة عنف فمن ليبيا اكدت د. فائزة الباشا استاذة القانون بجامعة الفاتح ان جريمة التحرش بأنثي تجرم كل فعل او قول او اشارة في طريق عام او مكان مطروق لانثي. بشرط ان يكون ذلك قد تم عن قصد لا عن خطأ. اما ماري روز زلزل المحامية اللبنانية فهي تري ان التحرش الجنسي يجب تجريمه بوصفه شكلا من اشكال العنف القائم علي الجنس يدخل في اطار التمييز ضد النساء بما ينتهك كرامتهن الانسانية وفي رأي مواطنتها ماجي عون ان القانون اللبناني متساهل مع هذه الجريمة وتصمت اللبنانيات عن الابلاغ عنها لصعوبة اثباتها. اما مريم عبدالله المخوي عضو جمعية الكتاب والادباء العمانيين فقد اكدت ان هذه الجريمة لا علاقة لها بدين معين وهي موجودة في اغلب المجتمعات ويختلف مفهومها والتعامل معها باختلاف ثقافات واعراف كل مجتمع والتقاليد السائدة فيه. لذلك فقد اكدت الجوهرة بنت محمد الوايلي رئيس جمعية الملك عبدالعزيز الخيرية النسائية بالسعودية ان الحكم الشرعي هو الذي يجب ان يسود ليحفظ حقوق المرأة .. مطالبة بالتوعية ونشر الثقافة الجنسية حسب المراحل التعليمية وفي نفس الوقت ايجاد تشريعات تجرم العنف الاسري. مشروع قانون وتقول المحامية نهاد ابوالقمصان رئيس المركز المصري الذي نظم المؤتمر ان نصوص قانون العقوبات لا تغطي موضوع التحرش الجنسي ويحتاج المجتمع الي استحداث هذه الجريمة وتحديد الظروف التي تستدعي التخفيف في العقوبة او التشدد فيها كما لو وقعت علي الاصول او الفروع او ذوي العاهات او اذا ارتكبت تحت تهديد السلاح او تنفيذا لأوامر سلطات معينة. وتوضح ان المركز المصري لحقوق المرأة تقدم باقتراح مشروع قانون الي لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب وعقد عضواتها عدة اجتماعات مع اعضاء اللجنة وكان المشروع يتكون من 3 مواد لتعديل بعض مواد قانون العقوبات الحالي لاضافة التحرش الجنسي الي عبارة هتك العرض وافساد الاخلاق الواردة في بابه الرابع مع تجريم كل من يتحرش جنسيا بذكر او انثي بدون ارادته مع ذكر العقوبات ومتي يتم تشديدها. وقالت ان المشروع ذكر ان جريمة التحرش تقع باللمس او التتبع او الملاحقة او بأفعال اخري كما تقع الجريمة بالتلفظ بألفاظ جنسية خادشة للحياء مباشرة أو غير مباشرة أو عبر التليفون او الانترنت او برسائل تحمل صورا أو نصوصا او نقوشا جنسية. وللقاضي الي جانب الحكم بالعقوبة له ان يتخذ تدابير اخري يراها مناسبة ومنها التشغيل لصالح المجتمع في أي مرفق عام. اما مسألة الاثبات فهذه اجراءات النيابة والقضاء.. ومن يثبت انه اتهم كذبا فعليه الرجوع علي من اتهمته وطلب محاكمتها والتعويض. قانون العقوبات يكفي ولا تتفق د. فوزية عبدالستار استاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة والرئيس الاسبق للجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب مع الرأي السابق حيث تقول انه لا توجد جريمة يطلق عليها التحرش بالانثي ولم يستعمل القانون ابدا هذا اللفظ، وكذلك الشريعة التي تقرر مبدأ مهما بنص قرآني »وما كنا معذبين حتي نبعث رسولا« وهو ما عرفته التشريعات الوضعية بأن لا جريمة الا بنص وفي حالة التحرش الذي يراد عقاب الناس عليه لا يوجد تعريف محدد له في مشروع القانون المقترح ولا يجوز في الجنايات تجريم فعل غير محدد النطاق ويتسع لكثير من المعاني لان ذلك سوف يتخذ ذريعة للاعتداء علي حريات الافراد وهو امر له خطورته. وتوضح ان كل ما يراد ادخاله في نطاق جريمة التحرش واكثر منه منصوص عليه في قانون العقوبات الحالي مع الجزاء الذي يوقع علي مرتكبه. فالقانون يعاقب علي جريمة هتك العرض بالقوة أو بغيرها ويشدد العقاب لو كان ذلك تحت تهديد ولو كان معنويا وحتي الشروع فيها مؤثم. ولو كان عمر المجني عليه فيها اقل من 7 سنوات أو كان الجاني احد اصول المجني عليه او المتولين تربيته او له سلطة عليه يكون العقاب اشد. وهناك تجريم للتعرض لانثي علي وجه يخدش حياءها بالقول او بالفعل في مكان مطروق او عن طريق التليفون، وكذلك للتحريض علي الفسق بإشارات او اقوال في الطريق العام كما ان الفعل الفاضح العلني المخل بالحياء، وارتكاب هذا الفعل مع امرأة ولو في غير علانية له عقوبة مشددة. ويضاف الي ذلك كله جريمة الاختطاف التي هي اساس جريمة التحرش والزنا ثم تسأل د. فوزية أليس كل ذلك كافيا لايحتاح لمزيد. اضافة الوسائل الحديثة وتنفي د. فرخندة حسن رئيس المجلس القومي للمرأة وعضو مجلس الشوري ان يكون المجلس قد تقدم بمشروع قانون للتحرش الجنسي لانه يري ان قانون العقوبات كامل ونصوصه تشمل تأثيم كل الجرائم التي يمكن ان تندرج تحت هذا الوصف وتحددها بدقة. وتوضح ان المجلس ليس من حقه التقدم بمشروعات قوانين ولذلك فقد عرض علي وزارة العدل - منذ سنوات - فكرة تعديل قانون العقوبات ليتماشي مع التطورات الحديثة للمجتمع وذلك باضافة الجرائم المنصوص عليها وتقع في هذا الاطار اذا تم ارتكابها عن طريق الوسائط الالكترونية الحديثة والتي لم تكن موجودة عند اصدار التشريع. كما اقترح المجلس توحيد عقوبة الزنا علي كل مرتكبيها سواء كان رجلا او امرأة وعدم التفرقة بين الزانية والزاني حتي تتفق العقوبة مع ما تقرره الشريعة الاسلامية. وعرض المجلس ايضا علي وزارة العدل ان يتم التعديل في اتجاه تشديد عقوبات الاغتصاب والخطف تحت ظروف معينة لتصل الي حد الاعدام في بعض الحالات مع تقييد المحكمة بعدم النزول بهذه العقوبة عدة درجات للتخفيف حسب تقدير القاضي وانما يسمح له بالنزول بهذه العقوبة درجة واحدة فقط لاحداث الردع المطلوب والمساعدة في وقف انتشار مثل هذه الجرائم. لا عقوبة علي النوايا ويؤكد المستشار جميل ندا رئيس محكمة الجنايات بالقاهرة ان ما هو مقترح لتوصيف جرائم التحرش لا يجعلها تصلح ان تكون محلا للعقوبة فالادانة لا تكون علي النوايا بل علي الافعال المادية المباشرة، فلا يمكن مثلا ان نعاقب رجلا لمجرد تتبعه امرأة، أو نحبس موظفا لدعوته زميلة علي الغداء، او آخر لاقتراحه توصيل جارة بسيارته، حيث لا نعلم المقصد من وراء ذلك فقد يكون بريئا. فالتجريم يجب ان يكون علي فعل مادي يترتب عليه مساس الرجل بجسم المرأة أو بإحدي عوراتها بقصد منه وتعمد وليس عفويا او بخطأ. وقد استقر الفقه علي ان النصوص العقابية يجب ان تبين الافعال المؤثمة علي سبيل الحصر وبالتحديد. ويمتنع في مسائل الجنايات القياس. وما نحن بصدده قضايا عرض وماسة بالشرف تشددت الشريعة في اثباتها لاقامة الحد علي مرتكبها، لان المدان فيها سيفقد اعتباره بين افراد مجتمعه فيلزم التأكد من ارتكابه الجريمة بشروطها حتي لا نظلمه. ويضيف المستشار ندا انه مع احترامنا وتقديرنا لكل النساء وحرصنا علي حماية الاخلاق والحفاظ علي الاداب العامة الا ان اثبات وقوع الفعل المادي وقصر ارتكابه مهم جدا، ويتم ذلك بالوسائل الفنية عن طريق الطب الشرعي وبشهادة الشهود حتي لا تمتلئ المحاكم بقضايا كيدية.