بث مباشر| فعالية تاريخية لتركيب وعاء ضغط المفاعل النووي بالضبعة    صالون التنسيقية يرسم ملامح البرلمان الجديد: تشريع منضبط وأحزاب قوية ونائب حاضر بين الناس    وزارة التضامن تقر حل جمعيتين في محافظة الغربية    تراجع أسعار النفط مع ارتفاع المخزونات الأمريكية    مصر للطيران توقع اتفاقية بيع وإعادة استئجار 3 طائرات أيرباص مع «BOC Aviation»    بسبب تراجع الانتاج المحلى…ارتفاع جديد فى أسعار اللحوم بالأسواق والكيلو يتجاوز ال 500 جنيه    المشاط تبحث توسيع نطاق برنامج «مبادلة الديون» مع نظيرتها الألمانية    محافظ قنا يبحث مع «المصرية للتنمية الزراعية» دعم المزارعين    السياحة العالمية تستعد لانتعاشة تاريخية: 2.1 تريليون دولار إيرادات متوقعة في 2025    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث استعدادت المحافظة للتعامل مع موسم الأمطار    إطلاق قافلة «زاد العزة» ال76 محمّلة ب9500 طن مساعدات إلى غزة    الدفاع الروسية: قواتنا استهدفت منشآت البنية التحتية للطاقة والسكك الحديدية    مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على قانون للإفراج عن ملفات إبستين    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى فعاليات "دبى الدولى للطيران 2025"    مصرع 8 أشخاص جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية فى فيتنام    خبير روسي: الجيش الأوكراني ينقل ما يصل إلى نصف أفراده من المنطقة الحدودية إلى كوبيانسك    برشلونة يعلن مواجهة آينتراخت على «كامب نو» بدوري أبطال أوروبا    القادسية الكويتي: كهربا مستمر مع الفريق حتى نهاية الموسم    30 ألف مشجع يساندون الأهلي أمام شبيبة القبائل في دوري أبطال أفريقيا    الزمالك يستقر على موعد سفر فريق الكرة لجنوب أفريقيا    أحمد عيد يقترب من الأهلي رغم منافسة الزمالك    هشام يكن: أطالب حسام حسن بضم عبد الله السعيد.. وغير مقتنع بمحمد هاني ظهير أيمن    الجنايات الاقتصادية تفصل في مصير تجميد أموال هدير عبد الرازق.. بعد قليل    «الأرصاد»: تقلبات خريفية وانخفاض الحرارة تدريجيًا بداية من الأحد    مصرع 3 شباب في تصادم مروع بالشرقية    ضبط 3 متهمين بقتل شاب لخلافات بين عائلتين بقنا    مصرع 6 عناصر جنائية شديدة الخطورة وضبط مخدرات ب105 ملايين جنيه بالبحيرة    ياسمين رئيس تنضم لمسلسل «اسأل روحك» في رمضان 2026    نجاح كبير لمعرض رمسيس وذهب الفراعنة فى طوكيو وتزايد مطالب المد    كارثة طبيعية يُعيد اكتشاف كمال أبو رية بعد 40 عاما من مشواره الفني    تعرف على أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    وكيل صحة البحر الأحمر يتفقد مستشفى الغردقة العام    «الصحة»: فيروس «ماربورج» ينتقل عبر «خفافيش الفاكهة».. ومصر خالية تماما منه    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لصندوق حماية البيئة وتستعرض موازنة 2026 وخطط دعم المشروعات البيئية    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    صيانة عاجلة لقضبان السكة الحديد بشبرا الخيمة بعد تداول فيديوهات تُظهر تلفًا    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب مشاركته فى معرض دبى الدولى للطيران    أفضل مشروبات طبيعية لرفع المناعة للأسرة، وصفات بسيطة تعزز الصحة طوال العام    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    اليوم.. نظر محاكمة 56 متهمًا بخلية التجمع    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أول فتاة تقاوم التحرش: أنا مصدومة فى الناس
قالت إن الجميع اعتبروها مجنونة لمقاومتها من تحرش بها
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 10 - 2008

نهى رشدى نموذج للفتاة المصرية الواثقة من نفسها، التى تستطيع التمييز بين الخطأ والصواب، وتستطيع أن تقول لا لكل خطأ، هذه الفتاة المصرية قررت ألا تسكت، بعدما تعرضت للتحرش الجنسى فى الشارع مثلها مثل الآلاف من الفتيات التى يتعرضن يومياً لخدش حيائهن بالألفاظ والنظرات المتفحصة والاحتكاك الجسدى المقصود، إلا أن معظمهن يضطررن لالتزام الصمت خوفاً من نظرة المجتمع التى تدين دائماً الفتاة فى مثل تلك المواقف. قررت نهى رشدى أن ترفع دعوى قضائية ضد المتحرش شريف جبريل وتنظرها محكمة شمال القاهرة 21 أكتوبر المقبل، نهى رشدى فى حوار خاص جداً لليوم السابع.
احكى لنا ما حدث فى ذلك اليوم؟
كنت يومها عائدة من السفر أنا وصديقتى هند، وعندما اقتربت من العمارة التى أسكن فيها، وهى فى أحد الشوارع المتفرعة من شارع الخليفة المأمون بمصر الجديدة، رأيت سيارة نصف نقل قادمة أمامى، وعندما اقتربت فى اتجاهى، بدأ سائقها فى الانحراف بها نحوى، شعرت لحظتها أن شيئاً ما غير طبيعى فى طريقه أن يحدث. وإذا بالسائق، عندما أصبح بمحاذاتى، يمد يده خارج النافذة ويمسكنى بقوة من صدرى، ويبدأ فى جذبى تجاهه بعنف شديد، لدرجة ألمتنى وشعرت أنى سأفقد الوعى.
وماذا فعلت؟
فى البداية لم أصدق ما يحدث، حاولت دفعه عنى بكل قوتى، ولكنه لم يتركنى، حتى أحسست أن يدىّ لم تعدا تقويان على مقاومته، فسقط على الأرض وأخذت فى الصراخ فتحرك وقتها بالسيارة، وهو يلتفت نحوى وعلى وجهه ضحكة ساخرة لن أنساها أبداً، ضحكة شخص واثق من نفسه ومن فعلته جداً "واحد متمرس"، كأنها ليست المرة الأولى التى يقوم فيها بهذا الفعل.
كيف شعرت وقتها؟
شعرت بشىء أكبر من الإهانة والغيظ، شعرت بغضب، غضب لا أستطيع وصفه.
ماذا حدث بعد ذلك؟
لحسن الحظ فى تلك اللحظة، جاءت سيارة فى الاتجاه المعاكس له، فاضطر للتوقف، فما كان بى إلا أن "جريت وطلعت على مقدمة السيارة" حتى لا أتركه يهرب.
ألم تشعرى بالتردد أو الخوف؟
شعرت وقتها بقوة لا أدرى من أين جاءتنى، كنت على استعداد لأن يدهسنى بالسيارة ولكنى لم أكن على استعداد لتركه "يفلت بعملته"، فعاد بالسيارة إلى الخلف وكنت لازالت فوق مقدمتها، فسقطت على الأرض ثانية.
ألم يكن هناك أحد يسير فى الشارع؟ إنه شارع يمتلىء بالمحلات التجارية، ألم يتقدم أحد لنجدتك؟
عندما تجمعت الناس وكان معظمهم من العاملين فى المحلات فى ذلك الشارع، وسألوا ماذا حدث، قلتُ لهم "اتحرش بى جنسياً"، ولكن يبدو أنهم لم يفهموا التعبير، ولكنهم فهموا "بالتقريب كدة من لفظ جنسيا إنها معاكسة".
وماذا فعلوا؟
الغريب أن بعضهم حاول مساعدة السائق على ركوب سيارته والهرب!! والبعض الآخر قال لى "طيب إحنا هنخليه يعتذر لك، ولما قلتلهم: يعتذر لى إيه؟ هو داس على رجلى"، ورفضت، صرخوا فىّ وقالوا لى "أمال إنتى عايزة إيه يعنى؟". قلت لهم: "هاخذوه على القسم". وواحد آخر قال لى "أنا مش فاهم إنتى واقفة كده فى وسط الرجالة تعملى إيه؟!". "وحتى الناس فى بلكوناتهم، كانوا واقفين يتفرجوا وبس".
أكنت ترتدين شيئاً مثيراً؟
إطلاقاً، كنت راجعة من السفر وكنت أرتدى ملابس واسعة جداً وعلى الرغم من ذلك، قال لى أحدهم "شوفى إنت الأول لابسة إيه"، الناس "بتطبق بجد نظرية "حافظ مش فاهم" معاكسة يعنى البنت هى اللى أكيد لابسة ملابس فاضحة، حتى لو لم تكن كذلك".
هل تعتقدين أنك لو كنت محجبة، لما تعرضت لذلك الموقف؟
أكيد لا، الملابس لم تعد أحد المعايير لتجنب الفتاة فى مصر أى شكل من أشكال التحرش، المثير للضحك أن أول مرة أتعرض فيها لمعاكسة من هذا النوع كنت أرتدى الحجاب منذ عدة سنوات.
ألم يكن هناك أى سيدات حاولن مساعدتك؟
لم أرَ سوى سيدة واحدة، وللأسف كان ما نصحتنى به هو "معلش يا بنتى، سيبيه يمشى، بس متبهدليش نفسك كده"!! كان ذلك هو موقف السيدة الوحيدة اللى حاولت "مساعدتى"!
تقولين أنك تعرضت لهذا الموقف فى الشارع الذى تسكنين فيه، لماذا لم تطلبى المساعدة من شخص تعرفينه؟
"المساعدة مبتطلبش فى موقف زى ده"، ومع ذلك عندما ذهبت صديقتى للاستنجاد بعامل الجراج القريب من منزلى والذى يعرفنى جيداً، "عمل نفسه مش سامعها".
أيعنى ذلك أنك لم تجدى شخصاً واحداً يساعدك؟
لم يكن هناك سوى شاب واحد لا يعرفنى ولا يزيد عمره عن عشرين سنة، هو الذى تعاطف معى، خاصة عندما بدأ الناس يتعاملون معى على أنى "واحدة مجنونة"، عندما صممت على اصطحاب هذا السائق إلى نقطة منشية البكرى، التى تقع "من المصادفة الغريبة على بعد عدة أمتار".
هل قمت باصطحابه بنفسك إلى النقطة؟
فى البداية، ذهبت صديقتى للاستنجاد بأحد فى النقطة، لكن أمين الشرطة هناك قال لها بمنتهى البساطة "مالناش دعوة، كلمى النجدة"!! فاضطررنا أنا وصديقتى والشاب الذى تعاطف معى "إلى جر السائق على النقطة"، "والناس ماشية ورانا وأنا سامعة تعليقاتهم "دى مجنونة دى ولا إيه؟ قسم إيه اللى دخلاه؟! دى أكيد هبلة!!".
وماذا حدث فى القسم؟
اتصل أمين الشرطة بالضابط، لكنه لم يأت! حاول ينصحنى وقال لى هو كمان "اللى إنتى بتعمليه ده بهدلة ليكى"، أجبته "أنا دارسة قانون وفاهمة كويس موقفى" فقام بكتابة محضر، أخذ أقوالى ولكنه لم يأخذ أقوال صديقتى ولا حتى الشاب الذى جاء معنا. وبعدها قال لى "مفيش عربية تودى السواق ده القسم، مفيش غير إنك تاخديه فى عربيتك".
وهل أخذته بالفعل فى سيارتك؟!
لم يكن أمامنا سوى ذلك، فتوجهت بصحبة والدى ومعنا هذا السائق وعسكرى من النقطة إلى قسم مصر الجديدة لتوثيق المحضر، أبدى الضابط هناك استياءه لأننى اضطررت إلى اصطحاب السائق فى سيارتى، وأكمل الإجراءات وتوجهت إلى النيابة المسائية فى نفس اليوم. وهناك حاول السائق الاعتذار لى، وهو ما يعنى اعترافاً ضمنياً بفعلته، ولكن عند أخذ أقواله رسمياً، أنكر ما حدث. وقد كان وكيل النيابة فى منتهى الاحترام وقال لى "أنت شجاعة جداً".
ما هو انطباعك تجاه موقف الناس، سواء فى الشارع أو فى القسم؟
صدمة أكبر حتى من صدمتى مما حصل، صدمة من جهل الناس، حسيت إنهم لا رجالة ولا متدينين، ناس بتهرج، فيه حالة تهريج جماعى، ناس على استعداد "يقفوا يتخانقوا ويزعقوا على جنيه مع سواق تاكسى، لكن مش علشان واحدة اتعرضت للإهانة والإذلال، أنا شفت ناس وقتها بيحقروا من اللى حصل، المضحك أننى قابلت بالصدفة محامياً فى النقطة، بدلا من أن يساعدنى، قال لى "فى بنت تعمل كده فى نفسها؟!".
أى أنه كان هناك شبه إجماع على أن إصرارك على أخذ حقك "بهدلة" لكِ؟
بالضبط، كما لو كان من الطبيعى أن يتحرش رجل بفتاة فى الشارع، وليس على الفتاة إلا أن تستمر فى طريقها كما لو كان شىء لم يحدث!! هناك حالة استهتار فظيعة، التفكير فى فكرة الشرف منعدمة، حالة التعامل مع فكرة التحرش الجنسى حالة مرضية، لو البنت أخذت موقفاً يبقى "ميصحش". "وهو إيه يعنى اللى يصح، اللى عمله السواق؟"، الغريب فى الأمر أن الناس لم تساعدنى، لكنهم فى الوقت ذاته لا يريدوننى أن أخذ حقى.
أهذه هى المرة الأولى فى حياتك التى تتعرضين فيها لمعاكسة؟
بالطبع لا، فالمعاكسات أصبحت فى كل مكان، فى العمل والشارع، وفى أى وقت من اليوم. لم يعد هناك مكان تأمن فيه البنت على نفسها وتضمن عدم التعرض لأى شكل من أشكال التحرش.
لماذا إذن قررت أن تأخذى حقك هذه المرة؟ وهل دراستك للقانون كان لها دور فى قرارك الاستمرار فى القضية؟
لأن هذه المرة مختلفة، إنّ تعرض البنت للتحرش عن طريق اللمس يشعرها بإهانة فظيعة، لقد تعرضت لموقف شبيه بذلك وكنت أصغر سناً بكثير، ولم أستطع وقتها الدفاع عن نفسى، وظللت أعانى من تأثيرها النفسى لسنوات بعدها، قررت وقتها "إنى مش هاسيب حقى تانى"، أما عن دراستى فأعتقد أن شعور أى فتاة بانتهاك حيائها لا يرتبط بنوع دراستها، لقد شعرت بالإهانة، ولذلك صممت على الاستمرار فى اتخاذ الإجراءات حتى النهاية مع هذا السائق.
هل تعتقدين أن التحرش مرتبط بالطبقات الاجتماعية الفقيرة؟
ليس بالضرورى، إن الأمر لا يرتبط بالطبقة الاجتماعية، فهناك أغنياء يمارسون التحرش بفتيات من طبقات اجتماعية فقيرة بواسطة سلطتهم وأموالهم. أى إننا نظلم الطبقة الفقيرة أو العاملة إذا قلنا أن التحرش مرتبط به الطبقة فقط. إن الأمر يتعلق بعدد من المفاهيم التى يخشى الناس مناقشتها، بنظرة المجتمع للمرأة، فالمرأة قد تكون كائناً "ضعيفاً" ولكنها ليست كائناً "حقيراً".
بعد مرور عدة شهور على هذه الواقعة، ألم يتغير موقفك، ألم يقل غضبك وشعرتِ بالتعاطف مع هذا الرجل؟
قد أكون هدأت قليلا من تأثير الواقعة نفسها. لكننى لن أهدأ تماما إلا إذا أخذت حقى. "أنا لو سكت، ده هيكون له تأثير سلبى أوى على نفسيتى، لأن لو حتى البنت اللى بتتعرض لفعل تحرش عملت نفسها مش واخدة بالها، ده كمان هيكون له أثر سيئ على حالتها النفسية"، فى كل مرة تتعرض فيها الفتاة لمعاكسة، كأنها تتلقى صفعة، سينتهى بها الأمر بلا شك بعد عدة صفعات للانهيار إذا التزمت الصمت، فقد ساهمت فى ظلم نفسى بصمتى هذا وفى تأكيد فكرة أنى ضعيفة وأحتاج لحماية.
هل حاول أى شخص من أقارب السائق الاتصال بك ومحاولة حل الموقف ودياً؟
فى البداية، جاء صاحب الشركة التى يعمل بها السائق إلى نقطة منشية البكرى، وقال لى "أنا مستعد أضربهولك وأربيه، بس سيبيه"، فقلت له "أنا مش هقولك الكلام المتكرر، لو كنت أختك أو بنتك، أنا هقولك حاجة واحدة بس، لو إنت شخصياً واحد اتحرش بيك كان هيبقى ده موقفك؟"، فلم يجيبنى. ثم حاول محامى السائق ووالدته الاتصال بى ولكننى أصررت على موقفى.
ألم تخشى أن يحاول السائق الانتقام منك؟
حتى لو تعرضت للأذى، فسيكون ذلك من خلال دفاعى عن حقى وليس من خلال سلبيتى.
أنت الآن فى انتظار النظر فى الدعوى التى أقمتها ضده، هل عندك ثقة فى أنك ستحصلين على حقك بالقانون؟ ماذا لو لم يأتِ الحكم فى صالحك، خاصة وأنه لا يوجد أى مادة فى القانون تذكر لفظ "التحرش الجنسى"؟
سيتم النظر فى القضية فى 21 أكتوبر، ومن المتوقع أن يتم سواء التأجيل وسواء الحكم النهائى، لأنها أدرجت كجناية هتك عرض، وإذا تم إثبات أن هذه الواقعة تمت مع سبق الإصرار والترصد، سيتم الحكم بالعقوبة القصوى 15 سنة. إلا أنه ليس من المستبعد كذلك أن يأخذ هذا السائق براءة، فى حال تم التشكيك فى أقوال الشاهد الوحيد فى القضية، وهى صديقتى هند. أتمنى ألا يذهب تعبى سدى. لن أنكر أننى لن أتضايق، ولكننى سأشعر وقتها أننى "كاملة الأهلية"، لأن جزءاً من كمال الأهلية أن يأخذ الفرد حقه".
ما رأيك فى مشروع القانون الجديد المطروح الآن والخاص "بالتحرش الجنسى"، تعريفه وتغليظ العقوبة فيه؟
"الناس فى الشارع استغربت كلمة "تحرش" لما قلتها وقت الحادثة". إن التحرش الجنسى "جريمة" بحق، لكن ما فائدة القانون إذا لم يتم تفعيله؟ "اللى فى الكتب مش كفاية"، القانون وحده ليس رادعاً كافياً، على السيدات أن يدافعن عن حقهن، فقانون هتك العرض كان موجوداً بالفعل، فهل كان أحد يستخدمه؟!!
ما هو موقف عائلتك وأصدقائك من تصرفك؟ لوم أم تشجيع؟
لم يحاول والدى إثنائى عن موقفى، بالعكس شجعنى على ما قمت به قائلاً "أنا فخور إنك مضعفتيش وأخذت حقك". أما عن صديقاتى، فى البداية قال لى البعض "ليه البهدلة دى" ولكنهم سرعان ما شجعونى. هناك واحدة قالت لى "انتى بتاخدى حقك ودى حاجة نادرة" وواحدة أخرى قالت لى "أنا صعبان على الراجل ده هيأخذ عقوبة طويلة أوى"، وآخرون قالوا لى "إنتى مش خايفة على سمعتك".
ألم تخشى بالفعل على سمعتك، خاصة بعد بدء الحديث عن القصة فى وسائل الإعلام فى مصر أو فى الخارج؟
بالعكس أنا لست الجانى، أنا الضحية. أنا من أرتكب فى حقها هذا الانتهاك. إن هدفى هو الظهور فى الإعلام لأكون مثالاً لغيرى من الفتيات، وأضعهن أمام أنفسهن حتى يخرجن عن صمتهن، وقد كان لظهورى هذا تأثير جيد، فقد تلقيت عدة مكالمات من وزارة الداخلية يستفسرون عما حدث بالتحديد. وكان جميعهم أشخاصاً فى منتهى الاحترام وقدموا لى اعتذارهم، ولكن ذلك لا ينفى أن أحدهم قال لى مثلاً "ده مش منطقى إن الراجل يخرج إيده من الشباك وهو سايق!!".
وماذا كان ردك؟
"هو يعنى اللى حصل كله أصلاً كان منطقياً، إن ده يحصل جنب بيتى اللى جنب النقطة ده منطقى؟ إن ما حدش يرضى يجى من النقطة ده منطقى؟".
ما الفائدة التى عادت عليك من تلك التجربة؟
أولاً، إن الإرادة تمنح قوة نفسية بل وبدنية كبيرة، فعلى الرغم من أن هذا السائق أضخم منى كثيراً، استطعت مقاومته. ثانياً، طالما أننى على حق، لن أتأثر بكلام الناس الذين يحاولون إحباطى أو كتم صوتى.
أنت مخرجة أفلام وثائقية وأفلام قصيرة، هل تفكرين بعد ما مررت به فى عمل فيلم عن "التحرش الجنسى"؟
بالطبع خطرت فى بالى هذه الفكرة، إلا أنه من المؤكد أن الفيلم لن يكون له نفس تأثير إيجابى وعملى كالموقف الذى أقدمت عليه، وهو رفض السكوت. لو كانت الفتاة المصرية لا تتنازل عن حقها، هل كنا رأينا واقعة مثل واقعة التحرش الجماعى المنظم الذى شهدته منطقة المهندسين؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.