رغم تأثير التكنولوجيا الإيجابي في حياتنا وتغييرها للأفضل وتيسير كثير من الأمور إلا أن هناك العديد من الظواهر السلبية الناتجة عن سوء استخدامها وأبرزها المعاكسات عبر رسائل SMS أو عبر النت أو المواقع الالكترونية ليضاف إلي أنواع التحرش الجنسي ولكن بشكل غير مباشر فليس عن طريق الملامسة أو الكلام أو النظرات ولكن باستخدام التليفونات المحمولة أو النت. الوسائل الحديثة توفر للمتحرش ضمان عدم رد الفعل العنيف سواء الضرب أو الاهانة والهروب من العقوبات الرادعة. المركز المصري لحقوق المرأة كشف في دراسة له عن ظاهرة التحرش الجنسي أن 83% من المصريات يتعرضن للتحرش مقابل 98% للأجنبيات اللاتي يتعرضن لنفس الظاهرة. ظاهرة التحرش عموما وارتفاع معدلاتها دفعت وزارة العدل علي الموافقة علي اقتراح مقدم من بعض نواب مجلس الشعب باضافة 3 مواد علي قانون العقوبات لمواجهة هذه الظاهرة السلبية. تتضمن هذه المواد توقيع عقوبة الحبس لمدة عام وغرامة لا تتجاوز 2001 جنيه أو باحدي العقوبتين علي كل من تحرش بغيره من الجنس الآخر دون إرادته سواء وقع التحرش باللمس أو اللفظ أو عبر التليفون الثابت والمحمول أو الاتصالات الالكترونية "النت". وتسري العقوبة علي المتهم في حالة ثبوت تلفظه بعبارات أو تلميحات أو ارتكاب ما يمثل صورا خادشة للحياء كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لاتقل عن خمسة آلاف جنيه كل من تحرش بطفل أو وقع التحرش ممن له سلطة علي المتحرش به أو وقع من الأصول أو الفروع.. بالاضافة إلي تغليظ العقوبة بالحبس لمدة لاتقل عن ثلاث سنوات إذا وقع التحرش من أكثر من شخص أو إذا كان المجني عليه معاقا ذهنيا أو بدنيا أو مريضا نفسيا. الأرقام مجهولة المصدر لخطوط المحمول والتي تباع علي الأرصفة تسببت في العديد من المشاكل للأسر والفتيات والشباب أيضا مما يؤدي إلي نوع من عدم الاستقرار الاجتماعي خاصة أن هذه الظاهرة ربما تتسبب في احداث فتن أسرية وزعزعة للثقة بين الأطراف الأسرية مما يزيد من تفاقم المشاكل والأزمات في ظل مكالمات ومعاكسات تليفونية مجهولة المصدر والهوية حتي يتم محاسبة أو معاقبة أصحابها لذلك يتطلب الأمر نوعا من الحزم مع مروجي وبائعي هذه الخطوط. "الجمهورية الأسبوعي" استطلعت آراء المواطنين حول ظاهرة التحرش الالكتروني أو التليفوني.. حيث تقول فرح سالم "موظفة" المشكلة في الماضي كانت من طرف واحد وهو الرجل أما الآن فالمشكلة أصبحت من الطرفين فقد تعرضت لموقف صعب جدا عندما أرادت إحدي زميلاتي في العمل الحصول علي المحمول الخاص بي لاجراء مكالمة لأن رصيدها نفذ فأجرت المكالمة علي جنب ولأني أثق بها لم أسترجع المكالمة أو أنظر حتي للرقم الذي اتصلت به بعدها بأيام فوجئت باتصال من رقم غريب في الرابعة فجرا وأغلق الهاتف تماما دون الرد عليه وتكررت المكالمات في أوقات أكون غالبا فيها مشغولة وفي أحد الأيام استقبلت المكالمة فإذا بصوت سيدة جاءني للسؤال عما إذا كان هذا الرقم خاص باسم زميلتي بالعمل فقلت لها لا فهذا الرقم خاص بي فأجابتني بأنها تريد الرقم الخاص بها فرفضت ذلك حتي استأذن الزميلة أولا وعندما سألتها من تكون فتلعثمت وقالت أي اسم وأعلم تماما أنها لا تقول الحقيقة. لم أهتم بالأمر كثيرا ونسيت أفاتح به زميلتي حتي جاءني اتصال من نفس السيدة مرة أخري وصوتها يتألم فقلت لها أنا مستعدة لمساعدتك ولكن بشرط وهو أن تقولي الحقيقة فوجدتها تبكي بشدة وأخذت تعتذر عن المكالمات العديدة التي طاردتني بها وظلت تبكي وتتوسلني أن أساعدها في الخفاء لأن بيتها علي وشك الخراب وعندما سألتها ماذا حدث وما علاقة ذلك بسؤالها المتكرر عن هذه الزميلة قالت انها اكتشفت وجود علاقة حب بين زميلتي وزوجها وأنها عندما راجعت الرسائل وجدت رسالة من هاتفي إلي هاتف زوجها وهي تعلم عن هذه الزميلة الكثير وسبق وأن تحدثت إليها لتبتعد عن بيتها وزوجها خاصة وأن لديها طفلين في عمر الزهور فوعدتها بذلك ثم فوجئت بوجود رقمي علي هاتف زوجها مؤخرا وطلبت مني مساعدتها حتي تتخلص من شبح الطلاق الذي يهدد أسرتها وبعد محاولات عديدة قمت بها نجحت في لم شمل هذه الأسرة ولا تعلم زميلتي أي شيء عن الموضوع حتي الآن وهي الآن علي أبواب الزواج. ميادة شوقي "محامية" شابة أنوثتها تسبق حديثها قالت بصراحة موضوع التحرش في الشوارع والمواصلات وحتي في المؤسسات أصبح ظاهرة وأمر واقع في حياتنا اليومية وبسؤالها عن تعرضها للتحرش عبر التكنولوجيا الحديثة قالت وهي تضحك طبعا تعرضت.. فمنذ 4 سنوات جاءتني رسالة علي موبايلي من رقم دولي بها شعر وغزل وجدته جميلا وتكرر أكثر من مرة وفي أحد الأيام وجدته يتصل بي وعندما فتحت الخط فوجئت بصوت شاب يقول لا تغلقي الخط فأنا شاب مصري أعمل في السعودية وأريد التعرف عليكي فقلت له أنت مصري وشرقي ومسلم فكيف تطلب مني ذلك فقال أنا أريد الزواج من فتاة مصرية ولو مكنشي لديك مانع فأنا أريد أن أتعرف عليكي وفوجئت بأنه عرف بياناتي من خلال الخط الذي أحمله فهو باسمي وبه جميع بياناتي من شكوي تقدم بها علي خطي وعندما علم أنني محامية تأسف بشدة وقام بارسال صورته علي مكتبي وعندما جاء إلي مصر واتصل بي وفوجئت به في مكتبي ويقوم بالسؤال عني وعندما سألته من أنت فقال أنا الشاب المصري المقيم بالسعودية وفوجئت بأن الصورة التي أرسلها لي لا تنطبق بالمرة عليه وأنها لشخص آخر فقمت بتوبيخه وقام هو في المقابل بالاعتذار الشديد ثم عرض علي بعض المشكلات القانونية التي وقع فيها لمساعدته وهو الأن أصبح عميلاً لدي المكتب والمعاملة أصبحت بين عميل ومحام فقط لا غير. كريمة سيد محروس الحلواني محامية تقول أكثر ما تتعرض له الفتيات في الشارع هو مضايقات الشباب في المترو والمواصلات خاصة عرض الكليبات الخارجة والأفلام الاباحية علي التليفون المحمول بصوت عال داخل المواصلات دون وجود رقابة أو حتي من ينهر هؤلاء الشباب لارتكابهم لهذه الأفعال المنحرفة بالاضافة إلي تصوير الشباب للفتيات خاصة في المترو وهن جالسات ولا يكترثن بما يفعله بعض الشباب. تضيق أنها في احدي المرات كانت تجلس في المترو ووجدت فتاة تصرخ بشدة وتقوم بشد تليفون من يد أحد الركاب وتقول انه أخذ يصورها وهي تجلس وهو يقف بجوارها وعندما تجمع بعض الركاب حول هذا الشاب وأخذوا التليفون منه وجدو صور الفتاة علي الموبايل في أماكن من جسدها لا يصح ولا يجوز ذكرها وغيرها من التحرشات التي تحدث في الزحام وللأسف هناك بعض كبار السن يفعلون الشيء نفسه من تحرشات لفظية وملامسات للفتيات خاصة صغيرات السن والتي تخاف أن تقول انه يقوم بالتحرش بها. سحر مجدي "طالبة" بالفرقة الرابعة بكلية الألسن تقول: تعرضت بالفعل للمعاكسة عبر المحمول وكانت ترد علي تليفوني رسائل نصية بشكل مستفز ولكن خالية من أي تجاوزات لفظية فأرسلت له كلمة قلت فيها "اتقي الله" فما كان منه إلا الاعتذار وعدم تكرارها مرة أخري. تضيف سارة محمد هاشم "طالبة" بالفرقة الرابعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس أن المعاكسات عبر المحمول أصبحت شبه عادية سواء عن طريق الصوت أو الرسائل. والجديد الآن هي أن هذه المعكسات قد تكون دولية في بعض الأحيان ومن كبار السن من الرجال وبسؤالها ماذا فعلن بعد هذه المعاكسات قالت أقوم باغلاق الخط وأستعمله في أوقات الضرورة. تقول سميرة حسان مغازي "طالبة" بكلية الحقوق تعرضت كثيرا للمعاكسات عبر رسائل المحمول وكثيرا ماكان بها ألفاظ خارجة بالرغم من أنني محجبة وبسيطة ولكن أعتقد أن أوقات الفراغ لدي الشباب تدفعهم إلي ارتكاب مثل هذه الأفعال وتروي سميرة حكاية احدي هذه المعكسات وتقول اتصل بي شاب يطلب مكالمة صديقه له وعندما أبلغته أن الرقم غير صحيح قال أنه متأكد من أن هذا الرقم خاص بصديقه فما كان مني إلا أن أقول له أن هذا الخط تبع سنترال وطلبت منه عدم معاودة الاتصال مرة أخري فقال: "طب ممكن أخد عنوان السنترال عشان أكلم منه". مني هشام "طالبة" بكلية الآداب قالت: معاكسات الشباب كثير ولكن أغرب معاكسة جاءتني من فتاة عبر الهاتف المحمول وكلها كلمات عبارة عن ألفاظ خارجة وعندما أبلغتها بأني سأقوم بعمل محضر لها في قسم الشرطة لم تعاود الاتصال مرة أخري وقمت بتغيير الرقم. تقول مني حمدي "طالبة" غالبا ما يقول المتصل ان هذا الرقم وجده علي تليفونه.. و يسأل مين معايا؟ وعندما يتعرف علي الصوت ويدرك أنني فتاة يقول صوتك حلو ممكن نكون أصحاب بعدها أقوم بتغيير الخط نهايا لأنه غالبا ما ينتشر الرقم بين أصدقائه وتقول مني: يا ريت الموبايلات تلغي ونرجع زي زمان. هبة محمد "طالبة" بكلية الألسن قالت: الحمد لله لم أتعرض لمثل هذه المواقف خاصة وأني لا أرد علي أي رقم لا أعرفه وعندما أجد الرقم متكرراً أعطي التليفون لآخر أو والدي للرد عليه وأقوم بعمل التليفون صامت أثناء النوم لأني أستيقظ علي المنبه الموجود به. وتضيف هبة انها معجبة ببعض خدمات شركات المحمول والتي أصدرت خدمات جديدة عبارة عن البلاك لست والويت لست والتي من خلالها يستطيع صاحب الهاتف الرد أو عدم الرد علي من يريد. البنت.. السبب الشباب اتهموا الفتيات بأنهن السبب وراء المعاكسات والتحرش التي يتعرض له وذلك بسبب ملابسهن العارية والضيقة والساخنة جدا التي تدفعهم لذلك بل أحيانا تسعدهم تلك المعاكسات. يقول أحمد مصطفي "طالب" بالتأكيد البنت المحترمة لا يستطيع أحد معاكستها وعندما سألناه وما هو الاحترام من وجهة نظرك؟ قال يعني لو محجبة لازم يكون لبسها واسع وتكون مشيتها محترمة ولو لبست بنطلون لايكون ضيقا. أما علي حسن وهو مشارك علي أحد المواقع في الانترنت فيري أن البنات يرغمن الشباب علي معاكستهن بسبب الملابس المثيرة وطريقة الكلام والضحك بصوت عال والتهريج الذي ليس له حدود. خالد سمير فيقول: لدي صديقاتي من المنتقبات وللأسف الشديد يتعرضن للتحرش وفي رأيي ما يحدث نتيجة لابتعاد الشباب من الطرفين عن الدين. طارق صلاح "طالب" بكلية الحقوق عين شمس بصراحة صعب أن الولد يتعاكس فعلي الرغم من أن ما نسمعه من اختراق لعاداتنا وتقالدينا نحتفظ كمجتمع شرقي البنت بنت ولديها خجل من فعل ذلك. أما أدهم سامي وهو طالب بكلية التجارة عين شمس فقال: انه تعرض للمعاكسة من احدي الفتيات عبر المحمول وفوجيء أنها صديقة لاحدي زميلاته وطالبته بالخروج كجروب للتعارف بين الزملاء وأخذا يتحدثان لفترة وعندما تحدد موعد لقائهما ورأها لم يعجبه "الاستيل بتعها" فتركهم في الطريق ولم يذهب معهم. أحمد توفيق بصراحة البنات السبب في ذلك طريقة كلامهن وإصرار كل فتاة أن تلبس علي الموضة حتي ولوكان ذلك غير لائق يجعلها صيدة سهلة للشباب وبسؤاله عما إذا تعرض للمعاكسة قال بصراحة بيحصل..! وماذا عن رد فعلك قال: عادي البنات عاوزين المعاكسات لذلك يرتدين الملابس الضيقة ويتكلمون بحديث ناعم فأكيد الشاب هيطمع فيهن لكن أنا والحمد لله أتعامل بحدود خاصة وأنا في العام الأخير من دراستي بالكلية وأبحث من الآن علي وظيفة حتي أكون نفسي ورغم ذلك هناك فتيات محترمات ومتربية كويس. شرطة الأسرة نهاد أبوالقمصان المحامية مديرة المركز المصري لحقوق المرأة تقترح وجود شرطة للأسرة تتولي أنواعاً معينة من الجرائم منها التحرش وهتك العرض والاغتصاب فكلها قضايا تعني الفتيات والأسر. كذلك قضايا الأحوال الشخصية والعنف المنزلي الذي تتعرض له المرأة بوجه عام فهناك بعض الجرائم تحتاج إلي الخصوصية. تطالب أبوالقمصان وزارة الداخلية بأهمية تقديم دورات تدريبية وتوزيع بعض المنشورات علي الضباط لضرورة الاهتمام بقضايا التحرش التي تحدث فهي قضية لاتقل أهمية عن قضايا السرقة والقتل فالجرائم الصغيرة مثلها مثل الجرائم الكبيرة فمضمونها واحد وهو وجود جان وضحية. وأشارت نهاد أبوالقمصان إلي التعديلات التي أقرتها وزارة العدل والتي جاءت بسبب النتائج البحثية التي قام بها المركز المصري لحقوق المرأة والذي كشف عن وجود 83% من النساء يتعرضن للتحرش المباشرة أو أحد أشكاله كلمس الجسد والتلفظ بألفاظ خارجة ذات إيحاء جنسي وتعلق علي التحرش بالتكنولوجيا قائلة: ملاحقة مرتكبي الجرائم الالكترونية أسهل بكثير من اللحاق بهم في الشارع فهي من أسهل ما يكون فوزارة الداخلية لديها تقنية حديثة وهي التتبع لملاحقة هؤلاء المجرمين بشكل سريع وتقديمهم للمحاكمة. وتقول جورجيت قليني عضو مجلس الشعب: عن مبادرة المشروع الجديد لوزارة العدل لوضع قوانين جديدة رادعة لظاهرة التحرش ان الشارع المصري أفرز نوعا من الجرائم الموجهة ضد المرأة ولم يرد لها توصيف واضح في قانون العقوبات وأن التقدم التكنولوجي ساهم في وجود وسائل جديدة أدت إلي وقوع جريمة التحرش الجنسي ولا يوجد لها عقوبات لذلك تقدمت بطلب لاجراء تلك التعديلات. وطالبت بضرورة مواكبة المجتمع لهذه التطورات والتصدي لمثل هذه الجرائم لردع من يحاولون زعزعة أمن المواطن. شباب العشوائيات سهام نجم رئيس جمعية المرأة والمجتمع تقول: إن ظاهرة التحرش الجنسي في مصر أخذت تتزايد بشكل لافت للانتباه خلال ال "10 سنوات" الأخيرة نتيجة خلل المنظومة الاقتصادية والسياسية ومن ثم انهار الكيان المجتمعي والذي سوف نجني نتائجه وأثاره بشكل أكبر علي المدي البعيد. مشيرة إلي أن جذور المشكلة الاقتصادية يرجع إلي أواخر السبعينيات حيث تزامن معها الانفتاح الاقتصادي وظهور ما يعرف بالاقتصاد الحر وما أعقب ذلك من إحداث فجوة كبيرة بين أصحاب الدخول العليا وأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة الأمر الذي لم يقدم معه الحماية الكافية للمجتمع حتي بداية التسعينيات حيث بدأ ظهور نوع آخر من المشكلات أهمها البطالة وما أفرزته من أجيال مضغوطة نفسياً وخروج الأطفال للعمل فتأثرت المنظومة الاجتماعية بصورة أكبر واستفحلت المشكلة مع وجود العشوائيات والفئات المهمشة في المجتمع وأصحاب الفرص الأضعف في المجتمع. توضح أن أكثر البيئات التي تجتذب أكثر الظواهر السلبية في المجتمع تكمن في المناطق العشوائية لأنها حرمت من التطوير والخدمات والتوعية فكان من الطبيعي أن تفرز كل هذه السلبيات علما بأن هناك مئات المشكلات مازالت كامنة ولم يتم الافصاح عنها حتي الآن. مؤكدة إلي أن تخصيص خرائط الكترونية ومواقع جديدة علي الانترنت لمساعدة النساء اللاتي تعرضن للتحرش ومن خلال الابلاغ السريع عن حوادث التحرش ما هو إلا أداة جادة من أدوات العلاج لكن الحل الأساسي للقضاء علي هذه المشكلة هو الوقوف علي الأسباب الحقيقية للمشكلة والتي تكمن في الفقر وعدم وجود فرص عمل ومشروع قومي يلتف حوله الشباب ويستطيعون من خلاله إخراج طاقتهم بشكل إيجابي يعود عليهم بالنفع ولا يتحقق ذلك إلا بالدور الايجابي للقطاع الخاص وتكاتفهم مع جمعيات المجتمع المدني في إيجاد حلول واقعية سريعة يمكنها النهوض بالمجتمع وتخليصه من كبوته. ولعل أحد أهم الحلول فاعلية في ظل تفاقم هذه الظاهرة هو نشر الشرطة النسائية في شوارعنا ومياديننا خاصة في فترات الزحام وخلال الأعياد والمناسبات والاحتفالات والتي أصبحت موسما للتحرش الجماعي وأصبحنا في حاجة ماسة إلي تفعيل دور وزارة الداخلية في التصدي لهذه الظاهرة ولترسيخ معني الأمان بالشارع المصري مرة أخري. بينما يري د.عبدالرحمن تريل أستاذ الاقتصاد بجامعة المنوفية أن تفاقم وتنامي ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعنا ليس لها علاقة بتدهور الأوضاع الاقتصادية فمن منا ينسي الأزمات المالية الطاحنة التي ألمت بنا في فترة الستينيات ولم تؤد إلي تخلينا عن قيمنا و عاداتنا وتقاليدنا بل كان المجتمع رغم محنه وأزماته العديدة أكثر تماسكا وترابطا من وقتنا هذا لافتا إلي أننا الآن نمر بما يمكن أن نسميه بالحرب الباردة التي تستهدفنا وتنال منا بشكل غير مباشر وبأنواع أخري من الأسلحة لم نعتد عليها خلال الحروب العدة التي خضناها لاسيما المخدرات والنيل من عقول شبابنا ونزع القيم ونشر الأفلام والقنوات الإباحية وأعتقد أن أعداءنا استطاعوا تحقيق نتائج متقدمة في إحداث هذا بكل صور الابهار التي استهدفت المجتمع وكان يجب أن يقابل هذا بالوعي. يوضح أنه كعضو هيئة تدريس ومن خلال تعامله اليومي مع الشباب وجد أن شبابنا فعلا في أزمة حقيقية وهناك فجوة كبيرة بينه وبين أسرته التي انشغل فيها الأب والأم عن دورهما وانخرطا في البحث عن المال وتحقيق الثروات لكن فقدا ما هو أهم وأثمن إلا وهو أبناؤهم وأصبح الأهل لا يعرفون ما يفعله أبناؤهم خارج البيت وغياب الرقابة بالقطع يعزز حرية غير مسئولة ينتج عنها مثل هذه الظواهر المجتمعية الخطيرة. ويحذر د.تريل من الأمية الاستهلاكية والاستخدام الخاطيء للتكنولوجيا من حولنا فالعالم كله يستغل التليفونات المحمولة والرسائل الالكترونية في انجاز حاجاته الضرورية بصورة أسرع ولكي يعود عليه هذا بالنفع لكن نحن نقوم باستغلالها في عكس ما وجدت من أجله فانتشرت المعاكسات عبر المكالمات التليفونية رغم ارتفاع سعرها بالنسبة للأوضاع المالية الطاحنة التي نعانيها الآن وكذلك نشر الصور الفاضحة والنكات التي تتضمن تعبيرات جنسية أو خارجة بصورة مبالغ فيها أفرزت إلي جانب الأمية الاستهلاكية الأمية الدينية والأخلاقية. نحتاج إلي إعادة صياغة منظومتنا الاجتماعية والتربوية والتعليمية والاهتمام بالنشء منذ الصغر من خلال دور الأسرة والتربية القائمة علي الدين والأخلاق والقيم المتوارثة ويساعد علي تحقيق هذا عودة دور وزارة التربية والتعليم في ترسيخ معاني الأخلاق وبثها في أبنائنا قبل أن نتكلم عن التعليم ومن هنا يمكننا القول أننا في حاجة إلي صحوة مجتمعية وحملات تستنهض أخلاقياتنا وقيمنا وشعور كل منا بالآخر. ليست قضية غني أو فقر ويتفق معه في الرأي د.يوسف إبراهيم يوسف.. أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر حيث يري أن هذه الظاهرة استفحلت نتيجة تراجع الأخلاق وعدم التمسك بالدين وليس بسبب الغني أو الفقر خاصة أننا نري أبناء "الذوات" وأصحاب الطبقات العليا في المجتمع لهم دور كبير في هذه المشكلة نتيجة عدم التربية السليمة وعدم الشعور بالمسئولية وليس نتيجة الحرمان أوعدم إشباعهم لرغباتهم المالية أو الاقتصادية. مشيرا إلي تزايد الجرائم في المجتمع بدا واضحا عندما تخليناعن أحد أهم الأسلحة القوية التي تحمي الأمم وتزيد من عزيمتها إلا وهي الخلق والدين وهذا لا ينفي أن هناك مشكلة حقيقية لوجود البطالة وضعف المرتبات وارتفاع الأسعار وتأخر سن الزواج لكن المشكلة الأهم والأكبر تكمن في تراجع الأخلاق والدين والحل لدي الاعلام والكف عن بث كل هذه المغريات. إحصائيات مفزعة يصف د.حامد أبوطالب عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر. عضو مجمع البحوث الاحصائيات والأرقام التي توضح تنامي ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعنا بالمفزعة لأنها تصف مصر بأنها غابة يتحرش فيها الرجال بالنساء والعكس وهو غير صحيح لأن نسبة 83% من النساء يتعرضن للتحرش أي أنها تقترب من 100% هو مؤشر خطير لايجب التهاون بشأنه لأننا رغم انتشار مثل هذه الظواهر السلبية وغيرها مازلنا نلتزم بتعاليم الأديان وبعاداتنا وتقاليدنا. مشيرا إلي أن السبب الرئيسي في ظهور هذه الآفات في المجتمع هو الاعلام المفتوح الذي تسبب في افساد عقول وأخلاق الشباب بما يعرضه من أفلام جنسية وأغاني وكليبات تتضمن مشاهد إيباحية وعري وعرض كل ما يتنافي وعاداتنا وقيمنا التي تربينا عليها ورسخت بمجتمعنا لكن أصبحت تتراجع تدريجيا لتحل محلها ثقافة التحرر والتشبه بالغرب وهو ما يبدو واضحا في أوساط الشباب والمراهقين هذه الأيام سواء في هيئته أو أقواله وأفعاله. ويشير إلي أن الآية الكريمة في سورة الاسراء رقم 36 بينت قول الله تعالي "إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا" أي أن الانسان مسئول عن سمعه وبصره وفؤاده أي قلبه وهو ما يؤكد أن الانسان سيسأل علي الكلمة أو النظرة لذلك يحرم إيزاء الآخرين بالقول من خلال إيحاءات أو تعبيرات جنسية مشينة أو بالبصرحيث تتبع مفاتن النساء أو بالسمع من خلال المعاكسات التليفونية أوإلقاء النكات الجنسية أو باستغلال المنصب أو الوظيفة في التحرش بالمرؤسين وهو أشدهم خطورة لأنهم يجدون أنفسهم مجبرين علي الصمت خوفا من فقدان وظيفتهم. تخلي المرأة عن دورها ترجع د.آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة بجامعة الأزهر انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بهذه الصورة المخيفة إلي تخلي المرأة عن دورها في البيت بعد خروجها إلي العمل وتحملها الثقلين تحمل مسئولية البيت والعمل فلم تستطع التوفيق بين دورها كموظفة ودورها الأساسي كأم والمجانسة بين هذين الدورين يحتاج إلي مقومات هائلة عجزت المرأة عن تحقيقها لعدم تضامن زوجها معها بالشكل الكافي. مشيرة إلي أنه لا يجب أن نلقي بالمسئولية علي الظروف والضغوط التي تعصف بالمجتمع بقدر ما يجب أن نلتفت إلي منابع المشكلة وهي التربية السليمة النابعة من صحيح الدين لكي يكون لدي شبابنا الوعي والحياء الذي هوخلق الاسلام مصداقا إلي قول النبي صلي الله عليه وسلم "لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء". وتؤكد أن السينما والقنوات الفضائية لعبت دورا كبيرا في استفحال هذه الظاهرة نتيجة انتشار الأغاني والأفلام الخارجة والتي تبرز النساء عرايا وفي أوضاع تثير غرائز الشباب وتدفعهم لتفريغ غرائزهم بشكل غير مشروع. ومن هنا والكلام علي لسان د.أمنة أدعو المسئولين عن الاعلام والفضائيات وهذه الأفلام التي تبث جميع أنواع الفواحش أن يراعوا الله في شبابنا. وكفانا مخاصمة للأديان بعد أن بعدنا عن تعاليمها فأصيب المجتمع في أخلاقه وعاداته وقيمه. قصور تربوي د. إيناس أبويوسف.. استاذ الصحافة وعضو لجنة الاعلام بالمجلس القومي للمرأة تؤكد ان الاعلام اساء للمرأة عندما قدم اعمالا فنية واعلانية وكليبات وأغاني خارجة وظفتها توظيفا سيئا وأظهرتها في أوضاع لا تتناسب وعاداتنا وتقاليدنا المجتمعية. الأمر الذي انعكس علي الشباب الذي يعاني ضيق ذات اليد والأزمات المادية الطاحنة فأدي إلي تفريغ مشاعرهم وحالة الكبت بصورة سلبية تسئ للنساء والفتيات حتي اللاتي ارتدين ثياب الحشمة والتدين فوجدنا حتي المنتقبات يتم التحرش بهن. فالقضية هنا قضية قصور تربوي حقيقي نعاني منه بعد ان انشغلت الأسرة في جمع المال وفقدت ابناءها فانعكس ذلك علي سلوكياتنا وأخلاقنا التي قلبت رأسا علي عقب. ورغم تفاقم ظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعنا والكلام علي لسان د. ايناس إلا انها مازالت دخيلة علينا حيث كنا نعرف بالنخوة والشهامة وكنا نري حرص الشباب علي ابنة "حتتهم" وأول من يدافعون عنها إذا ما تعرضت لأي سوء ولكن الواقع يقول اننا بصدد أزمة اقتصادية واجتماعية عنيفة ولدت حالة لا تخفي علي احد وهي الخلل القيمي الذي افرز هذه الظواهر والأمر الآن اصبح في يد الاسرة التي يجب أن تعي أهمية التنشئة السليمة والتربية القويمة التي تعد جيلا قادرا علي ان يواجه الأزمات وليس زيادتها. وتشير إلي ان الاعلام نجح في تقديم التوعية للنساء اللاتي تعرضن للتحرش أو الايذاء النفسي أو البدني لتخطي هذه الأزمة بعد ان ظللن لسنوات طويلة يخشين الافصاح عن ذلك أو تقديم شكواهن في اقسام الشرطة لكن الآن اصبحت المرأة اكثر جرأة لمواجهة هذه الأمور فبرزت المشكلة بوضوح أمام الرأي العام وتؤكد ان أكثر الفئات التي تتعرض للمضايقات والتحرش من المهمشان والعاملات في المصانع وفي المحال التجارية لأن المتحرش بهن يعلم انهن أكثر حرصا علي الاحتفاظ بعملهن فسيؤثرن الصمت لذلك يجب علي الحكومة التصدي لذلك بالردع السريع وبدعم الجمعيات الأهلية التي تلعب دورا كبيرا في توعية المجتمع. ومن جانبه يري د. هشام بحري استشاري الطب النفسي بجامعة الأزهر انه كان من الطبيعي ان نجد الرجال يمارسون العنف أو التحرش بالنساء لكن اللافت للنظر الآن هو وجود النساء اللاتي يتحرشن بالرجال وذلك يرجع لسببين هامين الأول ارتفاع سن الزواج والعنوسة ووجود اعداد كبيرة من النساء في المجتمع ليس لديهن أمل في الزواج القريب أو البعيد والسبب الثاني هو سلطة المرأة في عملها قد يدفعها في بعض الأحيان الي ذلك مشيرا إلي ان هذه الظاهرة تعود للضغط النفسي الذي أصبح يعانيه المواطن المطحون في ظل تدني مستوي المعيشة والغلاء الفاحش والضغوط الاقتصادية التي أصبحت لا تعد ولا تحصي. ويضيف أن هناك دراسة اعدتها جامعة الأزهر اظهرت ان للضحية دورا كبيرا في حالة الاعتداء الجنسي عليها ليس بسبب ما إذا كانت ترتدي ملابس ضيقة أو وضع مستحضرات التجميل بشكل مبالغ فيه ولكن لأنها تبدو ضعيفة وسلبية فلا يكون لها أي ردود فعل توقف بها المتحرش بينما تقل نسب التعدي فحالة إذا كانت المرأة تبدو قوية. مؤكدا ان هذه القضية لا يمكن الآن من الحد منها لأنها في تزايد وستتزايد أكثر فيما بعد لأننا لا نعالج المشكلات من اسبابها ولا نقف علي الدوافع التي أدت إلي ذلك وتركنا الحلول الأساسية في أن يعيش المواطن حياة كريمة هادئة ويتمتع بأبسط حقوقه وتخفيف عنه هذا العناء لكي يعود للمجتمع أمانه وهدوءه الذي غاب عنه.