في حوض النيل.. من الموارد المائية الصيفية ما يكفي حاجات كل سكانه.. من دول المنبع.. ومن دول المصب.. سواء كانت هذه الدول تعتمد علي الري.. أو تعتمد علي المطر فقط فإن المطلوب هو حسن استخدام هذه الموارد. لا مجال.. ولا معني للصراع علي موارد المياه بين دول حوض النيل.. هكذا يقول الراحل العظيم جمال حمدان.. تحت عنوان: التوازن الطبيعي بين الموارد والحاجات في موسوعته النادرة شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان. يقول: الطبيعة ألغت الحاجة إلي الصراع علي الماء.. ومنعت وجود التعارض بين مصالح الأطراف المختلفة.. وأوجدت نوعا من التوازن والتعويض التلقائي بين المطالب والحاجات الحقيقية من الماء لكل دول الحوض. كميات المطر تنخفض كلما اتجهنا نحو الشمال حتي تكاد تصل إلي نقطة الصفر في أعلي شمال الحوض.. أي في مصر. وبالتالي فإن اعتماد الزراعة علي الري يزداد كلما اتجهنا شمالا.. وتصل إلي الاعتماد الكامل في مصر. ففي الجنوب نجد الزراعة مطرية بصورة مطلقة ومكتملة تماما.. فدول المنابع تجد كفايتها من المطر دون أدني حاجة إلي مياه الري.. بل إن المشكلة أحيانا تكون في إفراط المطر.. ومن ثم فإنهم ليسوا في حاجة إلي مشاريع ري.. وإنما في حاجة إلي مشاريع صرف. إن الحياة في دول المنابع لا تعتمد علي النهر.. إنها ليست مجتمعات نيلية بمعني الكلمة. أوغندا تعتمد علي البحيرات.. وهي مجتمع بحيري أكثر مما هو نهري. جنوب السودان مجتمع مستنقعي أكثر مما هو نهري.. الحبشة مجتمع هضبي أكثر مما هو نهري. مصر مجتمع نهري فقط أولا وأخيرا. الخلاصة: النهر لا يكاد يمس حياة السكان في نطاق دول المنابع.. خاصة الحبشة.. سواء في الري. أو الرعي.. أو الشرب.. أو الصيد.. أو الملاحة. ويمكن القول إنه لو لم يوجد النيل وروافده أصلا في دول المنايع جميعا.. لما تغير واختلف نمط الحياة فيها تقريبا.. ولما شعر سكانها بأي فارق.. والعكس في دول المصب.. خاصة في مصر.. لو لم يكن النيل موجودا لاختنقت الحياة من الأصل. خلاصة الخلاصة: دول المنابع تستطيع الحياة بصورة كاملة دون النيل.. لأن عندها مطرا يكفيها ويزيد علي حاجتها. فلماذا الصراع؟! ابحث عن التدخل الخارجي!