هل سمع أحد من قبل عن غزو الجيوش الإفريقية لأوروبا وأمريكا, أو قيام سفنها بعمليات استطلاع في المياه الأوروبية أو الأمريكية, أو عن شركات إفريقية تعمل في مجال البترول علي أراضي أمريكا أو أوروبا ؟ بالطبع لا. ولكن الغرب وقواته يتوغلون في كل الدول الإفريقية تقريبا وذلك من خلال قيادة أمريكا للجيوش الإفريقية لتصبح إفريقيا ملعبا يمرح فيه الغرب. وبطريقة غريبة للغاية يخشي الغرب والحكومات الإفريقية الديكتاتورية إفريقيا القوية الديمقراطية الموحدة التي تحول دون استفادة الغرب من الموارد الطبيعية للقارة السمراء حيث تنهب شركات المعادن والبترول الغربية الثروات الهائلة للقارة. ولا شك أن القارة السمراء تحتاج إلي وحدة علي مستوي الشعوب وليس علي مستوي الرؤساء فقط وهو ما يتمثل في منظمة الوحدة الإفريقية. وذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن قوات حلف شمال الأطلنطي( الناتو) عندما غزت ليبيا كان هناك دليل قاطع علي غياب الوحدة الإفريقية التي ينبغي أن تتحرك في أوقات الأزمات لتدرأ التدخل الأجنبي. وأكدت الصحيفة أن الوحدة لا تزال حلما إفريقيا, وأن وجود منظمة الوحدة الإفريقية ينبغي أن يكون حافزا لتحقيق المزيد لتحقيق الوحدة الفعلية علي الأرض ومثلما قال الفيلسوف فيكتور هوجو( لا شيء مثل حلم لبناء المستقبل). ويرجع إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية إلي عام1963 والتي بدأت بتوقيع نحو30 دولة والتي تشمل الآن كل الدول الإفريقية, إلا أنها ليست وحدة علي غرار الاتحاد الأوروبي أو الولاياتالمتحدةالأمريكية, لقد تحولت المنظمة الإفريقية إلي ساحة للكلام والخطب دون أن تنجح في أن تكون ناديا حربيا يخشاه الغرب ومن ثم تراجع دورها داخل إفريقيا ومن ثم علي المستوي العالمي. إفريقيا التي تتسع لأمريكا وأوروبا والصين والهند لا بد أن يستفيد مواطنوها من ثرواتها الطبيعية والمعدنية والزراعية إلي جانب ثرواتها البشرية التي تمثل طاقة هائلة للعمل يستفيد بها الغرب في العمالة الرخيصة, والتي تمثل بحق السيطرة المالية العالمية والسوق البازغة التي تهدر ثرواتها لتحقيق النمو والتقدم للمستعمرين القدامي. وننتقل إلي الصراع الصيني الغربي علي أرض إفريقيا حيث تنتهج الصين منهج القوة الناعمة للسيطرة علي عقول وقلوب الأفارقة من خلال الإسهام في تعليم الأفارقة بدلا من النفاذ المباشر إلي المصالح مثلما يفعل الغرب, حيث أسهمت الصين بمساعدات ضخمة للجامعات الإفريقية إلي جانب قيامها بتقديم قروض لإزالة الألغام إلي جانب تطوير البني التحتية وإنشاء مشروعات السكك الحديدية والتي أصبحت القارة في أشد الاحتياج إليها إلي جانب إنشاء العيادات والمدارس, مما أدي إلي زيادة هائلة للنفوذ الصيني في وسط إفريقيا. وتتركز مخاوف الغرب علي التعاون الصناعي بين الصين وإفريقيا خاصة فيما يتعلق بصناعة السيارات في جنوب إفريقيا وهو ما يهدد المصانع الغربية في العمق. وتستعد الصين لإنشاء مصانع للصلب في إفريقيا وهي الأنسب لقيام مشروعات مشتركة في المستقبل بين الجانبين.