وفد طلابي من هندسة دمنهور يشارك في فعاليات ملتقى "موبيليتي توك"    بعد شائعات انتشاره.. خطوات تقديم شكوى في حالة اكتشاف بنزين مغشوش    باكستان تؤكد استهدافها بهجوم صاروخي هندي وتتوعد بالرد    شهيد و3 مصابين في غارة للاحتلال على قرية كفر رمان جنوب لبنان    سفير مصر في اليونان: أثينا تقدر دور القاهرة في غزة والعلاقات بين البلدين نموذجية واستراتيجية    نقل حسام عاشور للمستشفى بعد تعرضه لأزمة صحية    متعة التشامبيونز مستمرة| الإنتر وبرشلونة يلجآن لشوطيين إضافيين    توقعات طقس ال 72 ساعة المقبلة.. هل يستمر ارتفاع درجات الحرارة؟    وزير الثقافة والسياحة التركي يزور منطقة أهرامات الجيزة    كندة علوش: الأمومة غيرت حياتي وعلمتني الصبر (فيديو)    مركز السينما العربية ينظم ندوة عن ازدهار السينما المصرية في مهرجان كان السينمائي    أحدث تقنيات جراحات الأنف والأذن والحنجرة دمياط بالملتقى العلمي العاشر    وزير الأوقاف: المسلمون والمسيحيون في مصر تجمعهم أواصر قوية على أساس من الوحدة الوطنية    بيسيرو لم يتم إبلاغه بالرحيل عن الزمالك.. ومران اليوم لم يشهد وداع للاعبين    البابا تواضروس أمام البرلمان الصربي: إخوتنا المسلمون تربطهم محبة خاصة للسيدة العذراء مريم    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    نائب رئيس جامعة الأزهر: الشريعة الإسلامية لم تأتِ لتكليف الناس بما لا يطيقون    تحديد جلسة طعن سائق أوبر على حكم حبسه في وفاة حبيبة الشماع    الأول من نوعه في الصعيد.. استخراج مقذوف ناري من رئة فتاة بالمنظار    اليوم العالمى للربو.. مخاطر تزيد أعراضك سوءاً وأهم النصائح لتجنب الإصابة    «الخارجية» تصدر بيانا بشأن السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    الأمطار تخلق مجتمعات جديدة فى سيناء    الوزير: تطوير الصناعات الوطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتى    هل تحاول إدارة ترامب إعادة تشكيل الجيش الأمريكي ليخدم أجندتها السياسية؟    طلاب جامعة طنطا يحصدون 7 مراكز متقدمة في المجالات الفنية والثقافية بمهرجان إبداع    هل يجب على المسلمين غير العرب تعلم اللغة العربية؟.. علي جمعة يُجيب    جولة تفقدية لوكيل مديرية التعليم بالقاهرة لمتابعة سير الدراسة بالزاوية والشرابية    البنك الإسلامي للتنمية والبنك الآسيوي للتنمية يتعهدان بتقديم ملياري دولار لمشاريع التنمية المشتركة    "ثقافة الفيوم" تشارك في فعاليات مشروع "صقر 149" بمعسكر إيواء المحافظة    وفد البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية في زيارة لمنشآت صحية بأسيوط    "قومي المرأة" يشارك في تكريم المؤسسات الأهلية الفائزة في مسابقة "أهل الخير 2025"    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    من منتدى «اسمع واتكلم».. ضياء رشوان: فلسطين قضية الأمة والانتماء العربى لها حقيقى لا يُنكر    ظافر العابدين ينضم لأبطال فيلم السلم والثعبان 2    بولندا تتهم روسيا بالتدخل في حملة الانتخابات الرئاسية    حالة الطقس غدا الأربعاء 7-5-2025 في محافظة الفيوم    رئيس الوزراء الهندي: حصتنا من المياه كانت تخرج من البلاد سابقا والآن نريد الاحتفاظ بها    النائب العام يشارك في فعاليات قمة حوكمة التقنيات الناشئة بالإمارات    السعودية.. مجلس الوزراء يجدد التأكيد لحشد الدعم الدولي لوقف العنف في غزة    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    كريم رمزي: الأهلي سيخاطب اتحاد الكرة بشأن علي معلول لتواجده في قائمة كأس العالم للأندية    ضبط محل يبيع أجهزة ريسيفر غير مصرح بتداولها في الشرقية    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    لينك طباعة صحيفة أحوال المعلم 2025 بالرقم القومي.. خطوات وتفاصيل التحديث    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    رحيل بيسيرو يكلف خزينة الزمالك 7 ملايين جنيه ومفاجأة حول الشرط الجزائي    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 6 مايو في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن وبدعة الاستغباء‏..‏ السياسي

إن رد فعل واشنطن المسيس علي التمديد المقيد لقانون الطوارئ‏..‏ بهدف خلخلة التوازن وتصعيد القلق وعدم الاستقرار السياسي في مصر‏,‏ إن دل علي شيء‏,‏ إنما يدل علي النزعة الاستعلائية الفوقية‏
والتي لا تعبأ بضيق الأنظمة ولا بغضب الشعوب‏.‏ ومما يزيد هذا الغضب اشتعالا‏.,‏ ان تأتي ردة الفعل هذه من أناس لا تاريخ لهم اصلا‏,‏ بل ان سحق العدالة‏,‏ كانت فكرة تجسيد امريكا التي لم يتجاوز عمرها ثلاثة قرون من الزمن‏,‏ ولم يدر بخلدهم أن العدالة التي هي فكرة تجسيد مصر ومن معطياتها للبشرية‏,‏ قد سبقت وجود الامريكيين كشعب‏..‏ بأكثر من خمسة آلاف عام وهذا بدوره جدير بأن يفسر لنا لم يكره المصريون التدخل الأجنبي؟
فكلما صعدنا في نهر الزمن ورجعنا فيه إلي الماضي‏,‏ كلما اتضحت لنا جذور أعتقاد المصريين الراسخ بأن ارضهم هي موطن الآلهة ومركز الكون وأصل الخليقة‏,‏ وبأن المصريين اختارهم الإله ليكونوا شعبه المختار‏,‏ وتؤكد الوثائق التاريخية صحة وجهة النظر هذه ومن ذلك نشيد من نصوص الأهرامات يعود للأسرة السادسة‏(2345‏ 2181‏ ق‏.‏ م‏)‏ يخاطب الشاعر خالق العالم‏(‏ توم‏)‏ والإله حامي الملكية‏(‏ حورس‏)‏ وهي تتغني بجمال مصر وخصبها وامنها القومي‏.‏ سلام عليك يا توم سلام عليك يا خليفته‏(‏ حورس‏)‏ الذي زينك بيديه مجتمعتين لم يأذن ان تطيع الغربيين‏,‏ ولم يأذن ان تطيع الشرقيين‏,‏ ولم يأذن ان تطيع الجنوبيين‏,‏ ولم يأذن ان تطيع الشماليين‏,‏ ولم يأذن ان تطيع اهل وسط الأرض‏,‏ ولكنك تطيع حورس فهو الذي زينك‏,‏ وهو الذي شيدك وهو الذي اسسك تقف أبواب مصر لك ثابتة‏,‏ ولن تفتح ابدا للغربيين او الشرقيين او الجنوبيين او الشماليين او لأهل وسط الأرض‏,‏ ولكنها ستفتح لحورس‏,‏ هوالذي يدفع عنها كل أذي يمكن أن ينزله إله الشر‏(‏ ست‏)‏ بها‏,‏ وتفصح لنا هذه الأقوال وغيرها‏,‏ عن حقيقة لا تماري‏,‏ وهي أن الأمن القومي‏,‏ قد غدا قبل الأسرة السادسة من صميم العقيدة الدينية‏,‏ وسننا تحتذي وتنتقل من السلف إلي الخلف‏,‏ ويبدو ذلك واضحا في الكلمات التي سجلها تحتمس الثالث علي جدران معبد الكرنك علي أنه تلقاها من إله الملوك الذين طردوا الهكسوس أمون رع العظيم‏:‏ إني امنحك القوة والنصر علي كل البلاد‏,‏ وأني امهد لك المجد‏,‏ وابث الخوف منك في كل البلاد المنبسطة‏,‏ سأجعل الرعب منك يمتد إلي أعمدة السماء الأربعة‏,‏ اني أجعل احترامك عظيما في كل الأجسام‏,‏ واجعل نداءك الحربي يتردد بين جميع الشعوب‏,‏ ان عظماء البلاد الأجنبية في قبضتك واني أمد يدي بنفسي واصيدهم لك‏,‏ واربط الأسري من البدو بعشرات الألوف ومن أهل الشمال بعشرات الألوف‏,‏ واني اجعل اعداءك يسقطون تحت نعليك‏,‏ اني امنحك الأرض طولا وعرضا‏.‏ فأهالي المغرب والمشرق تحت سلطتك‏.‏
ولكي تكتمل الصورة التي رسمناها‏,‏ لابد لنا من الاعتراف بأن الامبراطوريات العظيمة‏,‏ لا تأتي نهاياتها الا من الداخل وعلي ايدي ابنائها‏,‏ ففي العصور التي اعتصمت فيها مصر بوحدتها‏,‏ واستمسكت بنظامها ازدهرت قوتها‏,‏ وامتد نفوذها وسلطانها‏,‏ وفي العصور التي انفرط فيها عقد وحدتها الوطنية وتصدع نظامها‏,‏ طمع فيها الطامعون‏,‏ وهذا ما آلت اليه امور مصر اثر فشل حركة اخناتون الإصلاحية‏,‏ ويشير إليها بوضوح ذلك الحادث غير المألوف الذي واكب وفاة توت عنخ أمون‏1327‏ ق‏.‏م وهو خطاب اسلته إلي ملك الحثيين‏(‏ شوبيلوليوما‏)‏ ارملة الملك المتوفي عنخ آسن آمون شرحت له فيه انه ليس لديها ولد ورجته ان يرسل احد أولاده ليقترن بها ويتولي العرش‏.‏ ولما تأكد ملك الحيثيين من صدق الملكة‏,‏ ارسل بالفعل احد ابنائه‏,‏ لكن لم يدر بخلد ملكة مصر وملك الحيثيين إطلاقا‏,‏ انه بفعلتها هذه قد‏,‏ ثارت ثائرة المصريين باعتبارهم لها بمثابة مذلة منقطعة النظير‏,‏ ذلك أنه لم يحدث في ذلك العصر‏,‏ او العصور السابقة‏,‏ ان تزوجت اميرة مصرية بملك او أمير اجنبي‏,‏ وقد حاول اكثر من ملك اسيوي ان يخطب لنفسه او احد ابنائه احدي اميرات البيت الملكي المصري‏,‏ وكان الرد دائما يأتي مشفوعا بالرفض المطلق‏,‏ وهكذا كان من الطبيعي بل من المحقق‏,‏ ان يكون الثمن فادحا‏,‏ فلم يكد يصل الأمير الحيثي علي مقربة من الحدود المصرية‏,‏ حتي داهمته مجموعة من المخابرات العامة واردته قتيلا‏,‏ والذي نستطيع ان ندركه في هذه المسألة بالذات‏,‏ انه رغم الضعف الذي دب في جسد كانت ثمة قوي واعية داخل الدولة‏,‏ لاتزال مصممة علي أن تنقذ البلاد من الهوة التي تردت فيها‏,‏ ولو استعرنا العبارات التي استعملوها في تلك الآونة لقلنا‏,‏ انهم قضوا علي هذه الخيانة العظمي‏,‏ وقد نجم عن ذلك نشوب حرب بين الطرفين‏,‏ كما تخبرنا الوثائق الحيثية‏,‏ اما عنخ آسن آمون فربما انتهي بها المطاف بأن اصبحت ضمن الحريم‏,‏ بعد أن جردت من لقب الملكة‏,‏ او حتي من لقب الملكة السابقة‏.‏ والذي يهمنا في الأمر‏,‏ انه بهذا التدبير‏,‏ عادت لمصر وحدتها الوطنية علي يد حور محبالذي عين قائدا عاما للجيوش المصرية‏,‏ وبقي محتفظا بوظيفته هذه طوال عهود اخناتون وتوت عنخ آمون وآي واضطر اخر الأمر إلي أن يسارع إلي طيبة ويرتقي عرش مصر‏,‏ بعد أن تزوج من احدي اميرات البيت المالك القديم‏,‏ واستطاع بجرأته وشدة مراسه‏,‏ ان يعيد إلي مصر ثقتها بنفسها‏,‏ ويقضي تماما علي كل عوامل الفتنة‏,‏ ومات سنة‏1295‏ ق‏.‏ م تاركا وراءه عرشا قويا وبلادا مستتبة الأمن والاستقرار‏,‏ لانها اتخذت من العدالة عنوان شهرتها فقد واكبت حضارة مصر‏,‏ قبل ان يبزغ فجر التاريخ‏,‏ فكانت دائما المنار الذي اضاء تلك العصور وما برح العالم منذ فجر التاريخ يسبح في خضم هذه العدالة‏,‏ والتفسير الأكثر معقولية‏,‏ ان من خصائص المصريين المميزة قديما وحديثا سعيهم الدائب لتتفق افعالهم مع الوازع الخلقي‏,‏ جريا علي اساس قاعدة ما يحبه الناس ويرض عنه الرب وهكذا لعبت العوامل الاجتماعية دورا مهما في حفظ الأمن وتأتي في مقدمتها فكرة الماعت اي العدالة‏,‏ وهي القانون الذي سنه الإله‏(‏ رع‏)‏ ومن ثم كانت لمبادئها أهمية قصوي فالآلهة والبشرولاسيما الملك يعيشون علي مبادئها‏,‏ وقد ظلت طوال التاريخ المصري وازعا خلقيا قويا‏,‏ يدفع الناس إلي الفضيلة والعدالة والحق‏,‏ وشتان بين ذلك وبين الفضيلة والعدالة والحق لدي الامريكيين والاسرائليين فهي في المفهوم الانجلوساكسوني الصيوني‏,‏ تعني سنسقط اي نظام في اي مكان‏,‏ إذا لم يتماشي مع سياستنا‏,‏ او يحقق مصالحنا‏,‏ حتي ولو كان ديمقراطيا‏.‏
ولم أكن لأجد الجرأة علي الإدلاء بهذا التفسير‏,‏ لو لم يكن واحد من أشهر فلاسفة العصر الحديث‏(‏ برناردشو‏)‏ قد اختزل هذه القضية بمقولته الشهيرة‏:‏ إنني كاتب ساخر‏,‏ ولكن لم تبلغ بي السخرية حدا يجعلني اذهب إلي الولايات المتحدة‏,‏ وأشاهد تمثال الحرية علي بابها‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.