أتكلم في أي وقت أنا حرة.. أنت لا تصرف علينا سيبنا في حالنا هكذا ختمت ميرفت الابنة الكبري سلسلة العتاب واللوم الممتد لأبيها جميل العامل الذي كان ينتقد ابنته علي اتصالاتها المستمرة لخطيبها ليلا.. جمرة نار بلعها العامل ومرت أمام بصره5 شهور وهو يمكث في داره يستقبل النقود من أبنائه بعد فشله في العثور علي عمل وجلوسه علي المقهي يسأل كل يوم عن فرصة يقتات منها. ارتفعت دقات قلب الرجل وهو يطرق أرضا يكاد الشرر يخرج من عينيه فيحرق الأرض وتلفت حوله ينظر لأبنائه ميرفت ذات التسعة عشر ربيعا وسناء التي لم تتجاوز السادسة عشرة ومينا ذي الاربعة عشر عاما والصغيرة مريم ذات الاربع سنوات و شعر بأنهم غرباء عنه وحسم أمره وخرج إلي الشارع متجها إلي مكانه الاثير ومقعده الذي مازال دافئا منذ انصرافه وجلس العامل يتقافز علي ذاكرته كيف وصل به الامر إلي أن تخرق أذنيه كل يوم العبارات المهينة من أبنائه لعدم قدرته علي الالتحاق بأي عمل. انتبه علي صوت عامل المقهي وهو يذكره أن أمامه الشيشة منذ فترة و لايشعر بها, وبدأ ينفث دخانه ويري نفسه يتصبب عرقا يحمل أحد أبنائه فوق كتفه ويجري به لإنقاذ حياته بأحد المستشفيات وكيف كان يتوسل إلي الاطباء والممرضات من أجل صرف الدواء لعدم وجود أي نقود معه وقتها. مشاهد تلو الاخري ظلت تتقافز علي رأس العامل وشريط ذكرياته ومعاناته في تربية أولاده الذين يعايرونه الآن ويقذفونه بعبارات الذل والاستحقار وكأنه عبد أجير يملكون رقبته وعندما وصل إلي هذا التصور توقف عن التدخين وظل واجما يتمتم ببعض الكلمات ويحدث نفسه وبدت نظرات الاشفاق علي رواد المقهي وهم يلاحظون نظراته الهائمة التي لا تثبت علي شئ واستمر علي هذا الحال حتي بدأ أصحاب المقهي يهمون بغلق أبوابه ووصل إلي مسامعه أن الساعة شارفت علي الرابعة صباحا فقام عائدا إلي داره وقد بلغ به الغضب مداه وما أن وصل إلي منزله حتي اتجهت يداه إلي السكين يسحبه من بين الاواني, وأمسكه بكفه يعتصر قبضته واتجه مسرعا إلي ميرفت وهو يصرخ أنه صاحب الكلمة في المكان كانت ذراعاه تعملان كالمروحة بالطعن في الهواء وكل ما يصادفه لكنه كان عاقد العزم علي تقطيع رقبة من سلبه كرامته ولم يرحم العامل حتي الصغيرة ذات الاربع سنوات. وانتبهت الزوجة النائمة علي هستريا قتل الزوج للأبناء صرخاتها كانت تشق الجدران وهي تتلقي الطعن عن فلذات كبدها من الرجل الذي فقد عقله ولا يري أمامه. وانتهي الأمر في لحظات علي أيدي الجيران الذين هبوا من نومهم لنجدة من مزق صوتها قلوبهم وتمكنوا من الامساك بالرجل والدماء تغطي وجهه وذراعيه وملابسه و تأوهات المصابين الذين تم نقلهم للمستشفي لتلقي العلاج. وكان اللواء أسامة الصغير مساعد أول الوزير لأمن القاهرة قد تلقي إخطارا من مستشفي روض الفرج بوصول سيدة وأربعة من أبنائها مصابين بطعنات في أنحاء متفرقة من أجسادهم وفي حالة خطرة. وبتشكيل فريق أشرف عليه اللواء جمال عبد العال مدير مباحث العاصمة والعميد ناصر حسن رئيس قطاع شمال تبين أن وراء الواقعة صليب. ج.41 سنة عامل يومية والذي تم ضبطه من خلال ضباط قسم شرطة روض الفرج أثناء محاولته الهرب. وتم العثور علي السكين المستخدم في الجريمة وآثار دماء عليها واعترف المتهم بأن الخلاف بدأ عندما طلب من ابنته الكبري عدم التحدث في التليفون لأوقات طويلة مع خطيبها, إلا أنها نهرته وسبته وقالت له أنا حرة.. أنت لا تصرف علينا سيبنا في حالنا فانتظر حتي نومهم وانهال عليهم طعنا. رابط دائم :