كان علي الرئيس محمد مرسي أن يطالب وزارة الداخلية بمساعدة الشعب المصري علي احترامها وتقديرها والوقوف خلفها قبل أن يطالب المصريين بمنح ثقتهم لها, فالثقة لا يمنحها الانسان إلا إذا تأكد من كفاءة أو دقة أمر ما يتعلق به أو بأسرته أو مصالحه وحياته وهي في الأساس علاقة لا تتحقق إلا بين شخص مستحق لها واخر يثق فيه, وكان علي الرئيس أن يحث الشرطة علي إظهار الثقة حتي يثق بها الشعب كله. فكيف سيثق المصريون في الداخلية مجددا وهم يرون أمنهم يتعرض للطعنات المتوالية من الإنفلات والبلطجة والخروج علي القانون دون أي تدخل من جانب من وضعت مسئولية توفير الأمن والأمان في أعناقهم, وكيف سيبادرونهم بالثقة وفي كل مرة يمنحها لهم ويعصر علي نفسه ليمونة يفاجأ بأن بعض رجالها ومؤسساتها يرون أن عودتهم لمهامهم لن تكون دون عصا غليظة وما يرتبط بها من سحل وتعذيب واعتقال وإرهاب وترويع واتهامات باطلة وتلفيق. وكيف سيثقون بهم وهم لا يرون إلا النظام وهيئاته ومؤسساته, ففي الوقت الذي نجحت الشرطة في تأمين قصر الاتحادية و مقر إرشاد الإخوان وهذا حقهم وواجبهم, تم اقتحام مشيخة الأزهر وإلقاء المولوتوف علي الكاتدرائية في وجود الكثير من القوات وهو ما حدث أيضا مع مقر حزب الوفد وجريدة الوطن و بعض مقار حزب الحرية والعدالة وغيرها. ولست مع من يقولون إن الرئيس يطلق مطالبه جراء تراجع شعبيته وشعبية الإخوان وهو ما يتطلب تقوية الداخلية لحمايتهم لأن ذلك أمر لن يتحقق بكامل قوي الداخلية ولكن من بعض قياداتها التي تدين بالولاء للنظام أينما ووقتما كان, فالداخلية ما تزال تضم عناصر تستحق التحية لتضحيتهم بأرواحهم فداء للوطن ورفض إقحام الشرطة وأجهزتها في المعارك السياسية الدائرة, وليس هناك أدني شك في أن تلك العناصر لو خلصت النوايا في التعامل معها ستكون الوقود الحقيقي لعمليات إصلاح الداخلية وإعادة هيكلتها وتطهيرها بصورة تجعلها العنوان الحقيقي لتوفير الأمان للمواطن وهو مطلب للمصريين منذ عشرات السنين عندما وجدوا شرطتهم في خدمة النظام وليست في خدمة الشعب. إن أفضل مبادرة لإعادة الثقة في الداخلية لا يمتلكها إلا رجالها جنودا وأفرادا وأمناء وضباطا من خلال سلوكهم المنضبط وحرصهم علي إشعار المواطن المصري بأنهم إلي جانبه يؤدون رسالتهم حتي يكون آمنا, وأن يثبتوا أنهم لا علاقة لهم بالسياسة حتي لو شاركووا في تنفيذ مهام تتعلق بها, وأن ينفضوا بدلة شرفهم من بقايا النظام الفاسد وبشائر النظام الحالي, وألا يكون بها مكان لمتقاعص عن أداء دوره أو متغطرس في القيام به ضد الإنسانية والحرية والكرامة. في تلك الحالة ستعود ثقة الشعب في شرطته, دون مطالب أو شروط, لأنها ستكون علاقة متبادلة من الثقة وليس احتراما من طرف واحد. [email protected] رابط دائم :