لا يختلف اثنان علي أن مصر تعيش الآن حالة من الارتباك والفوضي, بين شارع نفد صبره وفاض به الغضب وتجاوز حدود الاحتمال, وحكومة عاجزة سياسيا معاقة اقتصاديا ضعيفة خدميا, ورئيس لم يقدم شيئا من وعوده الانتخابية, ومثلما تحولت الحكومة إلي ظاهرة كلامية, لا يجد المدافعون عن الرئاسة إلا القول بأن الظروف ليست في صالح الرئيس وأنها لم تساعده في إنجاز ما وعد. وفي هذا الصدد استوقفتني كلمات نسبتها جريدة' الوطن' للدكتور جمال جبريل عضو مجلس الشوري ورئيس لجنة نظام الحكم في تأسيسية الدستور قال فيها قال فيها:' من يتصدي للحكم لا يقول الظروف لم تسعفني فالمواطن ليس له علاقة بالظروف وعلي الحاكم أن يحقق ما جاء من أجله وإلا ما كان عليه أن يتولي المنصب ولم يتحقق أي شيء حتي الآن وهذه كارثة'. واتفق مع الدكتور جبريل الذي كنت ألمس ميوله لجماعة الإخوان فيما يقول خاصة خلال مرحلة إعداد الدستور التي اختتمت بعضويته للشوري, واستشعر أيضا قربه الشديد من مؤسسة الرئاسة وليته فعلها وأخبر الدكتور محمد مرسي برأيه في الغرف المغلقة بدلا من الكلام في ردهات الصفحات وتكييف الحوارات. فإذا كان ما نسبته الصحيفة له بأن النظام الحاكم لم ينجز أي شيء حتي الآن وان ذلك كارثة صحيحا- وأظنه كذلك ذ لأصبح لزاما عليه وهو صاحب الآراء التي يعتد بها دستوريا وبرلمانيا وإخوانيا أن يضيف إلي ما قال:' إن الحاكم الذي يظل بلا إنجاز لمدة تقترب من عام ينبغي عليه أن يميل إلي شعبه الغاضب وقضائه المصحح وشرطته التي أصابها الملل من فرط الدم وجيشه الذي أوشك صبره علي النفاد'. ولكني لا اتفق معه إطلاقا في موجته التبريرية باسم القانون والدستور وأشياء أخري من عينة أنه لا توجد دولة ديمقراطية تجري انتخابات بعد الدستور, وعدم الاقتناع بإمكانية حدوث تزوير في أي انتخابات, وأنه لا هروب من إرادة الشعب لأنه هروب من الحكم الشعبي, وأنه لا تجاوزات إلا في بعض المساجد السلفية, وأن الإخوان حكموا في ظروف سيئة, وأن هناك فصيلا ليس من مصلحته أن يخوض الانتخابات. اللهجة إخوانية والتبرير قانوني من قامة دستورية كان ينبغي أن يكون لها احترامها لولا الحجج التي تصر علي الصبغة السياسية علي طريقة الخلايا النشطة أو النائمة أو حتي التي تتحرك بحصانة التعيين البرلماني. المؤسف أن مثل هؤلاء من أصحاب الآراء والتبريرات لا يستطيعون تحديد مكانهم علي خريطة واقع الأحداث, فوسط الحصار والحرائق والاعتداءات والاحتجاجات الغاضبة تتغير اللهجة ويتزايد التناقض ويتم تحديد الموقف مسبقا ويكون الحل الوحيد الاستعداد لأقرب فاتورة سياسية أو حزبية ومعها يستمر الارتباك والفوضي والقنابل المسيلة للتبرير والدفاع بصواريخ كلامية للاستهلاك السياسي في' الفاضي والمليان'[email protected] رابط دائم :