القاريء للخريطة السياسية في مصر بعد ثورة25 يناير يجد أن الإسلام كان في قلب الحدث بكل شموليته فمن المساجد خرجت الثورة بتأييد كل طوائف الشعب المختلفة وكان من العلامات البارزة في هذه الثورة تعاون وتكاتف كل المصريين من أجل الحصول علي الحرية والعدالة والعيش والكرامة الإنسانية. وكان حجر الزاوية في هذه الثورة هو في رفع الظلم الواقع علي المصريين من قبل النظام السابق الذي وظف كل إمكانياته وكل طاقاته من أجل إرباك حياة المصريين فأدي ذلك إلي انتشار الأمية والفقر والجهل والمرض والبطالة والعشوائيات في ربوع الوطن. وكان من النتائج المترتبة علي انتشار العشوائيات في وجود أطفال الشوارع وساكني المقابر الوقود الذي أشعل مصر بكل هذا الانفلات الأمني في غياب دولة القانون التي تم تقويضها بشكل متعمد من قبل القائمين علي أمر البلاد فإذا بالناس تطبق القانون بدهس قاتل ضابط الشرطة في بني سويف وهذا معناه أن مصر تتحول إلي دولة الغاب بالرغم من إن هذه الأفعال خارجة علي القانون والذي يجب أن يطبق علي الجميع بلا استثناء. ومن تعميق الفجوة بين الحاكم والمحكوم وزيادة الفجوة في عدم الثقة بين الجانبين والتي كانت أحد أهم الأسباب التي قامت عليها ثورة25 يناير في غياب الاهتمام والرعاية بشئون الناس وانشغال النظام بتوزيع أهله وعشيرته علي جميع مفاصل البلاد في غياب عدم الفهم والإدراك في الخلط بين الدولة والنظام الحاكم سادت الفوضي وزاد الاحتقان وسوء الأوضاع في كل مؤسسات الدولة المستقلة. وبدلا من أن يتم توظيف المصريين في كل قطاعات الدولة المختلفة حسب الكفاءة والخبرة الذين أعطوا أصواتهم للنظام الحاكم تقدم الثقة والانتماء والولاء علي ما عداها فأصبحت الدولة تدار بالوساطة والمحسوبية والانتماء, وهذا معناه العودة إلي الخلف دوران مع أن هذا ضد أبسط قواعد وقيم وأخلاق الإسلام. ومع تفرق المصريين وتشتتهم واختلافهم بين مؤيدين ومعارضين وانشطارهم نصفين فإذا بهم يبحثون عن الدعم من رجال أعمال النظام البائد الذين أفسدوا الحياة بعد سيطرتهم علي الأوضاع السياسية في البلاد فتم تخريب البلاد في وجود اتفاق من أجل عودتهم لتطبيب كفة علي حساب أخري دون حساب علي الجرائم السياسية التي ارتكبوها علي مدار ثلاثين عاما مما يعني عدم قدرة الساسة وعجزهم في الحكم والمعارضة بعد غياب الصالح العام علي إدارة الثورة بعد قيامها في غياب القيادة الجامعة فكل طرف يعاند الآخر وكل الأمور تسوء والبلاد في وجود الإنكار عن هذا الفشل والفساد فالبلاد ماضية في طريق مسدود. ولن تحل هذه الإشكالية إلا من خلال تحكيم طرف ثالث بعيدا عن الانتهازية السياسية من المستقلين الذين يجب أن يقودوا حكومة من التكنوقراط المستقلين الذين يبحثون عن الصالح العام في تغييب المصالح الشخصية والمصالح الحزبية وإلا ستتحول مصر من الدولة الرخوة إلي الدولة الفاشلة مع ضياع مكاسب الثورة وتفكيكها في وجود تمائم وتعويذات لإعادة النظام السابق بهدف تجديد الحياة علي مقاس النظام. رابط دائم :