كانت سميحة قد أغلقت قلبها عقب انفصالها عن زوجها, وباتت لاتفكر إلا في مستقبلها وتربية ابنتها الوحيدة, بعيدا عن ضل الراجل الذي تبحث عنه كل امرأة, لتستظل به بدلا من ظل الحائط وقررت أن تستغل مبلغا ماليا تحويشة عمرها, وأن تكون ثروة لتأمين حياة ابنتها. عاشت سميحة حياة عصامية, صنعت نفسها بنفسها ونزلت إلي السوق وعملت بالتجارة, وأفنت زهرة شبابها من أجل ابنتها نرمين.. وظلت تكد وتكافح, حتي وصلت إلي ما كانت تحلم به, وكونت ثروة مالية لا بأس بها, تضمن لابنتها حياة كريمة. في الوقت نفسه, كانت لا تبخل علي ابنتها في التعليم, وكانت تنفق عليها ببذخ, وقدمت لها في إحدي مدارس اللغات بمنطقة الهرم, حتي أصبحت نرمين متفوقة في دراستها,ومن شدة خوفها عليها منعتها من الاختلاط بأقاربهما, أوالتعامل مع أي إنسان حتي وصلت إلي المرحلة الجامعية. وكانت مفاجأة لزملائها وزميلاتها أن نرمين كانت تخشي التحدث أو التعامل معهم, بناء علي أوامر والدتها التي حرصت علي إبعادها, وعدم مشاركتها في أي مشكلات, حتي أصبحت الفتاة صيدا سهلا لأي شاب من الشباب. باتت نرمين حديث زملائها في الجامعة, وزاد تعلقهم بها أنها كانت تتعامل مع الجميع بكبرياء وغرور نظرا لجمالها ومالها, و لما تتحلي به من كمية كبيرة من المجوهرات. وأصبح كل من يشاهدها يريد الاقتراب منها وخطب ودها, وبالفعل تقدم لها الكثير من العرسان ولكنها كانت ترفضهم جميعا بحجة اهتمامها بدراستها. حتي التقت بمصطفي24 سنة طالب بأحد المعاهد الخاصة ويعمل سائقا علي تاكسي. وعلي الرغم من الفوارق الاجتماعية بينهما إلا إنه استطاع أن يفتح قلبها ويخدعها بكلامه المعسول حتي أوقعها في حبه, وبعد أن تأكد أن والدتها تدخر في منزلها كمية كبيرة من المصوغات الذهبية تقدم للزواج منها, ولكن والدتها رفضته حيث كانت تري أنه شاب غير مؤهل لتحمل مسئولية, وكانت تشعر بنظرات الطمع تملأ عينيه, ولكن نرمين لم تستمع لنصائح والدته. ألحت نرمين علي والدتها حتي جعلتها توافق علي خطوبتها, وبدأ الشاب من ناحيته يتودد إليهما حتي شعرت الأم أنه أصبح مثل ابنها, وأعطته الأمان وكذبت تخمينها, وطمأنته بأنها لن تبخل عليه بشيء, وأنها ستساعده في إتمام زواجه من ابنتها, وأخذت تعتمد عليه في إنهاء بعض أعمالها. ومع مرور الأيام علم من خطيبته بالمكان التي تضع فيه والدتها المصوغات الذهبية التي يصل وزنها إلي نصف كيلو جرام. انتبهت الأم علي الكارثة التي ألمت بها بعد عودتها من خارج المنزل هي وابنتها لتجد محتويات الشقة مبعثرة, مع كسر في الدولاب واختفاء المضوغات والمجوهرات تحويشة عمرها لتهرول تصرخ وتصيح, فيتجمع الجيران علي صرخاتها وتخبرهم بقيام لصوص بالتسلل الي شقتها وسرقة مجوهراتها. وفي أثناء ذلك يصعد بواب العمارة ليخبرها بأنه شاهد مصطفي خطيب ابنتها وبصحبته شخص آخر يتلصصان خلال خروجهما من العمارة وبحوزته شنطة بلاستيكية. توجهت الأم إلي اللواء طارق الجزار نائب مدير الإدارة العامة للمباحث وأبلغته بما حدث, وكانت ترتعش من هول الصدمة.. هدأ اللواء الجزار من روعها ووعدها بإعادة المسروقات إليها, وقام باخطار اللواء حسين القاضي حكمدارالجيزة, والقائم بأعمال مدير الأمن فأمر بتشكيل فريق بحث بقيادة اللواء محمود فاروق مدير مباحث الجيزة, والعميد جمعة توفيق رئيس مباحث قطاع الغرب. وتبين من التحريات أن وراء ارتكاب الواقعة مصطفي24 سنة خطيب ابنة المبلغة, ومقيم حدائق حلوان القاهرة, وصديقة أحمد26 سنة عامل بصيدلية, ومقيم شارع البحر الأعظم. تم عمل أكمنة نجح خلالها المقدم أحمد النواوي رئيس مباحث الطالبية في القبض علي المتهم مصطفي, وبمواجهته أمام اللواء كمال الدالي مديرالإدارة العامة للمباحث اعترف بسرقة المصوغات الذهبية وإخفائها لدي صديقه أحمد.. تم القبض عليه وأرشد عن مكان المسروقات, وبعرضها علي المجني عليها تعرفت عليها وتحررمحضر بالواقعة وإحالته إلي النيابة, ليقرر حاتم فضل رئيس النيابة حبس المتهمين احتياطيا علي ذمة التحقيقات.