لن تستسيغ بسهولة ولن تصدق عينيك كلمات السطور التالية من جنوح بعض عقول الخارجين علي القانون في تنفيذ مآربهم والذي فاق ما تبثه الأفلام الأمريكية الرخيصة من استباحة خطف ضحية للضغط والابتزاز وارغامه علي فعل... جاء إلينا مرتبك الخطي يلفه التردد والدوار وفقدان الأمل, يحمل أوراق محاضر وبلاغ للنائب العام وتسجيلات صوتية وتقرير مستشفي وآلام ودموع, وكانت حدقتاه والاحمرار المحوط بهما أبرز ملامح وجهه الشاحب وأنفه الملتهب من بكائه الذي سحب به نفسا عميقا ونظر إلي الأرض محاولا عدم استعادة مرارة يستميت لكي ينساها إلا أنها حاضرة ولا تغادره. وهو يقول اسمي كريم عبدالله.. أعمل فني كهرباء بدأت مأساتي منذ شهر مارس الماضي بعد أن وصلتني رسالة عن طريق الخطأ علي هاتفي عبارة عن فيديو يصور تماثيل فرعونية وعملات ذهبية تم صفها علي طاولة كبيرة وملصق بجوار كل تمثال عملة دولار ورقية كما يظهر بالفيديو3 أشخاص يشيرون بأيديهم. تم الاتصال بي من رقم مجهول علمت بعد ذلك من الاحداث المتوالية أن المتصل يدعي عبدالرحمن ممدوح يوسف نائب رئيس مجلس إدارة مدينة رايت سيتي السكنية بمنطقة السيوف بالإسكندرية. قال لي هذه الرسالة أتتك عن طريق الخطأ وهات تليفونك وتعال قابلني أحسن لك, وهبعت لك الرجالة تعطيهم التليفون بالرسالة, لكني رفضت طلبه ففوجئت برده ثائرا, أنا ممكن أجيبك في أقل من ساعة وأنا لا يهمني سلفيين أو اخوان أو شرطة وأغلق الخط في وجهي. واستكمل كريم بعد مرور ساعتين فوجئت باتصال آخر من أحمد مصطفي محاميه أكد لي أن المهندس المذكور كلمك وأكد لك أنه ممكن يجيبك في أقل من ساعة أنت ليه عايز مشاكل تعال لوحدك أحسن فرددت عليه قائلا: أنا ممكن امسح الرسالة المشكلة ولا داعي لمجيئي فرفض وقال لازم أعرف أنت مين وكل حاجة عنك وتأتي بنفسك أمامنا لنطمئن وإما أن تأتي طواعية أو أرسل لك البودي جارد يأتون بك. وبالفعل في الثامنة مساء ذات اليوم حاولت أن أحصل أو اعرف عنهم أي معلومات خوفا علي حياتي إن جازفت وذهبت إليهم فاتصلت بالمحامي وقلت له ما مقابل ذهابي إليكم وكان في نيتي عدم الذهاب فوعدني بدفع70 ألف جنيه فاشترطت أن تكون المقابلة في مكان عام فأصر بعد مداولات عديدة سنقابلك في الشركة داخل المدينة السكنية ومن هنا علمت أنهم علي صلة بالمدينة المذكورة. وسكت الشاب وارتفع صوته وهو يقول اتصلت بالرقم الإعلاني للشركة وزعمت أني زبون وأريد حجز شقة بالمدينة ومن خلال المكالمة تيقنت أن المتصلين بي منذ أول المشكلة هم ملاك الشركة ومحاميها وفي اليوم التالي بعد اتصالهم بي صرخت في محدثي وقلت إنهم أصحاب الشركة المذكورة وأعلنت رفضي للذهاب إليهم فرد عبدالرحمن ابن رئيس مجلس إدارة الشركة وقال ايه طلباتك فقلت وأنا اختبرهم اعطوني500 ألف جنيه ففوجئت بالموافقة فعلمت أنهم غير صادقين وفي نيتهم الخيانة ويستميلونني للذهاب إليهم حتي يتخلصون مني. وبعد أسبوع من هذه المداولات وتأكيدي لهم أني سأرمي الرسالة وأمسحها, فوجئت باتصال في العاشرة صباحا من رقم مشفر ومن تقول لي إنها هبة من شركة فودافون وأني من أهم العملاء بدليل شرائك للخط في2007 وذكرت لي جميع بياناتي التي لا يعرفها أحد إلا من خلال العقد الموجود داخل فودافون ذاتها وأكدت لي أن الشركة افتتحت فرعا بالقرب من كارفور, وسننتظرك في الثامنة مساء لاستلام جائزتك لأقدميتك بشركتنا وأقدميتك مع عملاء آخرين. ويكمل الشاب بعيون مغلقة ودون شعور وجدت نفسي ذهبت لاستلام جائزة فودافون, وحسب الاتفاق أطلبها من الرقم المتصل وللعلم جميع هذه الأقوال وأرقام الهواتف والمكالمات التي طلبتني مسجلة ومدونة بالمحاضر المقامة في نيابة محرم بك بالإسكندرية, وبمجرد وصولي إلي البوابة المتفق عليها اتصلت فوجهتني إلي ناحية بوابة أحد البنوك لألقاها ثم اتصلت بي لأصف ما أرتديه من ملابس لتحدد شخصيتي ودخلت دون أن أشعر وسط دائرة من السيارات والبودي جارد التي تنتظرني وتترصدني, وبدون ذكر تفاصيل كثيرة فوجئت بنفسي محمولا مخطوفا ومخدرا من رجال أشداء يبدون كرجال العصابات وشعرت أن الأرض تميد بي ويحوطني الخيالات واختلت الرؤية وفقدت الوعي, وبعد وقت لا أذكره, بدأت أفيق وكانت عيناي معصوبتين لا أري شيئا جالسا علي مقعد في احدي الحجرات. وعاد الشحوب يظهر سلبيا علي وجهه وهو يقول: تناهي إلي سمعي أقوال وعبارات شامتة وسقطت علي وجهي ورأسي ضربات مؤلمة وعبارة أنت لا تسمع الكلام تطن في أذني وسخر مني احدهم قائلا انت أمك راضية عليك سنتك سودة وبعد فواصل من الكهربة, والإهانة والضرب والشتائم بأنواعها وأخيرا.. أخيرا. جاء المهندس عبدالرحمن ووالده ممدوح وهبة السكرتيرة التي حصلت علي بياناتي من فودافون وصاحبة الاتصال الذي أوقع بي, وقال لي عبدالرحمن شامتا أنا مش قلت لك تيجي بالذوق لئلا آتي بك بطريقتي ثم سكت ونزع العصابة من علي عيني ورأيت وجوههم لأول مرة ثم صرخ في قائلا سأقتلك فرد أبوه بالحرف الواحد ماتقتلوش ده كلب هيتحسب علينا. وتوقف كريم عن السرد وغلبه الدمع واهتز بشدة وهو يبكي ثم ارتعشت يداه وكأنه يعيش المشهد من جديد قائلا قال ممدوح صاحب الشركة خلوه يمضي علي الأوراق اللي محضرينها ليه, وهي عبارة عن ايصالات أمانة وأوراق بيع وشراء مجموعة الأراضي لا أعلم عنها شيئا ومذكورة في أوراق المحضر وبلاغ النائب العام, وصفعني أحدهم علي وجهي وأمسك الآخر بيدي وقام بجعلي أبصم بالقوة علي الأوراق خارج إرادتي وسط بكائي وصراخي دون جدوي, وقال لي ممدوح صاحب المدينة السكنية النيابة معانا والداخلية والسلفيين والإخوان يعني يمين شمال هتروح ومش هنرحمك. وقام أحد البودي جارد بوضع العصابة ثانية علي عيني وحملوني في السيارة وألقو بي في طريق العامرية وأصوات التحذير تملأ الاجواء حولي أن لا أفتح فمي بحرف وإلا أنا المسئول عن عمري, وبعد استيلائهم علي تليفوني المحمول أصل المشكلة وبطاقتي الشخصية وحاجياتي, وتعاطف معي ركاب احدي السيارات وأسعفوني وغسلوا وجهي بالماء, ولا أعرف كيف عدت إلي بيتي وبكيت وحدي كثيرا لأني أقيم بمفردي بعد وفاة أبوي, وفي الصباح حفزت نفسي وعزمت علي أن آخذ حقي وتقدمت ببلاغ إلي النائب العام وأرسلني إلي المحامي العام بالإسكندرية, ويغلق الشاب عينيه ويكمل حديثه وكأنه نائم ولا يراني إلا أن انفعالات ما يرويه كانت تقفز علي وجهه قائلا: انفتحت علي أبواب جهنم بعد مفاجأتي باتصال من أحمد مصطفي محامي الشركة الذي بادرني بقوله نحن لنا نفوذ داخل المحكمة, وعرفنا بشكواك ونحذرك اتنازل أحسن لك فطلبت منه أن يعيدوا إلي جميع المستندات التي اجبروني علي التوقيع عليها مكرها مقابل سحب البلاغ فوافق وقال لي تعال استلمهم, فرفضت وطلبت أن نتقابل في مكان أمام الناس بالشارع, وتم الاتفاق علي ان تأتيني هبة السكرتيرة في سان استيفانو بكافيتريا, في احدي الكافيتريات الخاصة, وفي الخامسة مساء رأيت هبة بالفعل تجلس بمفردها داخل الكافيه وما أن وصلت اليها حتي صرخت فيها أين الأوراق وهنا انشقت الأرض عن الرجال غير الآدميين من البودي جارد وأمام الجميع ووسط الناس شعرت أني حقيبة صغيرة في أيديهم وهم يحملوني لأعلي وكانوا41 فردا ومعهم سيارات وأحمد الله أن شهادة الشهود وكاميرا الكافية نفسه قد صور المشهد لأضمه في المحضر وشكواي, وأصابوني بمطواة بالفخذ اليسري من الخلف حوالي1 سم بجرح قطعي وسحجه بمقدمة الرأس حسب التقرير الطبي بالأوراق, واصطحبوني إلي داخل الشركة, وفوجئت بمحمد عزب معاون مباحث قسم المنتزة أول التابع له مدينتهم السكنية سيتي رايت و2 من أمناء الشرطة وصفعني المعاون علي وجهي وهو يسبني قائلا: انت جاي تتهجم علي الشركة فصرخت فيه, أنا الدم بينزف مني وضربوني وأنا من تم الاعتداء علي فاصطحبني في بوكس الشرطة وظل يلف بي في الشوارع داخل دائرة القسم لمدة ساعة ثم وضعني في حجرة داخل القسم لمدة ساعة أخري ثم استدعاني لحجرته ودمي مازال ينزف, وفوجئت بجلوس كل من عبدالرحمن ومحامي الشركة بحجرته, وطلبوا مني, اما أن أتنازل عن بلاغي للنائب العام داخل القسم أو يصدر قرار بإعتقالي فوري والآن, نظير تهجمي واعتدائي عليهم, فشعرت أنهم اتحدوا في الامساك بمطرقة قوية وضربوا صدري مرة واحدة وأن قلبي ينقبض وبشدة وتصلبت أطرافي وشعرت ببرد شديد يكتنفني فجأة وتنازلت في النهاية وخفت علي حياتي وكنت عاجزا عن فعل أي شيء وطلبت منهم أن أذهب إلي المستشفي أمام القسم لعلاجي لعدم وجود نقود معي بعد فقدي عملي نتيجة صراعهم معي, فقرر محمد عزب أن أذهب لمستشفي فيكتوريا بشارع فيليب جلاد بميدان الساعة, وصورتهم كاميرا المستشفي الداخلية والدكتور فخري الذي قام بإجراء عمليات الخياطة لجروحي ووجودهم معي بالفعل في المستشفي ليدفعوا فاتورة العلاج, ويصمت الشاب وهو يلهث وخرجت الكلمات منه ببطء شديد كأنه يحتضر قائلا علمت بعد ذلك أن محمد عزب زوج ابنة ممدوح مالك المدينة السكنية, ولهذا تآزر معه ضدي, والآن لا أعلم أين أعيش أو أعمل بعد تركي سكني وانقطاع اتصالي بأهلي خوفا من بطشهم والادلاء بأقوال أنهم يتاجرون في الآثار ويهربونها المصورة بالفيديو المرسل إلي عن طريق الخطأ, ولا أملك إلا ما قدمته من بلاغات ومحاضر وCD صوتية تحوي أصوات محمد عزب ضابط المباحث وهو يهددني, وذلك أثناء مكالمة المحامي الذي فوجئت به بعد الخياطة بيومين يتصل بي ويهددني من جديد ويذكر لي أن بجانبه محمد عزب ضابط المباحث الذي اختطف منه الهاتف وأعاد علي مسامعي تهديده ووعيده ألا أفتح فمي لمخلوق.