أكد الدكتور عصام صفي الدين الفنان التشكيلي وأستاذ العمارة، في تعليقه على السلوكيات غير اللائقة التي شهدها المتحف المصري الكبير مؤخراً، أن هذه الظاهرة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمية لضعف الوعي الثقافي على مدى أكثر من أربعين عاماً، مشدداً على أن الحل يكمن في إعادة إحياء التربية المتحفية في المجتمع. أزمة في التعامل مع القيمة والجمال أوضح الدكتور صفي الدين خلال لقاء ببرنامج العاشرة على قناة إكسترا نيوز، أن المشكلة الأساسية تكمن في سوء الوعي بكيفية التعامل مع الجمال والقيمة، حيث أصبح هناك انفصال بين الجمهور وبين تقدير واحترام الأماكن ذات القيمة التاريخية والفنية، مشيرا إلى أن هذا الوضع هو تراكم لغياب التوعية والتثقيف والتعريف بالأشياء الجميلة التي يجب احترامها، واستحضر مقارنة زمنية، قائلاً: زوار المتاحف قبل شبابي كانوا يتهيأون لدخولها كما يتهيأون لدخول مسجد أو كنيسة، مما يعكس حجم التغير في نظرة المجتمع لهذه الصروح. التربية المتحفية.. الحلقة المفقودة في التعليم حمّل صفي الدين جزءاً كبيراً من المسؤولية لغياب التربية المتحفية وتذوق الجمال في المناهج المدرسية، وأكد أن المدارس لم تعد تتضمن أي شيء يتصل بتعليم الطلاب كيفية زيارة المتاحف والتفاعل معها، وقال: على أيامي، كنا نزور المتاحف ضمن الرحلات المدرسية منذ المرحلة الابتدائية، وكانت هذه الزيارات تجمع بين التثقيف والترفيه، وأضاف أنه حتى مع فتح المتحف أبوابه للرحلات المدرسية حالياً، يظل السؤال الأهم: من هو المعلم الذي يصطحب هؤلاء الطلاب؟ وهل قام بتوعيتهم وتهيئتهم قبل الزيارة لكيفية احترام المكان، وكيفية النظر والتفسير والاستفادة؟. الإعلام والمستقبل.. أمل في التغيير على الرغم من تشخيصه النقدي، أعرب الدكتور صفي الدين عن تفاؤله بأن وجود صرح عظيم مثل المتحف المصري الكبير، مصحوباً بتغطية إعلامية مكثفة، سيؤثر إيجاباً على المدى الطويل. وأوضح أن الإعلام في هذه الأيام يلعب دوراً كبيراً في التعريف بقيمة المتحف ومحتواه، ومع الاستمرارية، سيساهم ذلك في استهداف وتغيير سلوكيات الجمهور بشكل غير مباشر، عبر تعليمهم كيفية الزيارة والانتباه واحترام المكان. الحل يتطلب وقتاً لتعويض ما فات اختتم الدكتور صفي الدين حديثه بالتأكيد على أن معالجة هذه السلوكيات ستأخذ وقتاً لتعويض سنوات من غياب التربية المتحفية. وذكر أن الأمر يتطلب جهداً منظماً ومستمراً لإعادة بناء الوعي المجتمعي، مشيراً إلى أن بعض العوامل اللوجستية مثل متاعب الحركة وصعوبة الوصول قد تؤثر أيضاً على حالة الزائر النفسية عند وصوله إلى المتحف.