الذي يتابع ما تفرزه الأحداث في مصر يشعر كأن هذا الوطن لا يهم أحدا. وتيرة الأحداث تنقلنا من صدامات تأسيسية الدستور إلي اشتباكات القوي المدنية والإسلامية إلي اتهامات متبادلة بالفشل تارة وبالخيانة أخري وبالكذب ثالثة. إلي تراشق وهمي بالكلمات وتحرش سياسي علي أبواب مغلقة وتلاعب بالأوراق في قاعات المحاكم وتسابق مشروع وغير مشروع في الفرارإلي جبل تسكنه ذئاب بالداخل والخارج بحثا عن العون والمدد بين أحضانها وكل ذلك يكون مغلفا بالوطنية الزائفة والتضحية بالناس ومصيرهم المجهول نحو المستقبل الغامض. وإذا جاز لنا أن نقول إن شباب مصر حائرون متعبون غارقون في وحل المعارك السياسية التي لا تنتهي فإننا لا محالة نثق في أنهم قادرون علي التغيير مثلما فعلوه قبل ذلك خاصة وأن مصر كلها استقلت مركبا بثورتها ضد الظلم والفشل والفساد هروبا إلي شاطئ يعصمها من الغرق فإذا بها تفاجأ وهي في عرض البحر ووسط الأمواج بأن قائد مركب إنقاذها أعمي عن رؤية حال الناس أصم عن سماع مشكلاتهم عاجز عن الإقتراب منهم غارق في مشكلاته الشخصية وقضايا أهله وعشيرته. أما من هم دون سن ال18 عاما وعددهم حسب الإحصاءات التي أعلنها جهازالتعبئة العامة والإحصاء أمس يصل إلي29.4 مليون طفل بنسبة36.2% من إجمالي السكان فهم غارقون في مشكلات, لا تنتهي ويتعرضون لكوارث يومية لا تقل في خطورتها عن مأساة أطفال أسيوط الذين دفعوا حياتهم ثمنا لتجارة وصناعة مع الإهمال تحتكرها مصر وتتصدر قائمتها علي مستوي العالم. من بين هؤلاء26% فقراء يعيشون تحت ظروف تستدعي التدخل السريع من أولي و11.8% محرومون من الغذاء ولا يجدون مع أسرهم قوت يومهم وينتشرون بين أكوام القمامة لعلها تجود بما يخفف جوعهم و4.9% منهم محرومون من التعليم ويتأهبون للحاق بقطار الأمية المتهور وبينهم حوالي1.59 مليون طفل بنسبة9.3% يعملون في ظروف شديدة القسوة رغم تجريم عمالة الأطفال في الدول التي تحترم أطفالها وأن43.6% من هؤلاء الأطفال العاملين يتعرضون للمخاطر وسموم الأتربة والأدخنة في ظروف ليست إنسانية ولن تكون. فهل نتوقف عن صداماتنا واشتباكاتنا وتبادل الاتهامات والتحرش سياسيا ببعضنا وننظر إلي المستقبل ونتجه جميعا بالاتفاق وليس الاستقطاب نحو إنقاذ المركب لعله يصل بنا إلي شاطئ النجاة. [email protected] رابط دائم :