مشهد يليق بعظيمات مصر.. طوابير نسائية طويلة تعلن دعمها الكامل للمسار الديمقراطي    الرئيس السيسي يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لمشروع الدلتا الجديدة    أنباء عن استلام ميانمار أول شحنة غاز طبيعي مسال منذ أربع سنوات    الرئيس السيسى يتابع مستجدات الموقف التنفيذى لمشروع الدلتا الجديدة    تسريبات أوربية تهدد بعرقلة خطة ترامب حول أوكرانيا    الصين: اعتزام اليابان نشر أسلحة هجومية قرب تايوان يهدد بإثارة التوترات الإقليمية    عبد الرؤوف يمنح لاعبي الزمالك راحة اليوم من التدريبات    منتخب القوس والسهم يحقق إنجازا جديدا ويحصد 5 ميداليات فى بطولة أفريقيا    كشف ملابسات فيديو لرقص مجموعة من سائقي الدراجات النارية داخل نفق بالشرقية    القبض على 11 متهمًا لقيامهم باستغلال 19 طفلاً في التسول بالقاهرة    الهلال الأحمر المصري يشارك في تقديم الدعم اللازم للناخبين خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    حفل جديد لفرقة التخت العربي على مسرح الجمهورية    مسلسل لينك.. نهاية سعيدة للأبطال وبيومي فؤاد يعلن عن جزء ثان    نهايات سعيدة لأبطال "لينك" وظهور بيومي فؤاد يمهد للجزء الثاني    الرعاية الصحية: استمرار مبادرة "انتخب واطمّن" للتأمين الطبي للانتخابات بمحافظات التأمين الشامل    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    قرار جمهورى بإضافة كليات جديدة لجامعتى «اللوتس» و «سفنكس»    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    في تعاونها الثاني مع كريم محمود عبدالعزيز .. دينا الشربينى تروج لفيلمها الجديد طلقنى عبر حسابها على إنستجرام    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الرئيس البرازيلي السابق يبرر إتلاف سوار المراقبة بهلوسات ناجمة عن الدواء    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    معاكسة تتحول إلى مشاجرة بالمطرية.. والداخلية تضبط أطراف الواقعة    إزالة 586 حالة إشغال طريق داخل مراكز محافظة البحيرة    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    تألق مصري فى كونجرس السلاح بالبحرين وجوائز عالمية تؤكد الهيمنة الدولية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    محافظ دمياط يتابع انتخابات مجلس النواب من مركز السيطرة    سعر جرام الذهب صباح اليوم الإثنين، عيار 21 وصل إلى هذا المستوى    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    كيفية تأثير الأجهزة اللوحية على نوم الأطفال ؟    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    أسامة نبيه: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. وموهبة لا تُنسى تركت إرثًا في الزمالك    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف السباعي‏..‏ فارس الأدب الذي مات واقفا
بقلم‏:‏ عبد الفتاح يونس

صبيحة يوم‏18‏ فبراير عام‏1978‏ تناقلت الأنباء خبر اغتيال أديب مصر الكبير يوسف السباعي‏..‏ مات الرجل واقفا في بهو أحد فنادق نيقوسيا عاصمة قبرص‏..‏ تماما كأشجار نخيل مصر الباسقة علي ضفاف الوادي‏..‏ تلقي الرجل رصاصات فلسطينية غادرة وحاقدة ومستهترة وهو الذي عاش حياته مدافعا بقوة عن أبناء فلسطين وشرعية حقهم في الوجود والحياة‏.‏
تلقيت الخبر بوجوم عبر جهاز ر اديو ترانزستور صغير وكنت وقتها ضابطا احتياطيا بقوات حرس الحدود بمدينة رأس غارب بالبحر الأحمر‏..‏ انهمرت دموعي بحرارة علي فقد هذا الرجل النبيل رقيق المشاعر وأسرعت الي صديقي الرائد عماد الصفتي ضابط مجموعة الصاعقة الموجودة معنا بنفس المكان وزميل الدراسة بالمدرسة السعيدية الثانوية‏..‏
جلسنا في وجوم ونحن نضرب كفا بكف دون أن نجد أي معني أو مغزي لهذا العمل الخسيس الذي نال من أديب مصر الكبير يوسف السباعي‏..‏ ومن تدابير القدر أن عماد الصفتي استشهد في اليوم التالي حين جاءته الأوامر بالذهاب ضمن مجموعة من رجال الصاعقة الي مطار لارناكا القبرصي للقبض علي القتلة وتخليص الرهائن الذين احتجزوهم داخل طائرة بغية الخروج من قبرص فأصابته الرصاصات ليسقط شهيدا علي أرض المطار‏!‏
‏***‏
في هذا الوقت ارتسمت في ذهني علامات استفهام كبيرة وكثيرة وتساءلت لماذا تنتهي حياة يوسف السباعي علي هذا النحو‏..‏؟ لو كانوا عرفوا يوسف السباعي أو اقتربوا منه لشلت أيديهم قبل أن تمتد الي هذا الأديب والمفكر الكبير الذي أسعد الملايين بأفكاره وارائه وكتاباته القيمة التي أثرت المكتبة العربية‏.‏
وحين نتحدث عن يوسف السباعي نذكر له بكل التقدير والاعزاز رد قلبي بين الأطلال اني راحلة فديتك ياليلي أطياف نائب عزرائيل أرض النفاق السقا مات العمر لحظة ليالي ودموع البحث عن جسد نحن لانزرع الشوك جفت الدموع العمر لحظة ليل له آخر ابتسامة علي شفتيه أقوي من الزمن وغيرها كثير مما أضاف الكثير للمكتبة العربية‏.‏
ونذكر ليوسف السباعي الذي ولد في‏10‏ يونيو عام‏1917‏ وتخرج في الكلية الحربية ضابطا بسلاح الفرسان ثم مدرسا لمادة التاريخ العسكري بالكلية الحربية أنه أسهم في انشاء نادي القصة واتحاد الكتاب وجمعية الأدباء والمجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب ورأس تحرير مجلة الرسالة الجديدة منذ صدو رها الجديد عام‏1953‏ ورأس تحرير مجلة آخر ساعة وعمل رئيسا لمجلس ادارة دار الهلال ووزيرا للثقافة والاعلام ورئيسا لمجلس ادارة تحرير الأهرام ونقيبا للصحفيين وسكرتيرا عاما للجنة التضامن الأفروآسيوية التي استشهد أثناء رئاسته لجلساتها بقبرص دفاعا عن قضية فلسطين‏!‏
ويوسف السباعي لمن لايعرفه كان كتلة متحركة من الرقة والعذوبة والتواضع ودماثة الخلق و كانت ابتسامته الصافية أول مايقابل بها الجميع صغارا وكبارا علي السواء وقد عاش حياته في كل المناصب التي تبوأها مدافعا عن الأدب العربي وقضاياه وحاميا لكل الأدباء والمفكرين والفنانين مهما اختلفت مشاربهم‏..‏ ولم يحدث أن حابي السلطة أو النظام علي حسابهم بل العكس هو الصحيح حيث كان يصر علي اعلاء شأنهم وتحقيق الكثير من الانجازات لهم في هذا المضمار‏..‏ ولعل ذكاءه ودبلوماسيته قد حققت الكثير في هذا المجال‏.‏
‏***‏
أذكر أنني التقيت يوسف السباعي للمرة الأولي عام‏1968‏ وكنت وقتها طالبا بكلية دار العلوم‏..‏ ذهبت اليه ضمن مجموعة من محبي الفكر والأدب لحضور ندواته ولقاءاته العامرة مساء كل أربعاء بدار الأوبرا بشارع قصر العيني‏..‏ وبالمناسبة كلما مررت علي المكان الذي أصبح خرابا أترحم علي أيام يوسف السباعي‏..‏ حين سلمت عليه للمرة الأولي ظللت صامتا لبرهة وأنا أتأمله بابتسامته الهادئة وأناقته ونقاء سريرته‏,‏ ولاأخفي ان كما كبيرا من السعادة شملني حين اقتربت من هذا الرجل الشامخ الذي قضيت الساعات تلو الساعات ملتهما سطوره وكتاباته عبر انتاجه الوفير والغزير أرهفت السمع باهتمام لكلمات يوسف السباعي من خلال ندوات الدار وجلست معه مرارا بمكتبه بالدور العلوي استمد منه الرأي والمشورة‏..‏ وكلما ازدادت اللقاءات ازددت يقينا أن انتاجه الأدبي الذي يفيض رقة وعذوبة ومشاعر صادقة و رومانسية مفرطة ماهو الا صورة صادقة لمشاعر هذا الانسان الجميل الذي أثري حياتنا الأدبية المعاصرة وأن يوسف السباعي حين يكتب انما ينقل صورة صادقة لكل ماتختلج به نفسه من مشاعر وأحاسيس‏.‏
‏***‏
ذات مساء كنا نقف علي سلم دار الأدباء انتظارا لقدوم يوسف السباعي ليرأس ندوة حوارية مع الأديب الكبير يحيي حقي انتاجه الأدبي‏.‏
وكان ضمن المجموعة كاتب شاب غريب الأطوار ذو فكر يساري كثيرا ماكان يهاجم يوسف السباعي مع زملائه حيث أنهم خارجون لتوهم من المعتقل‏..‏ وتناسوا ان يوسف السباعي بذل جهدا كبير ا للتوسط لدي الرئيس عبد الناصر للافراج عنهم في ذلك الوقت كان يوسف السباعي يرأس تحرير مجلة آخر ساعة وكان يقدم مقالته الافتتاحية بعبارة شهيرة هي كلما قابلتك لاأجد ماأهتف به علي شفتي سوي أهلا‏.‏
مرت لحظات وتوقفت سيارة السباعي امام الدار لينزل منها بأناقته المعتادة وابتسامته الهادئة فاذا بهذا الشخص يندفع نحوه قائلا‏:‏ يوسف بك‏..‏ يوسف بك‏.‏
مد له يده قائلا‏:‏ أهلا يافلان رد الآخر عليه‏:‏ كلما قابلتك لاأجد ماأهتف به علي شفتي سوي‏.....‏ ونطق لفظا معيبا جارحا‏..!‏
أذكر أن الأرض دارت بي وأنا أشهد هذا الموقف المباغت‏,‏ وتعلقت عيناي بيوسف السباعي لأري رد الفعل المباشر له لهذه الاساءة أو الاهانة التي ألقيت في وجهه‏!‏
فاذا بالسباعي يضحك من الأعماق كما يقولون ويضع يده علي كتف هذا الشخص متسائلا‏:‏ ايه يافلان‏..‏ أنت زعلان مني ولا ايه‏..‏؟
فرد عليه الآخر في صلف وغرور‏:‏ طبعا زعلان‏..‏ أنتم تعيشون في فيلات وقصور وتركبون أفخر السيارات وتأكلون مالذ وطاب ونحن لانجد شيئا‏.‏
فقال السباعي‏:‏ أنت محتاج حاجة‏..‏ عايز فلوس‏..‏؟
فرد الآخر في استفزاز‏:‏ عايز خمسين جنيها‏.‏
فنظر يوسف السباعي الي سكرتيره حسين رزق قائلا‏:‏ ياحسين اعط فلانا مائة جنيه ونظر للآخر قائلا‏:‏ أرجوك‏..‏ لما تكون عايز مني حاجة تعالي وانت هاديء‏.‏
رحم الله يوسف السباعي
شهيد الأدب والفكر والفن والرومانسية‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.