وفي عالم الإنترنت نجح الكثيرون في استغلال تكنولوجيا الاتصال والكمبيوتر والشبكة العنكبوتية في عمليات النصب والاحتيال والسرقة والتجسس والسطوعلي حسابات الآخر ينفي البنوك دونما حاجة إلي اللجوء للعنف والاقتحام واستخدام الأسلحة النارية وإراقة دماء الحرس. فقد تطورت الجريمة كما تطور كل شيء, ولم يعد اللص مضطرا لحمل سلاح أبيض أو مسدس لكي يحصل علي ما في جيبك, ولم تعد الصورة النمطية لهجام الشقق ذي البلوفرالمقلم بالعرض أبيض في أسود, ولا حاجة به لارتداء شراب حريمي فوق رأسه لإخفاء معالم وجهه خلال السرقة كما صورته أفلام السينما القديمة. العصابات نفسها لم تعد تتخذ من المناطق المهجورة المملوءة بالبراميل الخشبية الفارغة مقرا لها,كان ذلك في الماضي, أما الآن فالتشكيلات العصابية تتعامل بأجهزة الكمبيوتر, وتستخدم البرامج المتطورة في تنفيذ عملياتها, وتلبس أفخر الثياب, ولا يمنعها هذا من ارتكاب أبشع الجرائم وبلا رحمة. لو عاد بنا الزمن إلي الوراء, عندما كان الواقع أقوي كثيرا من الخيال ولم تكن هناك أي عوالم افتراضية, كانت الحقائق علي الأرض مأساوية, كان السفر عبرالصحاري علي ظهور الدواب, وفي البحارعلي متن السفن الشراعية, قبل اختراع السيارات والطائرات, وكان من الطبيعي أن تري جثثا ملقاة علي جوانب الطرق جراء الاشتباكات الدموية بين اللصوص وقطاع الطرق من ناحية وبين قوافل التجارة والحج من ناحية أخري وكانت العصابات تقتل الرجال وتسبي النساء وتستولي علي ما لديهم من أموال ومقتنيات ودواب من خيول وإبل وبغال وحمير.. إلي آخره, تترك جثث ضحاياها تتخطفها الجوارح وآكلات الجيف, أو تلقي بها في البحر لتصبح طعاما للأسماك المفترسة. الآن تطورت الأساليب لتتناسب مع إيقاع العصر, ومع ذلك مازالت هذه المشاهد تتكرر ليس فقط علي أرض الواقع وإنما في العالم الافتراضي أيضا, فكم من ضحية سلبت مدخراتها باختراق حسابها البنكي, وكم من ساذج دفع أمواله عن طيب خاطر لنصابة محترفة بعدما أوهمته بحبها الافتراضي, وكم من جرائم تم ترتيبها باستدراج الضحية إلي مسرح الجريمة بمحض إرادته بعد تقديم الطعم الملائم لاصطياده كحسناء بالغة الأنوثة والجمال ليس لها وجود حقيقي وإنما مجرد مجموعة من الصور,ورسائل صوتية متقنة, ووعود بجنة زائفة!! فالشر موجود, والأشرار لم يعدموا الحيل, والعالم الافتراضي أفسح المجال بلا حدود لأنشطتهم ومنحهم فرصا لانهائية لارتكاب المزيد من الجرائم, وطلاب المتعة والحالمون بالثروة المفاجئة ما أكثرهم.. وهم أهم وأسهل الضحايا. [email protected] رابط دائم :