خمسة وزراء مروا علي حقيبة الثقافة خلال عام ونصف منذ اندلاع ثورة يناير, وعلي الرغم من عزلة الوزارة بمثقفيها عن الشارع, والتي لم يختلف عليها أحد, ألا أن وزيرها دائما كان المرشح الأول للتغيير في التعديلات الوزارية. ودائما ما تأتي التعديلات مصحوبة بجدل واسع بين أوساط المثقفين حول إمكانية الاستغناء النهائي عن الوزارة أو كيفية إصلاحها وتخليصها من الفساد, وفي الوقت ذاته تطويع آلاتها للخدمة الجماهيرية, بدلا من دعم التيار الحاكم علي اختلاف انتمائه. وفي حوارنا مع الوزير السابق دكتور شاكر عبدالحميد: كشف عن أن عددا من قضايا الفساد داخل الوزارة مازال عالقا, ولم يتم التحقيق فيه بعد لأسباب مجهولة, قائلا: قمت بتحويل ثلاث قضايا فساد داخل الوزارة للجهات, ولم يتم التحقيق فيها, ويرصد عبدالحميد أيضا عددا من التحديات الأساسية في وجه الإصلاح في الوزارة من خلال تجربته في خمسة أشهر وصفها بالأصعب في حياته. فإلي نص الحوار: * جئت إلي أمانة المجلس الأعلي للثقافة ثم وزارة الثقافة بتصورات وأحلام, كيف تغيرت هذه التصورات بعد توليك المسئولية وبعد خروجك؟ ** اختلفت التصورات بالطبع, فأنا كنت أحلم أن أنجز أشياء كثيرة واكتشفت أن الواقع مختلف تماما, فالبشر ليسوا بهذا النقاء والوضوح, وبهم قدر كبير من الشر والتآمر والانتهازية وانعدام الضمير. * معني ذلك أن أزمات وزارة الثقافة في ذهنك مرتبطة بالأشخاص أكثر منها بفساد اللوائح والقوانين؟ ** الأشخاص, ثم اللوائح والقوانين وقلة الموارد المالية التي أتيحت لي, والأهم من ذلك هو الظرف التاريخي الذي جئت فيه, فبعد الثورة شهد المجتمع تغيرات جذرية, البعض يقول إن الثورة كشفت عن أسوأ ما فينا وأفضل ما فينا, وأنا أظنها كشفت عن أحسن ما فينا, لكن الأسوأ كان موجودا من قبل اندلاع الثورة لكن زاد وتوحش. وأعترف أنني للأسف الشديد لدي عيوب شخصية منعتني من إدارة الوزارة كما ينبغي, فأنا وثقت في الناس, وكنت صريحا معهم, وهذه عيوب لا يجوز أن تكون في مسئول. * ما هي الآمال التي أردت أن تحققها وفشلت؟ ** كنت أريد تطوير الثقافة الجماهيرية كما أحب أن أسميها, بدلا من الأسم الحالي قصور الثقافة, وكنت أراها الأداة التي يمكنها تقديم تغيير مهم ومطلوب في ثقافة المجتمع المصري, ويمكن أن ترتقي بوعيه, لكن الانجاز يحتاج لمدي زمني ومكان, وأنا لم يتح لي الوقت, والمكان, بل لم تكن الأمور كما كانت عليه قبل الثورة إذ تدهورت, وزادت المطالب والمؤامرات والشر. * ما هي القرارات التي اتخذتها في هذا الاتجاه؟ ** ليست أشياء مهمة, لأن الزمن لم يسعف بأكثر من ذلك, فافتتحنا بعض القصور المغلقة, وبدأنا تطوير بعض المواقع, وقد تفتتح قريبا. كنت أريد تطوير كل قطاعات الوزارة, المجلس الأعلي للثقافة وأكاديمية الفنون ودار الكتب المصرية, والمركز القومي للترجمة, لكن السؤال من تكفيه خمسة أشهر في هذه الظروف ليصنع شيئا من الأساس! * لكن هذه الأشهر كانت كافية لاتخاذ بعض القرارات من شأنها وضع الوزارة علي بداية طريق الإصلاح؟ ** كانت هناك محاولات كثيرة, لكن واجهت مقاومة من قبل بعض الأجهزة في الدولة, وعلي سبيل المثال معرض القاهرة الدولي للكتاب, الذي رفضت وزارة الداخلية تأمينه بحجة أنها لا تستطيع أن تحمي المعرض في ظل هذه الظروف, ونحن بذلنا كل المساعي مع مسئولين آخرين أنا في غني عن تسميتهم لأنهم لم يعودوا موجودين الآن, حتي عقد المعرض بموعده. أنا أعتبر الحفاظ علي معرض القاهرة الدولي للكتاب, واحد من أعرق المعارض في العالم إنجازا. * هل تري أن حقيبة الثقافة مستعصية علي الإصلاح؟ ** لا, الثقافة ليست مستعصية علي الإصلاح, لكن لا يمكن أن نقارن بين الوزير الأسبق فاروق حسني والذي ظل وزيرا23 عاما, ووزير جاء وسط احتجاجات وإضرابات ولم تكن الظروف مواتية له بأي شكل من الأشكال ليصنع فارقا. * دعنا نتناقش في مجموعة من قراراتك, حين توليت الوزارة كان هناك جدال قائم حول فكرة تحويل دور الدولة من منتج للثقافة إلي ممول وداعم فقط لمنظمات المجتمع المدني المنتجة للثقافة, مع الاكتفاء بأن ترسم الدولة الأطر الثقافية, وكان لهذه الفكرة تجليات أبرزها انفصال المجلس الأعلي للثقافة عن الوزارة, فما هو موقفك منها؟ ** أنا مع التغيير التدريجي وليس الفجائي, فلكي نغير لابد أن نتحرك في اتجاه معين ومع هذه الحركة ستتم إزاحة غير المرغوب فيه ويمكن أن نقوم بتغيير مفاجئ جميل, لكنه سيفشل سريعا بسبب مشكلات غير محسوبة. المجتمع ليس مهيأ لتغييرات كهذه, فالذين طرحوا هذا التصور لم يضعوا الموظفين والمثقفين المتعاملين مع قطاعات الوزارة علي سبيل المثال في حسبانهم, هؤلاء قد يضرهم التغيير المفاجئ لو سألوا أنفسهم عن عدد المؤسسات الثقافية التي يمكنها أن تسد الفراغ الذي ستتركه الدولة في حال انسحبت من الانتاج الثقافي في الأقاليم مثلا. * لكن الوسط كان مهيأ بعض الشيء, بدليل أنك اخترت عددا من الفعاليات الناضجة مثل الفن ميدان لتدعمها وأنت في موقع المسئولية؟ ** دكتور عماد هو من بدأ هذا التوجه وأنا أكملته. * لكنك أكملته بقرارات استثنائية ولم تقم بسن لوائح وقوانين تجعل هذا الدعم مستمرا ومنظما بمعايير, وكانت النتيجة توقف هذا الدعم فور خروجك من الوزارة وإلغاء فعاليات الفن ميدان من المحافظات؟ ** أنا أوافق تماما علي أن تستمر الدولة في دعم هذه الفعاليات الناجحة والجادة, لكن ما لا يعلمه البعض أن عددا كبيرا من الائتلافات ظهر, منها ما يريد أن يتخذ من قصة الدعم' سبوبة' يأخذ بها الأموال من الوزارة, ويبددها دون وجه حق. * ألم يكن أمامك قرار تشكيل لجان لسن ضوابط رقابية ومتابعة من حصلوا علي الدعم؟ ** لم يكن هناك وقت لوضع ضوابط, ولم تكن الظروف تسمح أبدا بخطوات كبيرة مثل تلك. * اتهمت بأنك ترددت في اتخاذ خطوات ثورية في الوزارة؟ لم أتردد, بل كانت هناك قرارات أهم بالنسبة للمتظاهرين أمام الوزارة تطالب بتغيير كل قيادات الوزارة لأن كلهم فاسدين فكيف نعمل, بعض هذه التظاهرات أتت بمستندات فحولنا3 قضايا كبري للنيابة. * هل اتخذت قرارات في شأن أي قضية منها؟ ** لم نتخذ أية قرارات إلا قرار منع دكتور عبدالمنعم كامل مدير دار الأوبرا المصرية السابق من السفر خارج البلاد. * وبقية القضايا؟ ** هذا نظام البلد موت ياحمار هناك أناس فاسدون مازالوا في مناصبهم, لكن لا يصح أن أقول أسماء قبل أن تصدر قرارات من النيابة, فكل أوراقهم موجودة بين يدي جهات التحقيق, ولم تتخذ ضدهم أي قرارات, ولم يتم عمل أي شيء. * لماذا لم تحاول دعم البلاغات أو الضغط لتحريكها بصفتك وزيرا؟ ** أنا أرسلتها للنيابة ولا يجوز أن أضغط علي جهات التحقيق. * هل يشوب هذا التأخير شبهة تواطؤ؟ ** لا, جهات التحقيق لديها قضايا كثيرة, وهذه أشياء بسيطة بالنسبة لما لديهم. * الثقافة ليست أولوية حتي في الفساد؟ ** ليست أولوية في أي شيء علي الإطلاق. * لماذا أجلت قرار تحويل ملفات الفساد للنيابة لآخر وقت؟ ** قمت بتحويل الملفات فور وصولها إلي, لكنني لم أعلن ذلك. * لماذا لم تعلن؟ ** لا يصح أن أقول ذلك قبل أن تصدر جهات التحقيق قرارها. * تمت الإطاحة ببعض قيادات الوزارة في الفترة الأخيرة وسط اتهامات وجهت لبعضهم بالفساد, فما رأيك في هذه الخطوة, هل هي خروج آمن؟ ** هو فقط لم يتم تجديد انتدابهم, سميها كما تشائين بعد ذلك خروج آمن أو استغناء عن خدمات أو تغيير. * لم يكن من بينهم ممن حولت ملفاتهم للنيابة؟ ** لا, لم يكونوا من بينهم, فهم مازالوا في مناصبهم. * التغييرات أرضت بعض الثائرين في الوزارة, فما تعليقك؟ ** هذا تغيير مهم, خصوصا وأن بعضهم كان يثير القلاقل عن عمد. * ما رأيك في المسار الذي اتخذته الوزارة الآن, هل هناك اتجاه للتطوير أم هي أيضا محاولة لاستبقاء الوضع علي ما هو عليه؟ ** هناك اتجاه للتطوير, مثل محاولة استكمال مباني وتجهيزات المسرح القومي وأن يكون التعيين في المناصب القيادية بالإعلان وليس بالانتداب كما كان الأمر قبل ذلك, أنا بدأت هذه الخطوة وأكملها دكتور صابر عرب مشكورا!. * لكنها أتت بأناس معروفين نسبيا مثل دكتورة كاميليا صبحي رئيسة المركز القومي للترجمة والدكتورة جيهان زكي رئيسة أكاديمية الفنون؟ ** هذا ليس مقصودا. * ما هو تقييمك لاقتراح تطوير المجلس الأعلي للثقافة المطروح الآن للمناقشة, والذي من المفترض عرضه علي مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية قريبا؟ ** هناك جوانب طيبة, وأخري تحتاج لمزيد من المناقشات, كأن يقوم المجلس بالتنسيق بين قطاعات الوزارة, فإذا كان المجلس سيقوم بالتنسيق, ما هو دور الوزارة؟ هذا معناه إلغاء الوزارة, وأنا ضد إلغاء الوزارة, بل يجب إعطاؤها دفعة وتشجيعا وميزانية أكبر, وأن تصبح أكثر صلة بالوزارات الأخري, وأن يكون هناك تنسيق بين قطاعاتها بحيث لا تصبح جزرا منعزلة. * دعنا نعد لفكرة أنك ترددت في اتخاذ بضع قرارات كان من شأنها تغيير شكل الخارطة الآن؟ ** أنا لم أتردد, كنت أريد أن أتأمل. * تتأمل في ظل هذه الظروف الصعبة؟ ** هذا سبب أدعي للتأمل والتفكير مليا في أي قرار. فهل المطلوب مني أن أندفع في اتخاذ قرارات تحدد شكل مستقبل الثقافة في مصر لأعوام وأنا تحت كل هذه الضغوط! * لكن كان هناك عدد كبير من المثقفين لديهم خطط ثورية, وكان من الممكن أن تحظي بدعمهم؟ ** لم يكن هناك دعم, ولم يكن هناك أحد معي من الوزارة أو من خارجها, أين هم المثقفون؟ قولي لي أسماءهم ومتي وقفوا معي, بعضهم للحق وقف معي حتي أصبحت وزيرا ثم انسحبوا. رؤاهم كانت مبنية علي أساس أن القادم للوزارة هرقل, ولم يكن هناك تقدير للظروف ولم يقدموا خططا مبنية علي خطوات واضحة ولم يتركوا مساحة للمناقشة. زمان كان الوزير يقول اعطوني4 أشهر حتي أفهم الوزارة, وأنا مشيت بعد5 شهور. المثقفون فيهم عدد كبير من الأفاقين, وأنصاف الموهوبين, فما رأيك فيمن كانوا يصدرون بيانات ضدي منذ أول شهر بسبب تشكيل لجان المجلس الأعلي للثقافة التي انتخبوها, وكأنني أنا الذي شكلته. أنا أكملت تصور دكتور عماد أبوغازي, وحاولت بأقصي جهدي, لكن التصور كان مثاليا زيادة عن' اللزوم'. * لكن دكتور عماد أمضي فترة أيضا قصيرة, واتخذ عدد من القرارات الحاسمة في اتجاه تحويل الوزارة لمكان داعم للثقافة وليس منتجا لها, مثلا اتخذ قرار بإلغاء لجنة المهرجانات وأعطي فرصة تنظيم هذه المهرجانات لمنظمات مجتمع مدني علي أن تراقب الوزارة أداء هذه المنظمات, فما رأيك؟ ** في النهاية ماذا حدث, عاد مهرجان القاهرة السينمائي مرة أخري لنفس الجمعية والأشخاص الذين نظموه لسنوات وأداروه بنفس الطريقة, لأن المفترض تأمل قرار مثل ذلك, فالجمعية التي تقدمت لتنظيم المهرجان, لم تكن قد أشهرت بعد, وبناء عليه فاز ممدوح الليثي بمهرجان القاهرة مرة أخري, عبر هذه الثغرة القانونية, هذا كان خطأ. * معني ذلك أنك تري أن السبب في الردة علي القرارات الثورية الآن, هو التسرع في اتخاذ هذه القرارات؟ ** الحقيقة أنه ليست هناك ميزانية في الوزارة تكفي, كانت لدي الدكتور عماد رغبة قوية في اتخاذ عددا من القرارات الثورية لكن الظروف لم تكن تتحمل ذلك, ولازالت لا تتحمل ذلك, والدكتور صابر يتصرف بناء علي الامكانات المتاحة له. * قلت إن الظروف التي جئت بها كانت صعبة, هل تقدمت بأية مشروعات للنهضة الثقافية ورفضت في مجلس الوزراء؟ ** مجلس الوزراء كان مشغولا بقضيتين فقط, الأمن والاقتصاد, ولا شيء آخر. * الثقافة كانت لتلعب دورا مهما في الاقتصاد. ** الدكتور كمال الجنزوري لم يكن لديه هذا التصور. * كان يحتقر الثقافة؟ ** كان يضعها في ذيل اهتماماته, لا داعي لكلمة يحتقر. * كم من الوقت كان متاحا لك لتتكلم في اجتماعات مجلس الوزراء؟ ** طوال الوقت, لكن في موضوعات اقتصادية كرغيف الخبز وأنابيب الغاز وعودة الأمن للشارع. * قلت انك خرجت راضا عما قدمته للوزارة في أحد تصريحاتك الصحفية, فما هو مبعث هذا الرضا؟ ** لست راضيا تماما, لكن أنا راض نسبيا عن فكرة أني حاولت بقدر الإمكان ولم أدخر جهدا. أعتقد أنني حافظت علي الحالة كما هي, بدلا من أن تسوء أكثر. كانت هذه أسوأ خمسة أشهر في حياتي, فأنا خرجت في وقت أعلم فيه جيدا أن الحكومة كلها ستخرج بعد شهر أو شهرين, مع ذلك كان لابد أن أنتظر التعديل الوزاري لأخرج فيه وأن أترك منصبي مع الوزارة كلها. * لكن لماذا اتخذت قرار الاستقالة بشكل مفاجئ؟ ** أنا شعرت أنهم سيضحون بي, فقلت: بيدي لا بيد عمرو, شعرت أن هناك صفقة تتم بين المجلس العسكري ومجلس الوزراء وبين الإخوان, وكان لابد أن يكون هناك كباش فداء, وأنا كنت واحدا من هؤلاء المرشحين ككباش فداء, لأن الثقافة ليست مهمة بالنسبة للأطراف الثلاثة, فقررت أن أخرج بإرادتي. * كانت لديك معركتان فاصلتان في نهاية فترتك الأولي مع رئيس أكاديمية الفنون سامح مهران, والثانية بعد تسرب اقتراح بترشيح عضوين من المجلس العسكري لعضوية المجلس الأعلي للثقافة, فكيف تري ما حدث الآن؟ ** الثانية لم تكن معركة, فقد تم اصطياد كلمة من فم أحد أعضاء المجلس يقترح هذا الاقتراح وقد رفض, ثم فوجئنا بهبة, وأنا نفيت هذه القصة وكانت معركة مفتعلة. أما الأولي, فقد كان بها جزء كبير تأجيجي, ولو الظروف كانت أفضل لم أكن لأعالج الأمور بهذا الشكل, كنت لأعمل علي التهدئة, والوصول لحل يناسب مصلحة البلد, بدلا من هذا العنف وتبادل الاتهامات, لكن مهران بدأ بالتطاول علي في مؤتمر صحفي, وكان لابد أن أرد عليه. * لماذا لم تحاول إحالته للتحقيق؟ ** ليس من حقي أن أحوله للتحقيق, وهذه إحدي اشكاليات إدارة أكاديمية الفنون, أنا قدمت ما لدي من أوراق للنيابة ولم يحدث شيء. * برأيك ما هي المناصب في الوزارة التي لديها نفوذ معطل لأي قرار إصلاحي؟ ** رئاسة أكاديمية الفنون, لابد أن تتبع وزارة الثقافة بدلا من مجلس الوزراء, فلا يجوز أن يكون هناك منصب تابع للوزير والوزير ليس له سلطة محاسبته, هذا تناقض إداري, وفيه سوء نية ورغبة في الافساد. فماذا لو أخطأ أو فسد هذا المسئول من يحاسبه؟ لابد في هذه الحالة أن تخاطب جهات أعلي, وفي الغالب يكونون علي صلة بمن هم أعلي من الوزير. كذلك رئيس أكاديمية روما, هو بعيد وخارج البلاد كيف يمكن مراقبته والاطمئنان أنه يؤدي دوره علي خير وجه, ورئيس هيئة قصور الثقافة, فالقطاعات المترامية الأطراف نحو500 موقع, كيف يمكن مراقبتها والاطمئنان إلي مستوي الخدمة التي تقدمها. * ألا يوجد جهاز تفتيش يمكن الاعتماد عليه في هذه المهمة؟ ** هناك جهاز تفتيش, ولو أخذت بهذه التقارير سيتم رفت كل الناس. * ولماذا لا؟ ** سيخرج كل واحد منهم وأتباعه بمظاهرات تهاجم الوزير. * هل وجدت أن الفساد متراكم في هذه الأطراف البعيدة أيضا؟ ** أكثر, لكنه فساد صغير ومحدود وغلابة, ولا يزيد الأمر بالنسبة لهم عن مكافأة ندوة. إذا كنا نتكلم عن إصلاح الثقافة الجماهيرية, فهي تحتاج إلي نحو مليار جنيه أي ما يعادل ميزانية الوزارة كلها. وتنقسم ميزانية الوزارة إلي80% أجورا ورواتب,20% فعاليات ثقافية وندوات وما إلي ذلك, هذه ميزانية شركة وليست ميزانية وزارة. * أوليست لديك وقائع تؤيد قرارك ويسهل اطلاع الرأي العام عليها؟ ** كل هذا يحتاج الوقت. * هل منصب الوزير نفسه يعطل الإصلاح؟ ** طبعا هذا أمر راجع لشخصيته. * ألا تري أن هذا منصب يجب تقليم سلطاته بمعني وضع رقابة وضوابط علي قراراته؟ ** لابد أن يكون هناك عقاب سريع لأي مفسد أيا كان, لابد ألا تضع الجهات الرقابية تقاريرها في الأدراج كما كان يحدث من قبل, هناك تقارير مازالت في الأدراج منذ عشرات السنوات. وتفعيل دور الرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات أمر لا غني عنه لإنهاء فكرة السلطة المطلقة. * في أحد تعريفات دور المجلس الأعلي للثقافة أنه جهة ترسم السياسات وتراقب أداء الوزارة, بغض النظر عن تناقض آخر هو أن الوزير هو رئيس المجلس, لكن ألا يجب أن يتم تفعيل هذا الدور لتكون هناك الرقابة داخلية أيضا؟ ** ماذا يفعل المجلس مع الوزير, هناك جهات رقابية في الدولة, والأولي تفعيل دورها, كما أن هناك رئيس وزراء يصوب القرارات الخاطئة, كذلك المثقفون المستقلون أو ما يسمي بالضمير الثقافي الذي لا أعلم أين هو بالضبط. * ألا تري أن مصطلح الضمير الثقافي مصطلح مطاط, لا يجوز استخدامه في تقنين وضع الثقافة وممارسات الوزارة؟ ** الدولة موجودة وبها ما يكفي من تشريعات لمراقبة اداء الوزارة بأكملها, لكن الأزمة في تفعيلها. * لكن هذه رقابة إدارية, ماذا عن الرقابة الثقافية؟ ** فليراقبه المثقفون. * لكن بنية المجلس وبقية الهيئات الثقافية لا تسمح بذلك؟ ** ليس ضروريا أن يكون ذلك من داخل المجلس أو أي مؤسسة تابعة للوزارة, ليكن من خلال منظمات مستقلة تماما عن الدولة وعن الوزارة. * ألا تري ضرورة لوضع آلية للمثقفين للتعبير عن رأيهم؟ ** لو ادخل المثقف الوزارة لن يستطيع تقييم الوضع أو ممارسة دور الرقيب, صار تابعا للسلطة, وصار نقده غير موضوعي, وغالبا ما يكون في حرج, لأن الوزير يعتمد قرارات تعيين هؤلاء الناس, بالتالي هذا حائل دون ممارسة دورهم كاملا. * كان هناك طرح يطالب بإلغاء الوزارة وأنت كنت متحفظا عليه؟ ** هناك أسباب كثيرة تدعو لوجود الوزارة في مصر, منها التاريخ الثقافي, فجزء منه يحتاج لمؤسسة تحافظ عليه, وجزء آخر يحتاج أن يتم تقديمه بشكل أفضل. نحن دولة فقيرة, وأعتقد أن جزءا من الخدمة الثقافية لابد أن تقدمه الدولة بسعر رخيص, كتاب, فيلم, معرض, فالمستقبل يحتاج إلي جهاز ثقافي يلعب دورا مهما في تجميع المثقفين, وحين توليت الوزارة قلت: إنه كانت هناك قبل الثورة وزارة ومثقفون خارج الوزارة, لكن بعد الثورة المفترض أن تكون الوزارة في خدمة المثقفين. * في إطار العلاقة بين المثقفين والسلطة, كان الجميع يتهم الوزير فاروق حسني ب تدجين المثقفين وإضعاف قوي التنوير ومحاولة احتوائها لصالح النظام, فهل تغير الوضع الآن؟ ** قل عدد القابلين للتدجين, وفي نفس الوقت لم تعد هناك سلطة قوية كتلك التي كانت موجودة من قبل, فلكي تمارس السلطة هذا الدور لابد أن تكون هناك أرضية ثابتة, لكن الآن الوزير نفسه لن يجلس هذه المدة الطويلة علي كرسي الوزارة, فلماذا قد يفعل ذلك! لم تعد هناك مؤتمرات وروابط وشلل, والوضع صار راكدا, بالتالي من الصعب الآن وجود مثل هذه العلاقة.