بعد أن خطا برنامج تطوير التعليم ما قبل الجامعي خطوات واسعة, وبدلا من أن يتم تطبيقه طبقا للخطة الخمسية المحددة له وهي من عام2007 وحتي2012 توقف فجأة عام2010 بعد إقصاء د. يسري الجمل وزير التعليم وتولية أحمد ذكي بدر الذي أتي علي بنيانه. في حوارنا مع الدكتور شريف حسين قنديل أستاذ قسم علوم المواد بجامعة الاسكندرية والذي كان يتولي إدارة البرنامج, أكد أن الفضل في البرنامج كان يرجع إلي د. يسري الجمل وزير التعليم الأسبق الذي وضع خطة استراتيجية يسير علي ضوئها البرنامج الذي كان بإشراف من اليونسكو.. وإلي نص الحوار: * ما هي أسس برنامج تطوير التعليم؟ ** وضع البرنامج طبقا لمعايير قوية بالاشتراك مع خبراء دوليين حيث يشمل مرحلة التعليم ما قبل الجامعي بما في ذلك الإدارات المركزية وأولياء الأمور والعاملين بالمدارس والطلبة والأساليب التي تستخدمها المدارس في التعليم والبنية الأساسية للمدرسة. * وماذا عن أهم هذه المعايير؟ ** هناك عاملان محددان لا يمكن الاستغناء عنهما, وهما الأمان والنتيجة النهائية, حيث وضعنا خطة استراتيجية للوصول إلي المعايير المطلوبة لتطوير التعليم ترتكز علي وضع نظام لتقييم المدرسة فأنشأنا الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد التربوي مهمتها معرفة مدي اعتمادية المدرسة وكذلك الطالب. * وما هو المدي الزمني للخطة؟ ** لاشك في أن منظومة التعليم بأكملها كانت ومازالت تتطلب جهدا كبيرا وتطويرا هائلا علي كل مستوياته حيث كان للدكتور يسري الجمل دور كبير في تفعيل تلك الاستراتيجية, فتم وضع خطة استراتيجية شاملة تبدأ2008/2007 وحتي2013/2012 تهدف بالأساس إلي رسم خطوط عريضة ووضع معايير ثابتة تشكل مقياسا للتعليم الجيد في جميع المدارس وعلي مستوي جميع المحافظات, حيث تم اختيار7 محافظات لتطبيق البرنامج وهي القاهرة والأسكندرية والفيوم المنيا وبني سويف وسوهاج وأسوان كبداية يتم بعد نجاحها التعميم علي جميع المحافظات الأخري. * ما أهم محاور تلك الخطة؟ ** اعتمدت الخطة علي محورين أساسيين, أولهما هو تقييم النظم المدرسية, والأساليب المتبعة في عملية التعليم, ومدي مشاركة الإداريين والعاملين في المدرسة, ودرجة الأمان التي تتمتع بها المدرسة وهو أول ما يبحث عنه أولياء الأمور, وفي هذا السياق تم إنشاء الهيئة القومية لضمان الجودة والاعتماد التربوي وتتولي تقييم مدي تطبيق تلك المعايير, أما المحور الثاني فيتمثل في الاهتمام بالتنمية المهنية للمعلم لكي يواكب النظم الحديثة في التعليم, وكيفية عمل تقييم مستمر للطلاب, وتأهيل الطلاب للمشاركة وتدريبهم علي المشاركة البناءة وليست المنافسة السلبية والعدائية, ومن ثم تم إنشاء الأكاديمية المهنية للمعلم في مدينة السادس من أكتوبر والتي تتبني تأهيل المعلم بشكل يمكنه من مواكبة النظم الحديثة للتعليم, بالإضافة إلي تقديم تسهيلات خاصة للعاملين, حيث توفر لهم أماكن للإقامة والمبيت. وعلي صعيد الجانب المادي للعاملين, تم وضع كادر هيئة التعليم بحيث يمر المعلم بمراحل تطور مختلفة بداية من مساعد معلم وحتي المعلم القدير, حيث تقوم عملية الترقية علي أسس ومعايير تشمل الحصول علي تدريب بيني كاف ويكون له سجل من الإنجازات, والحصول علي تقييم جيد من الطلبة في المدرسة. * كيف استفدتم من تجارب وخبرات الدول الأخري في هذا الإطار؟ ** تقوم منظمة اليونسكو بعمل اختبارات كل عامين, بحيث يتم اختيار طلاب كل دولة و5000طالب من كل شريحة تعليمية ويتم اختبارهم في جميع المواد الرياضية والعلمية والتطبيقية والنظرية, وكانت مصر تأتي في منتصف الترتيب الدولي بين كل البلاد الأخري, إلا أن دولة فنلندا ظلت تحتل المركز الأول علي مدار6 سنوات متتالية,ولما سألنا فنلندا عن سبب تقدمها أجابوا بأنهم كانوا يعتمدون بالأساس علي المعلم, حيث يتم اختيار المعلم علي أسس متميزة للغاية, باعتبار أن المعلم الجيد هو السبيل الوحيد لمنظومة تعليمية متطورة ومتميزة. * وما المعايير التي كان يتم اختيار المعلم بناءا عليها في فنلندا؟ ** يتم اختيار المعلم الحاصل علي مؤهل عال أو درجة جامعية ثانية وعدم الاكتفاء بالبكالوريوس أو الماجستير,مع تصفية المعلمين, بحيث يتم اختيار معلم من أصل10 معلمين بالإضافة الي تفضيل المعلم من النواحي المادية حيث يزيد راتبه بنسبة30% عن العاملين بالمهن الأخري كالطب والهندسة مع عمل توعية شاملة للعاملين وتوسيع إدراكهم بحيث يستشعرون مدي أهمية الدور الذي يقومون به في المجتمع وكيفية تأثيره علي مستقبل أبنائهم وبلدهم. واستطاعت فنلندا أن تجني ثمار تطبيق هذا البرنامج المتكامل بعد15 عاما قمنا بالاستفادة من تلك التجربة وطالبنا بتطبيق اللامركزية بحيث يتوافر لدي ناظر المدرسة من السلطات الإدارية والمالية مايمكنه من تسهيل الإجراءات لتلبية متطلبات المدارس بدلا من التنفيذ بالنظم البيروقراطية المعقدة وتعطيل سير الإجراءات كالحصول علي موافقة بعض الجهات المعنية كوزارة المالية علي سبيل المثال في حال الحاجة الي موارد مالية. * ولماذا توقفت الخطة إذا؟ ** البرنامج الذي وضع كان جيدا للغاية منذ بداية تفعيله عام2007, إلا أنه توقف عام2010 حيث تمت إقالة وزير التعليم الدكتور يسري الجمل وتولية أحمد ذكي بدر الذي قضي علي المشروع بعد أن أوشك البرنامج أن يؤتي ثماره. * وهل كان متوقعا أن يشمل البرنامج كل المدارس؟ ** بالطبع كانت الخطة في البداية تتضمن7 محافظات كمرحلة أولي علي أساس تطبيقها لاحقا علي بقية المحافظات, حيث يوجد في مصر252 إدارة تعليمية تشرف علي40 ألف مدرسة, أي منظومة كانت تستدعي الحوار مع مديري هذه الإدارات التعليمية, ولاشك أن تصور كل منهم مختلف عن كيفية الإدارة لذا طلبنا من الوزير حينها توحيد المفاهيم بين كل القيادات, بحيث يكون هناك تعليم نشط وتقييم مستمر, وربط بكادر المعلم ومدي ارتباط المعلم بأكاديمية المعلم. * وماذا عن التعليم الإبداعي الذي كانت تتضمنه تلك المنظومة؟ ** اعتدنا في بلادنا علي تحفيظ الطالب وتلقينه المواد والقوانين كقوالب جامدة, فكان الطالب بمجرد إنهاء العام الدراسي ينسي مادرسه,لذا فكرنا في التعليم الإبداعي الذي ينتشر في الدول المتقدمة وهو تدريس هذه القوانين عمليا بحيث يصل الطالب تلقائيا الي النظرية, حيث أثبتت الدراسات التي أجريت علي الطلبة في هذا الإطار أن الذين تلقوا علومهم من خلال التعليم الإبداعي حققوا نتائج مبهرة عن نظرائهم الذين تلقوا تعليما عاديا * ولماذا لاتقوم الوزارة الحالية بمتابعة البرنامج مرة أخري؟ ** نتمني من الوزير الحالي إعادة النظر في هذا الأمر واستكمال البرنامج خاصة وأنه تكلف أموالا طائلة وتم خلاله استقدام خبراء من الخارج لتدريب المعلمين وحققنا نتائج طيبة لكن للأسف لم يتم استكمال البرنامج. أن قضية التعليم مشروع أمة ولابد من وضع معايير قوية للتعليم واعتماد المدارس التي تتوافق مع تلك المعايير. في سطور: تخرج د. شريف حسين قنديل من كلية العلوم عام1967 بجامعة الأسكندرية,وحصل علي دكتوراه من جامعة لانكستر بالمملكة المتحدة عام1977 ثم عمل في جامعة الأسكندرية حتي أصبح أستاذ ورئيس قسم علوم المواد, والمؤسس للقسم عام1982, ثم وكيل معهد الدراسات العليا والبحوث عام1993 ثم عميد كلية الدراسات العليا عام2002 بجامعة الخليج العربي بالمنامة بدولة البحرين, ثم المدير التنفيذي للبرنامج المصري لتطوير التعليم منذ2005 وحتي2009