في الوقت الذي يشهد قطاع الصحة إضراب الكثير من الأطباء, قرر الدكتور عمرو حلمي وزير الصحة والسكان تأجير العيادات الخارجية بالمستشفيات الحكومية للأطباء غير القادرين علي فتح عيادات خاصة بهم لمزاولة العمل بها وذلك لتحسين أوضاعهم المالية دون الاعتماد علي ميزانية الدولة, علي أن يتم تطبيق هذا القرار منتصف الشهر الجاري, فهل يلقي ذلك القرار قبولا لدي هؤلاء الأطباء بحيث يمكن اعتباره أحد الخطوات نحو تحقيق مطالبهم؟ في البداية يقول الدكتور إبراهيم الزيات منسق حركة الاضراب في مستشفي المنصورة الدولي أنه غير قادر علي فهم سياسة الوزير, وأن ما نما إلي ذهنه حين علم بهذا القرار هو أن الوزير يريد تأجير الأطباء أنفسهم وليس العيادات الخارجية بالمستشفيات. ويتساءل عن موقع هذا القرار من مطالب الأطباء من حيث إعادة هيكلة الأجور داخل وزارة الصحة؟ ويضيف الزيات أن هناك اعتداءات تتم علي المستشفيات ليلا وليس هناك أي حماية لها, فكيف يسعي الوزير إلي تأجيرها دون توفير الحماية, فهو بذلك يعظم الكوارث وأعمال البلطجة دون أن يشعر. كما أن هناك نقصا في إمكانيات الأجهزة والمستهلكات الطبية بالمستشفيات, فكيف نتعامل مع مريض يدفع الأجر ولن يجد الخدمة المناسبة والجيدة؟ ويقول الدكتور أحمد حسين ناشط نقابي وأحد أعضاء حركة أطباء بلا حقوق أن هذا القرار الوزاري هو أحد محاولات الوزارة للحيلولة دون استمرار الاضراب الذي يقوم به الأطباء علي أمل قيام بعض الأطباء المضربين بتحقيق حلمهم بتأجير عيادة خاصة. ويضيف أن هذا القرار يعني أيضا تحسين أوضاع الأطباء المالية علي حساب المريض وليس الدولة وهذا لا نقبله. وكيف لوزير الصحة الذي يعلم أن حالة الأجهزة الطبية والخدمة المقدمة في المستشفيات الحكومية سيئة ويسعي لتأجير هذه العيادات المتهالكة بأجهزتها للأطباء, والشاهد هنا هو أن الاعتداءات التي تحدث علي المستشفيات هنا وهناك هي نتيجة اعتراض المريض علي مستوي الخدمة الصحية المقدمة له, وينظر المريض إلي الطبيب آنذاك علي أنه ممثل وزارة الصحة فيقوم بالاعتداء عليه, والدليل علي ذلك هو أنه لم تسجل حالة اعتداء واحدة علي أي مستشفي خاص لأن الخدمة بها جيدة. يقول الدكتور أحمد عاطف منسق إضراب الأطباء الأخير ومنسق ائتلاف كل القوي المطالبة بحقوق الأطباء أن هذا القرار الوزاري بعيد كل البعد عن مطالبنا, لأنه يعني أن نأخذ أموالا من المريض وندفعها للوزارة. كما أنه ليس من صلاحيات السيد الوزير تأجير منشآت حكومية, وهذا لو حدث سيصب في مصلحة الوزارة التي تكون بهذا الشكل تسعي لزيادة دخلها فقط وليس حلا لمشكلة الأطباء. وأضاف أنه بعيدا عن عدم وجود تفاصيل عن القيمة الايجارية, فالمبدأ نفسه يعني أننا كأطباء غير قادرين علي العمل في أماكن أخري, في حين أننا قادرون علي العمل في أماكن عديدة وبأجر مناسب, ولكننا نسعي لحل مشكلة المريض غير القادر علي العلاج. وتقول الدكتورة بسمة عبدالعزيز بمركز النديم لحقوق الانسان أن هذا القرار يعد جزء من أجندة الوزير الأسبق الدكتور حاتم الجبلي والذي كان يسعي إلي تنصل الدولة من مسئوليتها تجاه المواطنين وعلاجهم, وإلقاء تلك المسئولية علي طرف آخر. وأن الوزارة بهذا القرار تسعي إلي استقطاع جزء من ميزانية الصحة في الموازنة لتحسين اجور الأطباء, وهذا يجيء علي حساب رعاية المواطن صحيا. وتري أن هذه محاولة للوقيعة بين الطبيب والمواطن, فالطبيب من حقه أجر عادل والمواطن من حقه العلاج, والثورة قامت لتحقيق هذه العدالة الاجتماعية وليس في هذا القرار أي شيء من ذلك. وفيما يتعلق بهدف وزارة الصحة من هذا القرار, أوضح الدكتور عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة أنه محاولة لايجاد حلول غير تقليدية لزيادة الصناديق الخاصة برفع مستوي العاملين في المستشفيات, ولزيادة دخل الأطباء, وضمان تواجد أحد الاستشاريين بالمستشفي حتي وقت متأخر, وهذا كله لا يعني تخلي الدولة عن دورها في تقديم الرعاية الصحية للمواطن, لأن هذا حق تكفله الدولة للمواطنين. وأضاف أنه فيما يتعلق بمطالب الأطباء, فنحن نتفاوض مع وزارة المالية لتحسين أوضاع الأطباء, وأن هذا البند مدرج علي أجندة مجلس الوزراء في كل اجتماع, وقد أصدر رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف في اجتماعه الأخير قرارا لوزير المالية بسرعة الانتهاء من ملف القطاع الصحي. وأوضح أن الوزارة تريد بهذا القرار أن تسير في اتجاهين في آن واحد: إيجاد حلول غير تقليدية لحل مشاكل القطاع, وتحسين الأجور موضحا أن تأجير هذه العيادات سيكون بقيمة ايجارية رمزية, وكان هذا النظام معمولا به من قبل في مستشفي أحمد ماهر وكان قيمة الايجار الشهري( عشرة جنيهات), وكل ما هنالك أن القرار غير تقليدي, ويهدف فقط لتحسين أوضاع الأطباء بشكل عملي, ولم يجيء علي حساب المواطن.