لم تشهد المستشفيات الحكومية أي تأثر في الخدمات الطبية المقدمة للمرضي خلال الإضراب الذي أعلن عنه بعض الأطباء الذين أطلقوا علي أنفسهم "ائتلاف الأطباء" حيث استمر العمل وعلاج المواطنين في جميع الأقسام وخاصة الطوارئ والاستقبال والعيادات الخارجية ووحدات الغسيل الكلوي والعمليات والحالات الحرجة والعناية المركزة. انتظم ما يقرب من 90% من الأطباء داخل التخصصات المختلفة رافضين الإضراب الذين وصفوه بأنه لغة العامية وليس الأطباء لان الطبيب أكبر من ذلك وإذا كانت لديه مطالب فهناك طرق شرعية وقانونية يتم اتخاذها بعيدا عن نظام الاثارة والتعامل بطريقة "لي الذراع". أجمع الأطباء داخل المستشفيات علي ان الاضراب ليس أسلوبهم وان ما حدث من بعض الأطباء لا يمثل رأي الأغلبية وأي مساس بحقوق المريض يعتبر مساسا بأمن الوطن والمواطن فمن الممكن أن يقوم العمال أو الموظفون بالاضراب معبرين عن رأيهم لكن إضراب الأطباء لا يرقي بمهنتهم ورسالتهم السامية فإن إضرابهم يضر بصحة المرضيِ وهذا مرفوض إنسانيا ومهنيا بالاضافة إلي أن أخلاقيات مهنة الطب تمنع أي طبيب من القيام بأي أعمال تؤثر علي صحة المريض وتضر بمصلحة الدولة. تجولت "المساء" في بعض المستشفيات الحكومية لرصد الإضراب علي الطبيعة والتعرف علي مطالب الأطباء ومدي تأثير الإضراب علي المرضي والمستشفيات. في مستشفي الهلال وجدنا الأوضاع تسير في صورتها الطبيعية.. الأطباء متواجدون في العيادات الخارجية والاستقبال والطوارئ والعمليات والأشعة وبنوك الدم ولا يوجد أي عمليات إضراب أو خلافه وقام د. محمود الشناوي مدير المستشفي ود. أحمد محسن نائب المدير بمتابعة سير العمل علي الطبيعة داخل العيادات الخارجية. قال د. محمود الشناوي مدير مستشفي الهلال انه لم يحدث أي عمليات إضراب من الأطباء وهناك انتظام للأطباء في جميع الأقسام لان الأطباء انصاعوا للعقل والحكمة وجعلوا مصلحة المريض فوق كل المصالح الشخصية والعامة ورسالة الطبيب أقوي من أي مطالب. أضاف ان د. أشرف حاتم وزير الصحة يشعر بمدي المجهود الذي يبذله الطبيب في عمله وان ما يحصل عليه الطبيب لا يساوي جزءا من المجهود الذي يقدمه تجاه المرضي وقد وعد الوزير برفع مطالب الأطباء إلي مجلس الوزراء ووزارة المالية للنظر إلي مستقبل الأطباء وتحسين أجورهم ومستوي معيشتهم حتي يستطيع الطبيب أداء عمله علي أكمل وجه. 4 مطالب مشروعة أكد د. نبيل الإمبابي اخصائي جراحة العظام ان هناك 4 مطالب للأطباء وهم تحسين أجورهم بالشكل المناسب وتأمين المستشفيات من أعمال البلطجة وتحسين الخدمة الصحية بعودة نظام قرارات العلاج علي نفقة الدولة وفتحها أمام كل الأمراض دون تحديد مرض بعينه بالاضافة إلي تحسين التعليم الطبي وتخفيض مبالغ تسجيل الماجستير والدكتوراه. أشار إلي أن هذه المطالب تهم جميع الأطباء والتمريض والعلاج الطبيعي وغيرهم من الخدمات المعاونة في المستشفيات ولكن نحققها بالأساليب العلمية والحضارية بعيدا عن أسلوب الهمجية والاثارة لان أي ضرر يلحق بالمريض تكون مسئولية الطبيب أمام الله سبحانه وتعالي.. موضحا ان د. حاتم الجبلي وزير الصحة الأسبق هو الذي خدع الأطباء وملأ الدنيا صياحا بأن الأطباء تم رفع أجورهم وهذا لم يحدث بالمرة فمثلا أنا اخصائي جراحة العظام وكل ما أحصل عليه من مرتب لا يتعدي 421 جنيها بعد زيادة 15% خلال ابريل الماضي رغم انه مضي علي تعييني 10 سنوات. أوضح د. نبيل انه يرفض الإضراب الذي يضر بالمريض والإضراب الذي يعرض مؤسسات الدولة لأي تخريب.. مشيرا إلي أنه ينصح زملاءه الأطباء بالانصياع للعقل وتحقيق المطالب بالصيغة الشرعية والقانونية وان الذي حدث من اضرابات في المستشفيات كان سببه الشائعة التي أطلقها البعض بأن الأطباء والعمال كادر ثالث. رفض الإضراب قال د. عصام عبدالشافي اخصائي جراحة العظام انه يرفض الإضراب ويمارس عمله منذ الصباح وتولت نقابة الأطباء مطالب أبنائها وننتظر ما يسفر عنه اجتماع وزير الصحة مع وفد النقابة لكن علي الأطباء أن يتفهموا الموضوع حيث انه لن تتم تلبية هذه المطالب في يوم وليلة أو يقول كن فيكون فالحكومة الآن في موقف صعب بعد الأحداث والمظاهرات ولابد أن نمنحها فرصة لتحقيق هذه المطالب بشرط أن يتم تحديد برنامج زمني لتحقيق هذه المطالب واتخاذ إجراءات مبدئية. وفي العيادات الخارجية بمستشفي الهلال قمنا برصد سير العمل علي الطبيعة فإذا كان الأطباء ضربوا أروع الأمثال في علاج المصابين في ثورة 25 يناير فكيف بهم يضربون اليوم عن العمل وهل ضميرهم يسمح بذلك. وتقابلنا مع د. محمد فوزي اخصائي جراحة العظام أثناء توقيعه الكشف الطبي علي المواطن إيهاب رمضان الذي يعاني من آلام بأربطة الركبة وأكد المريض انه لم يشاهد أي إضراب للأطباء وانه حضر للكشف بالعيادة الخارجية ووجد انتظاماً في العمل وحسن استقبال من كل العاملين في المستشفي. في مستشفي العباسية من ناحية أخري أكد د. حسن كامل مدير مستشفي حميات العباسية الأطباء انتظموا في العمل واستقبال المرضي منذ الساعات الأولي من الصباح ولا توجد أي شكوي من المرضي بالفعل رصدنا الصورة داخل العيادات الخارجية والاستقبال ووجدنا انتظاما تاما من الأطباء والتمريض في مختلف التخصصات والمرضي تتم معاملتهم علي أحسن وجه وكلنا في خدمتهم والإضراب ليس هو الوسيلة لتحقيق المطالب. قالت المواطنة ز.ن.م انها حضرت لتوقيع الكشف علي طفلتها التي تعاني من ارتفاع في درجة حرارتها ووجدت أفضل معاملة من الأطباء واهتمام وحصلت علي الأدوية بالمجان ولم تشاهد أي تغيير في أسلوب التعامل ولا إضراب من الأطباء. أشارت إلي أن الأطباء هم الأشقاء وهم ملاك الرحمة فكيف بهم يتركون المرضي وهذا لم يحدث ولم نشاهده من قبل والمواطن المصري دائما يظهر معدنه الأصيل في مثل هذه الأزمات وبلدنا تمر حاليا بأزمة لابد أن تقف صفا واحدا للخروج من هذه الأزمة. قال صلاح عدلي إبراهيم حضرت لمستشفي الهلال حتي أحصل علي موعد لاجراء عملية عظام وتقابلت مع دكتور التخدير وكانت معاملة الموظفين والأطباء علي أحسن ما يرام وهذا هو الطبيب المصري الذي تحكمه الإنسانية قبل القانون ولابد أن يعلم الطبيب أن المريض الذي قد يمتنع عن علاجه قد يكون والده أو شقيقه فهل يرضي لهم ذلك وهناك أسلوب علمي وحضاري يتبع في تحقيق المطالب. أكد المواطن مرسي عبدالعزيز ان الطبيب المصري مشهود له في كل دول العالم بالحكمة والإنسانية فكيف يتخلي عن مرضاه فإذا كنا قد شاهدنا بعض الأطباء الأجانب قد تبرعوا للحضور إلي مصر لمشاركة أطبائنا في علاج المصابين في المظاهرات فكيف بالطبيب المصري يتخلي عن شقيقه أو المواطن المصري موضحا ان الأطباء الذين يثيرون الفتنة في المستشفيات ويحرضون غيرهم علي الإضراب لابد من محاكمتهم لان هذا يعتبر خرقاً للقوانين وإثارة الفتنة في المستشفيات. خدمة طيبة علي الجانب الآخر قال د. محمد أيمن رجب مدير الشئون الصحية بالقاهرة ان جميع المرضي الذين يترددون علي المستشفيات حصلوا علي خدمة طبية جيدة ولا توجد أي مشاكل في سير العمل في المستشفيات والأطباء متفهمين الظروف الحالية التي تمر بها البلاد وإذا كانت لهم مطالب فسيتم تحقيقها تدريجيا من خلال القنوات الشرعية والوزارة لا تمانع في المطالبة بتحسين الأجور لكن هذا الموضوع له طرق شرعية يتم من خلالها وتم حصر جميع مطالب الأطباء ورفعها لرئيس مجلس الوزراء وننتظر الاستجابة لهذه المطالب أو تحقيق جزء منها في حدود المتاح حاليا. علي الجانب الآخر أرسلت نقابة الأطباء خطابا إلي وزارة الصحة أكدت فيه انه ليس من حق أطباء بلا حدود الذين يتزعمون الإضراب أن يحيلوا أي طبيب يخالفهم إلي لجنة تأديبية فالنقابة ترفض أي أسلوب خارج عن إطار القانون والشرعية خاصة في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد. قال د. عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة للشئون الفنية والسياسية ان هناك اجتماعا سوف يعقد بين وزيري المالية والصحة خلال الأيام القليلة القادمة لبحث مشاكل الأطباء والوصول إلي حلول جذرية وتنفيذ ما هو متاح لدي الدولة ووضع برنامج زمني محدد للمطالب المشروعة.. مشيرا إلي أن وزارة الصحة ليس ضد أبنائها الأطباء لأنهم هم نسيج الوزارة وأعمدتها لكن الإجراءات التي يتم من خلالها تحقيق المطالب تم اتخاذها ومخاطبة رئيس الوزراء ووزارة المالية بكل ما يطلبه الأطباء وننتظر أن تكون هناك استجابة لان جميع مطالبهم وهي تحسين الأجور وتأمين المستشفيات وتعميم قرارات العلاج علي نفقة الدولة لجميع المواطنين بحيث تشمل جميع الأمراض وتحسين التعليم الطبي وتخفيض رسوم تسجيل الدكتوراه والماجستير وهذه مطالب شرعية ولن يقف أحد ضدها ولابد أن يعرف الطبيب ان رسالته أكبر من هذه المطالب.