إحنا قمنا بالثورة ليه, فين الثورة, إيه اللي كسبناه, إحنا ما بنتحركش ليه, مين السبب, ليه الأمور بقت أسوأ؟.. هذه اسئلتك؟ واسئلتي, واسئلة كل واحد وواحدة في مصر, بعد حوالي8 شهور من ثورة25 يناير. اسئلة عديدة علي كل لسان, للاسف لاتجد لها اجابة علي لسان احد أيا كان موقعه ولايستطيع تفسير تلك الحالة التي نعيشها الآن, فهي حالة من الغيبوبة أو قل حالة من الضبابية, شبورة كثيفة حالة من الحيرة والارتباك, حالة من الفعل واللافعل. شعب قام بثورة, قادها الشباب عبر الفيس بوك, وشاركت فيها كل طبقات واطياف المصريين, لانهم كانوا ينتظرون من يدلهم علي الطريق, ويفتح لهم بوابة الحرية, لم يكونوا يتصورون ان اليوم سيأتي, وينطلق سيل الحرية الجارف, يجري مثل مياه النيل في كل شوارع مصر, يكتسح ويقتلع اشجار الفساد الخاوية, سالت دماء, وتقطعت اشلاء, وغار المخلوع, فر الي شرم الشيخ, واعتقد الناس ان الثورة حققت اهدافها, وراحوا يحلمون بكل شئ كانوا محرومين منه, ومن اجله قامت الثورة, ولكن ماذا حدث؟ الثورة قامت من اجل حرية وعدالة اجتماعية من اجل أمن وأمان, واسرة وبيت, وعمل لكل شاب قادر علي تحمل تبعات ومسئولية العمل والانتاج, وأجر يكفيه ويكفي سد حاجات اسرته, وهي كلها اشياء لم تكن متوفرة للمصريين في عهد حكم اللصوص آل مبارك. فرح الناس عندما خرج عليهم وزير المالية السابق سمير رضوان وبشر برفع الحد الادني للاجور, ومراجعة قرارات بطرس غالي الضريبية, وبني الناس الآمال العريضة علي حكومة شرف, ولكن للاسف تمضي الايام ونحن نتقدم الي الخلف, وكأنك ياأبو زيد ما غزيت, كل اهداف الثورة مجرد كلام, وتصريحات علي ألسنة وزراء لايقدمون ولا يؤخرون, لاعدالة اجتماعية تحققت, ولا حدا أدني للأجور تم إقراره, ولا أمن دولة اختفي, ولا شرطة تغيرت, ولا فكرا إداريا جديدا, كل من يحكمنا حاليا يطبقون نفس أفكار نظام مبارك, بل تزداد الأمور سوءا حتي قانون الطوارئ, الذي كان من أول مطالب الثوار, فعلوه, وراحوا يطبقونه بدعوي القضاء علي البلطجية وإنهاء الفوضي, صنعوها هم أو علي الاقل اغمضوا العين علي صناعتها, ويصرون علي وجودها تشويها للثورة, وتذكيرا وتهليلا بأيام المخلوع, التي كانت كلها أمانا وسلاما. وكما قلت سابقا لايوجد في مصر حاليا مسئول علي اي مستوي من المستويات يتحرك بفعل أو فكر ثوري, وكلهم يمكن ان يصنفوا في إطار الفلول, ولم تتعد الثورة حناجرهم, كل ما يصدر عنهم يؤكد انهم من بقايا نظام مبارك, وينظرون الي الثورة والثوار علي أنها مجرد حركة تغييز, كتلك الحركات التمثيلية الكثيرة التي عهدناها خلال عصر آل مبارك وان كانت أكثر تطورا, وطالت رأس النظام, فانها لم تغير سوي الواجهة, أما باقي النظام فهو مستمر, بعفنه وفساده وديكتاتوريته, وسلطويته, وللأسف يتظاهرون بأنهم حماة الثورة, وهم لم يفعلوا حتي الآن ما يؤكد حرصهم علي الثورة أو أي هدف من اهدافها. نعم تم طلاء واجهة البيت المصري بالوان جديدة, ولكن داخل البيت لاتزال تجري فيه فئران السلطة وسوس النظام تأكل وتنخر في كل غرفه ومحتوياته, وحتي الآن لم يتم علاج أي مشكلة من المشاكل التي قامت من اجلها الثورة, وعندما تمخض جبل حكومة شرف عن مشروع لحد ادني للاجور, جعله700 جنيه وحتي ذلك المبلغ الضئيل لم يتحقق. نعم تحقق إنجاز كبير في عهد حكومة شرف وهو زيادة اعمال البلطجة وانتشار الفوضي المقصودة ورغم التظاهر بتأييد مطالب الثوار كان من أول قوانين حكومة شرف وبموافقة المجلس العسكري قانون حظر الاضرابات والتجمهر, الذي اكد أن مبارك لم يترك السلطة, ولولا الضغط الشعبي ويقظة الثوار من خلال المليونيات المتتابعة ما تمت محاكمة مبارك, التي هي في حد ذاتها محاكمة هزلية. باختصار تم اختطاف الثورة وللاسف اختطفها من كان المفروض ان يحميها ويعمل علي تحقيق اهدافها, ولعل تزايد الاضرابات في الأيام الاخيرة, في كل قطاعات العمل خير دليل علي ان من بيدهم الأمر لم يدركوا أن الثورة قامت من اجل عدالة اجتماعية غائبة, كان لابد ان تكون في أولويات حكومة الثورة, للاسف نحن نسير حاليا في طريق لن يؤدي إلا الي تجدد الاحتجاجات والاضرابات, لاننا نفتقر الي ارادة ثورية حقيقية تحكم تحركات ونهج حكام مصر الحاليين, الذين هم مطالبون بوضع جداول زمنية محددة لتحقيق اهداف الثورة, حتي لايقول لسان حالنا كانت ثورة.. خطفها السلطان وطار واعتقد ان هذا هو السبب الذي ستخرج المظاهرات المعلن عن موعدها غدا. من اجله تطالب باسترداد الثورة من خاطفيها. [email protected]