لم يتنازل «ج» الشهير «بجبروني» ابن إحدى قرى مركز إدفو بأسوان عن المبدأ الذى رفع شعاره منذ بلوغه مرحلة الشباب وأصر على استكمال المشوار الذى لم يختر خطواته طواعية بالاتجار فى السموم البيضاء، حتى استيقظ ذات يوم على كابوس ضبطه متلبسا بحيازة البانجو وهو على أعتاب العقد السابع من عمره. بداية نشأة «ج» كانت فى قرية يواظب معظم أهلها على الصلاة وتطبيق صحيح الدين فى المعاملات بينهم، ولسوء حظه اضطرت الظروف والده للانتقال إلى قرية أخرى تختلف شكلاً وموضوعا عن الأولى، وفى داخل هذه القرية بدأ الشاب المقبل على مرحلة المراهقة يتعرف على أصدقاء جدد كان لهم دور كبير فى انحرافه، خاصة أنه كان غير مواظب على الحضور بمدرسته الصناعية حتى حصل بالكاد على شهادة الدبلوم. وبعد أن تلقى «جبروني» الصدمة الأولى بوفاة والده وسنده فى الحياة، اضطر الشاب الصغير لتحمل المسئولية مبكرا وبات مطالبا بأن يكون بديلا لأبيه الذى رحل عن الحياة تاركا أفواها جائعةً تبحث عن من يطعمها فى ظل حفنة قليلة من الجنيهات هى مستحقات معاش الأب، وما بين فشله فى الالتحاق بعمل يكفيه شر السؤال وما بين أسرة تنتظر عودته كل مساء، لم يجد «جبروني» أمامه سوى أن يغامر ويقبل نصيحة أصدقاء الشر بأن ما يحلم به لن يتحقق إلا من خلال تجارة المخدرات ولو بكميات صغيرة، فرضح لهم وخاض التجربة بالحشيش والأفيون والمارجوانا قبل أن يظهر البانجو على مسرح السموم البيضاء، ومع أول صفقة حققت له ربحا خياليا، رفع جبرونى شعار لا تنازل ولا استسلام عن هذه التجارة حتى أخر العمر، خاصة بعد أن تزوج وأنجب ونجح فى تربية أشقائه بالمال الحرام وشق كل واحد منهم طريقه معتمدا على نفسه. صارت الحياة تخطو ب «جبروني» وهو يعيش فى عالم مغيب لا يدرى بأن هناك عيونا تراقبه، ومن قرية إلى نجع ومن مدينة إلى جبل يعصمه من ملاحقات رجال مباحث مركز إدفو، ظل جبرونى يتنقل من هنا إلى هناك وصبيانه ومعاونيه يحيطون به ويقومون بالواجب تجاه أسرته وزوجته وأولاده، ورغم ذلك لم يكن ذلك مناسبا له على الإطلاق، مما جعله يفكر فى أن يختلس من الوقت ما يسمح له بزيارة أهله وقضاء بضع ساعات معهم، حتى تم رصده من رجال الشرطة السرية الذين أخطروا العميد محمد العنانى مأمور مركز إدفو الذى وبدوره وجه المقدم عمرو إمبابى رئيس المباحث بتكثيف التحريات للقبض على «جبروني». وعقب الحصول على المعلومات المؤكدة التى كشفت عن قيامه بالتحرك فى الساعات الأخيرة من الليل لزيارة عائلته واستغلال هذا التوقيت المتأخر أيضا فى ترويج البانجو، تم وضع التحريات أمام اللواء إبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية الذى قام بإخطار اللواء نائل رشاد مدير أمن أسوان، حيث تم توجيه رجال مباحث المركز بسرعة ضبطه ومثوله أمام جهات التحقيق، وعلى الفور تم عرض التحريات على النيابة العامة لاستصدار إذن الضبط، وفى سرية تامة تحركت مأمورية خاصة وقامت بالقبض عليه متلبسا بحيازة فرد خرطوش عيار 16 ملليمترا لزوم الدفاع عن النفس و2 كيلو بانجو، حيث سقط «جبروني» مصدوما بسقوط شعاره واستسلامه لقوة القانون.