يحب كثير من تجار المخدرات استخدام الألقاب, إذ ترضي هذه الألقاب شيئا في نفوسهم المريضة, فكان شاذلي يتباهي بلقب الإمبراطور الذي أطلقه عليه المدمنون فهو الأشهر الذي يجدون عنده مزاجهم من البانجو كلما تعذر الحصول عليه في مركز إدفو, كما أنه يتباهي أيضا بعدم قدرة رجال المباحث علي اصطياده واصفا نفسه بخفة الحركة كالفراشة فهو كل يوم في قرية, ويلدغ كالثعبان إذا ما توجس من أحد. أحس شاذلي وهو لم يكد يدخل في العقد الثالث من عمره أنه سجل أرقاما قياسية في بيع البانجو وترويجه بعد أن استهدفه رجال المباحث في أكثر من واقعة تمكن من الإفلات منها حتي سقط من أعلي قمة خيلائه متلبسا بحيازة7 كيلو جرامات من البانجو. كان دفتر أوراق إمبراطور البانجو في مشواره مع الحياة حافلا بتفاصيل عن نشأته في إحدي القري وألحقه والده بإحدي المدارس الابتدائية في قرية مجاورة, فكانت الفرصة سانحة أمامه للهروب التي فشلت في تقويمه أكثر من مرة, حتي أصبح طريدا في الشارع ومنبوذا يحمل لقب عاطل بل ومعطل لغيره من الشباب. تحول شاذلي العاطل إلي شاب آخر يغلب علي طباعه العنف والميول الإجرامية, خاصة بعد أن عرف الطريق إلي السموم البيضاء التي بدأت بسيجارة وانتهت بالمخدرات ولكن من أين له هذا وهو الذي لا يعمل ويعتمد علي جلسات المزاج مع أصدقاء السوء الذين ضاقوا به ذرعا وطالبوه بالاعتماد علي نفسه إن أراد مشاركتهم, وهنا جاءت كلمات الأصدقاء كطلقات الرصاص التي اخترقت صدره, فخرج وهو يصر علي أن يجعلهم نادمين علي هذه الكلمات, وكان أول ما فكر فيه هو العمل في بيع البانجو لعله يربح منه ويوفر مزاجه وكيفه, وبالفعل اتفق شاذلي مع واحد من التجار الصغار لكي يقوم بتوزيع البانجو علي المدمنين, ورويدا رويدا زادت أطماعه وبدأ في الاستقلال بتجارته المحرمة التي جعلت من أصدقاء الأمس زبائن دائمين يتحكم فيهم كيفما يشاء, خاصة أن أجهزة الأمن قد ضيقت من خناقها علي أسواق المدمنين وأصبح الصنف شحيحا ونادرا. ورغم الملاحقات الأمنية وتشديد الرقابة علي منافذ الدخول والخروج للمحافظة السمراء, والتوسع في مداهمة الزراعات الجبلية, كان شاذلي واحدا من التجار القلائل المغامرين الذين يتاجرون في البانجو في إدفو, خصوصا بعد أن ارتفع سعره ارتفاعا رهيبا جعله يكتسب لقب الإمبراطور الذي حول مسار حياته ليصبح من كبار التجار الشباب الأثرياء. عقد رجال مباحث مركز إدفو العزم علي تحين الفرصة للقبض عليه لإنقاذ الشباب من جرائمه التي تدمر المجتمع, حيث وردت المعلومات التي تؤكد قيامه بالشروع في الاتفاق علي استلام كمية من البانجو, وعلي الفور تم وضع هذه المعلومات والتحريات أمام العميد أسامة حلمي مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن أسوان الذي وجه علي الفور بضبطه متلبسا بعد خطة خادعة جعلته مطمئنا تمام الاطمئنان, وفي الوقت المحدد وفيما كان الإمبراطور الشاب في طريق عودته إلي وكره, كان رجال المباحث في انتظاره, حيث تم القبض عليه وبحوزته الصفقة وسلاح ناري عبارة عن بندقية خرطوش لزوم الدفاع عن النفس, ليقتاده رجال الأمن إلي ديوان المركز لتحرير المحضر اللازم وعرضه علي النيابة العامة التي أمرت بحبسه علي ذمة التحقيقات.