اختار رمضان طريق الشر رافعا شعار الغاية تبرر الوسيلة, خاصة بعد أن عاش سنوات طويلة وسط ظروف صعبة كانت عائقا أمام طموحاته وآماله التي رسمها في خياله المريض, ولم يرتدع من سقوطه ثلاث مرات متلبسا بتجارة المخدرات حتي وقع أخيرا في قبضة رجال مباحث أسوان ليقضي ما تبقي له من عمره خلف القضبان. في قرية من قري مركز إدفو شمال المحافظة الشهيرة بساحرة الجنوب ومع بداية شهر رمضان المعظم منذ30 عاما تعلقت أنظار( ع) والد رمضان بالسماء وهو يرفع أكف الدعاء بأن يمن الله عليه بالولد الذي انتظره كثيرا ليكون خير معين له ولشقيقاته, فالولد الذكر كما يعتقد أهل القري هو العزوة والسند الذي يحمل اسم أبيه حتي الممات علي عكس البنات, وما إن جاءته البشارة بقدوم الغلام المنتظر بعد صلاة الفجر, حتي أطلق الأب الأعيرة النارية من سلاحه الخاص ابتهاجا بوصول ولي عهده إلي الدنيا, ووسط فرحته الجنونية الشديدة لم يتردد الرجل في اختيار رمضان اسما له تيمنا بالشهر الكريم الذي شهد لحظة ميلاده, وطاف القري المجاورة يدعو الأهل والأحباب لتناول طعام العقيقة في إفطار رمضاني, حيث استمعالجميع للقرآن الكريم وحلقة من الإنشاد الديني قبل أن ينصرفوا وهم يدعون بأن يكون رمضان خير خلف لأبيه. مرت السنون الواحدة تلو الأخري ونال الطفل الوحيد تدليلا غير مسبوق من أبيه وأمه ولم يكن الأب يرفض له طلبا, مما انعكس علي سلوكه الذي بدأ يحمل جينات من الشر في تعامله مع أقرانه; ومع تعدد الشكاوي من أهالي الأطفال والجيران, لجأ الأب إلي المشايخ والصالحين من أهل القري المجاورة لعلهم يفلحون في تقويمه ورده إلي الطريق السليم, وفي كل مرة كان يعود إلي القرية وقلبه لا يطاوعه في تعنيف فلذة كبده الذي ترقب قدومه إلي الدنيا بفارغ الصبر, فاستمرأ رمضان وباتت جذوة الشر في قلبه أكثر اشتعالا حتي خرج تماما من جلباب أبيه ورفع راية العصيان والتمرد ضد التعليم هاربا من أسرته, ليجد نفسه هائما في شوارع القرية التي نبذته وجعلته شخصا مكروها بين أهلها حتي وصل إلي مرحلة إدمان المخدرات. وبعد بلوغه منتصف العقد الثالث من عمره اكتسب رمضان ثقة الأشرار وتمكن من اكتشاف أسرار وخبايا عالمهم, واتفق مع أحد أصدقائه علي ترويج صفقة صغيرة وسريعة من البانجو لحسابه, وما إن انتهي من تصريفها وتوزيعها علي المدمنين حتي أغراه المكسب الذي لم يكن يتوقعه فأعاد التجربة وأطلق علي نفسه لقب أبو صيام الذي اشتهر به وسط تجار الكيف, ومن هنا التقط رجال مباحث مركز إدفو خيط المعلومات حول الوافد الجديد في تجارة البانجو. وتوصلت تحريات الرائد محمد إمبابي رئيس مباحث مركز إدفو إلي معلومات تؤكد عزم رمضان ترويج صفقة جديدة من البانجو, وعلي الفور وضع رئيس المباحث هذه المعلومات أمام العميد محمد العناني مأمور المركز الذي قام بدوره برفعها إلي كل من اللواءين نائل رشاد مساعد وزير الداخلية ومدير أمن أسوان وإبراهيم مبارك مدير المباحث الجنائية, حيث تم التوجيه بسرعة ضبط رمضان متلبسا, وبالفعل وعقب تقنين الإجراءات وتحديد وكر اختباء رمضان داخل مزارع القصب, تم دهم المزارع في سرية تامة, وحتي لا يرصد ناضورجيته تحركات رجال الشرطة ارتدي أفراد قوة المأمورية ملابس مدنية للتمويه, وبينما كان أبو صياميعتزم الخروج ليلا, فوجئ برجال المباحث يحيطونه من كل جانب, ليسقط بين قبضتهم وبحيازته5 كيلو جرامات من البانجو, بالإضافة إلي بندقية خرطوش عيار16 ملليمترا. تم تحرير المحضر اللازم وإحالة المتهم إلي النيابة التي تولت التحقيق.