كنت فين ياوعد يامقدر.. كنت في خزانة بابها مصدر كلمات بدت غير مفهومة نطقت بها زوجة عبد السلام البالغ من العمر(55 عاما) والذي يعمل بائعا لسندويتشات الكبدة من خلال فاترينة خشبية يتجول بها في مناطق قريبة من بعضها البعض في منطقة الإمام الشافعي. جاءت كلمات الزوجة حين وقعت الفاجعة الكبري بسماعها نبأ مقتل زوجها عبد السلام متأثرا بجراحه, بعد تلقيه ضربة علي رأسه بماسورة حديدية من أحد المسجلين خطر الذي أتي إليه طالبا روح ابنه الأصغر كريم, والذي أصيب هو أيضا بجروح خطيرة, وذلك أخذا بالثأر, بعد قتل كريم وأخيه لأحد أقارب ممدوح المسجل خطر. وكانت البداية حينما حاول أحد أقارب الطرف الثاني في المشاجرة وهم: ممدوح والشهير ب ريشة المسجل خطر والهارب من(20 سنة) سجنا في قضايا متنوعة وأخوه من الأم حسن البالغ من العمر(20 عاما), الذي حاول سرقة كريم الابن الأصغر لعبد السلام ولكن ولأن كريم كان يحمل سلاحا فقد أشارت أصابع الاتهام له مباشرة. وقبل مرور أيام من حادثة مقتل أحد أقاربهما, فكر الشقيقان ريشة وحسن في كيفية الانتقام والثأر لقريبهما, من خلال افتعال مشاجرة جديدة بين عبد السلام وابنيه كريم ومحمود, خاصة وأن روح الانتقام تملكت منهما بعد معايرة الأعداء من الجيران والمعارف وحتي الأصدقاء المنقلبين عليهما وأصبحت عبارة روح خد بتارك من أشد العبارات قسوة علي سمع ريشة وأخيه, حيث شعر كل منهما بأنه عصفور علي مقلاة, ولن يستريح من عذابه إلا بعد الأخذ بالثأر. وشرع الاثنان في الأخذ بالثأر, وجهزا معا أدوات الانتقام من أسلحة نارية وبيضاء, وتوجها عقب تجهيزها مباشرة إلي منزل عبد السلام وأخذ الثلاثة في التراشق بالألفاظ في بداية الأمر, وسرعان ماتحولت إلي مشاجرة تبادلوا فيها إطلاق الرصاص, وسرعان ما اشتبكوا بالأسلحة البيضاء وحاول عبد السلام السيطرة علي الأمور وإزاحة ريشة وأخيه من طريق ابنيه بأن تصدي هو لهما وبينما تشتد المعركة حامية الوطيس, فإذا بضربة قاتلة يسددها ريشة للأب يسقط بعدها أرضا غارقا في دمائه بجوار أحد أبنائه الذي تلقي هو الآخر ضربة قاتلة. وصلت أخيرا سيارة الإسعاف بمنطقة مقابر الإمام الشافعي بعد اتصالات متعددة من جيران عبد السلام وعلي الفور أفسح الجمع الذي كان يقف للمشاهدة فقط والاستمتاع دون التدخل في المشاجرة الطريق لسيارة الإسعاف التي حملت الضحايا وانطلقت مسرعة في طريقها إلي المستشفي في محاولة لانقاذ أرواح المصابين. وكان من الطبيعي أن يفر المتهمان ريشة وأخوه هربا خوفا من بطش الأهالي الذين سرت في أجسادهم الحمية وحاولوا الفتك بهما, حيث تخلصا من أدوات الجريمة وبدلا ملابسهما الغارقة في الدماء بأخري نظيفة, وشرعا في رسم خطة للهرب خارج حدود القاهرة الكبري إلي إحدي محافظات الصعيد للاختباء عند أحد أقاربهما حيث موطنهما الأصلي. وصلت سيارة الإسعاف بعد نصف ساعة إلي مستشفي قصر العيني مرت كأنها دهر علي زوجة عبدالسلام وبجواره تضرب كفا بكف, علي ماوصلت إليه أحوالها وبعد توقيع الكشف الطبي علي زوجها جاءها الممرض وأخبرها بأن زوجها قد فارق الحياة. أطلقت الزوجة صرخات مكتومة ولولا تواجد بعض جاراتها بجوارها بعد أن لحقن بها لكانت فعلت مالا يحمد عقباه في المستشفي الذي يرقد ايضا به ولداها في حالة خطرة, بعد أن تلقي الأول ضربة في رأسه بسنجة, والآخر طعنة نافذة بالصدر, بعد أن سدد له ريشة طعنة بمطواة كانت بحوزته. حاول ريشة وأخوه الهرب خارج القاهرة بعد إعداد العدة لذلك, ولكن كانت أيدي رجال مباحث الخليفة الأسرع في القبض عليهما, حيث تم ضبطهما في أحد الأكمنة واعترفا بارتكاب الواقعة وأرشدا عن السلاح المستخدم وأكدا أنهما كان لابد لهما من الأخذ بالثأر بعد معايرة أهالي المنطقة لهما وبعرضهما علي النيابة قررت حبسهما علي ذمة التحقيق. مات العجوز ويرقد ابناه بين الحياة والموت في مستشفيي قصر العيني والدمرداش, بينما مازالت الزوجة تردد عديدها والذي ورثته عن أمها التي رضعته من أمها التي نشأت وتربت في قلب الصعيد وأتت إلي القاهرة محملة بهذه العادة السيئة التي تحرض علي طلب المزيد والمزيد من الأرواح وإراقة الكثير والكثير من الدماء بحجة محو العار الذي لحق بالعائلة التي قتل منها شخص لأي سبب حتي لو كان المرحوم غلطان فلابد من الأخذ بثأره.