أكد علماء الدين أن الخطاب الديني الذي يرتبط بمتغيرات ومستجدات العصر أصبح ضرورة حتمية لخلق نوع من التماسك والتكاتف بين أبناء الوطن عن طريق تصحيح المفاهيم وإزالة الشبهات المغلوطة التي أدت لانحراف بعض الشباب وسقطوا في براثن الإرهاب والتطرف المذموم الذي يأكل الأخضر واليابس ويزعزع استقرار الأوطان. وقال الدكتور أحمد عجيبة رئيس المجلس الأعلي للشئون الإسلامية لالأهرام المسائي إن تجديد آليات الخطاب الديني بما يتناسب والمستجدات المعيشية بما لا يتعارض مع الثوابت أصبح ضرورة عصرية لقطع الطريق علي الجماعات المتطرفة التي تلوي أعناق النصوص وفهمها فهما غير صحيح لتوظيف الدين لتحقيق مصالح خاصة. وأضاف أن الأوقاف تقوم حاليا في إطار خطتها الكبري لتجديد الخطاب الديني بدور مهم لتصحيح المفاهيم والأفكار المغلوطة لتحصين الشباب ضدها عن طريق الندوات والأمسيات الدينية والدروس والخطب التي تتناول قضايا ومشكلات واقعية وموضوعات تصب في خدمة تجديد الخطاب الديني وبناء شخصية المواطن. وأشار الدكتور أبو بكر جاد الرب عميد كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إلي أن الخطاب الديني المعتدل المرتبط بالواقع المعاش ومستجداته لاشك أن له تأثيرا كبيرا علي الاستقرار وخلق شخصية سوية لها تأثير إيجابي في حب الوطن والمحافظة علي مكتسباته كما أن هذه الشخصية تكون مصدر عطاء ودفع لمنظومة الأخلاق والعمل الجاد لرفعة شان الوطن والأخلاق التي تكاد تكون مفقودة بين بعض الشباب وهذه القواعد هي التي تربي الضمير الحي وتغرس الثقة في الذات وتجعل الإنسان له مبادئ أخلاقية يحتفظ بها ويدافع عنها بل وينشرها بين الناس وإذا انتشرت هذه الأخلاق الكريمة بين أفراد المجتمع لاشك أنها تنشئ تماسكا ولحمة وقوة اجتماعية مبنية علي الوئام والمحبة والارتباط والتكامل بين أفراد المجتمع الواحد. وأضاف: كما أن الأفكار والأقوال التي تصدر من الإنسان هي نتاج فكر استقر في وجدانه وعقله وهذا الفكر إن كان قويما مستنيرا مستمدا من وسطية الدين الحنيف ينتج أقوالا وأفعالا طيبة كريمة كلها تدعو إلي الأمن والأمان والمحبة والوفاء والمحافظة علي الأوطان وإذا كانت الأفكار هدامة مبنية علي الشطط والتشدد والغلو كان ثمرتها أقوال وأفعال تتسم بالعدوانية والإرهاب والبغض للمجتمع يصل بالبعض لتكفير أفراد المجتمع وهو ما يؤثر سلبا علي تماسك المجتمع في الوطن الواحد حيث يؤدي الفكر السقيم إلي رفض الآخر من أي دين مخالف واعتباره عدوا لدودا وإن كان من أفراد وطنه, مؤكدا أن قيام المؤسسات المعنية بواجبها خاصة التي تعتبر قوي ناعمة ينتج عنها أمن وأمان واستقرار وصورة اجتماعية مثالية مبنية علي كريم الأخلاق وجميل الصفات وتكاتف وتلاحم بين أفراد المجتمع مهما اختلفت توجهاتهم وتنوعت ثقافاتهم. وأوضح الشيخ عبد العزيز النجار رئيس المنطقة الأزهرية بالمنوفية أنه من الصعب علي أي دولة في العالم حسم المواجهة الأمنية فقط مع الجماعات المتطرفة حيث لا بد أن تكون المواجهة الفكرية بجانب المواجهة العسكرية حتي يمكن تفكيك البنية التحتية للتنظيمات الإرهابية التكفيرية مثل داعش وأخواتها. وطالب النجار الجهات المعنية بتجديد الخطاب الديني بتكثيف جهودها من أجل المواجهة الشرسة لتلك الأفكار التي تدعمها دول كبري لها أجندات خاصة ومصالح في منطقتنا العربية وأن تكون المواجهات فعلية وعلي أرض الواقع حتي يمكن اقتلاع الفكر من عقول الشباب بالإضافة للتركيز علي القضايا الفكرية التي تأسست للتنظيمات الإرهابية مثل الحاكمية والتكفير والفرقة الناجية والجاهلية والولاء والبراء كل هذه الموضوعات وغيرها تجعل الصدام واجبا دينيا ووطنيا وخاصة الفكر التكفيري الذي أسس له السيد قطب في كتاب ظلال القرآن والذي كفر فيه المجتمع وجعل هذه الأفكار الفاسدة تنتشر وكأنها الدين الحقيقي الذي لا يقبل التفكير أو النقاش.