ثروت الزيني: نصيب الفرد من البروتين 100 بيضة و 12 كيلو دواجن و 17 كيلو سمك سنوياً    ماذا سيحدث إذا لاحقت الجنائية الدولية نتنياهو؟    بعد فالنسيا.. موعد مباراة برشلونة المقبلة في الدوري الإسباني    بعد إثارتهما الجدل.. الشيخ محمد أبو بكر: مستعد للإعتذار إلى ميار الببلاوي    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    الآن - "نيسان صني 2024" تكنولوجيا القيادة اليابانية على أرض مصرية    القنوات الناقلة لمباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك والمعلقين    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    طيران الاحتلال يجدد غاراته على شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    مؤسس صفحة «أطفال مفقودة» يكشف تفاصيل العثور على توأم كفر الزيات بعد 32 عامًا (فيديو)    وجد جثمانها في مقلب قمامة.. قصة طفلة سودانية شغلت الرأى العام    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    أشرف زكى: "هناك نهضة فنية فى معظم الدول العربية لكن لا يزال الفن المصرى راسخًا فى وجدان الأجيال"    رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يشهد الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند.. عائلات الأسرى لنتنياهو: لقد سئمنا.. شهداء وجرحى فى غارات إسرائيلية على غزة والنصيرات بقطاع غزة    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور محيى الدين عفيفى أمين عام مجمع البحوث الإسلامية فى حوار ل «الوفد»:
حان وقت محاصرة رياح التشدد وإبراز قيم الإسلام المضيئة
نشر في الوفد يوم 02 - 05 - 2015

أسند الرئيس عبدالفتاح السيسي مهمة تجديد الخطاب الديني إلى علماء الدين الإسلامي في المؤسسات الرسمية للدولة، الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية.. للعمل على تصحيح صورة الإسلام من خلال التصدي للمفاهيم الخاطئة، والأفكار الضالة وفوضى الفتاوى المتشددة التي تحض على الكراهية وتلوي عنق النصوص القرآنية والأحاديث النبوية لخدمة أهدافها.
في حين أكد الدكتور محيي الدين عفيفي، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن الجماعات التكفيرية شوهت معالم الدين الإسلامي بخطابها التكفيري وحضها على الكراهية لأن التكفير حق شرعي لا يملكه أي إنسان أو مؤسسة أو جماعة أو فصيل، واصفاً أعضاء هذه الجماعات ب «الإمعات» الذين حذر الرسول صلى الله عليه وسلم منهم لأنهم يتركون غيرهم يفكر لهم ويأتمرون بأمره دون تفكير، ما ساعد على نشر المفاهيم المغلوطة عبر حملات التضليل الفكري التي تجد طريقها عبر العقول الخاوية مما كانت سبباً في تراجع الأمة في فكرها وعطائها وتقدمها.
كيف تعامل مجمع البحوث الإسلامية مع دعوة الرئيس بتجديد الخطاب الديني؟
- نحن نتعامل مع دعوى الرئيس «السيسي» بتجديد الخطاب الديني من خلال معرفة وإدراك التحديات التي تمر بها مصر في هذه المرحلة، حيث تلعب الجماعات التكفيرية والمتشددة والإرهابية دوراً خطيراً في تشويه معالم الدين، مما يستوجب أهمية تصحيح المفاهيم الخاطئة، وفهم الدين الصحيح وإبراز المعاني الحقيقية للدين.
وما المقصود بتجديد الخطاب الديني وآلياته؟
- المقصود ليس تجديد النصوص القرآنية أو السنة النبوية، ولكن تجديد طرق الفهم، وطرق التعاطي والتناول، والتحليل للنص القرآني، والنص الذي ورد في السنة النبوية، ولا يمكن أن بأي حال من الأحوال أن نلغي القرارات السابقة للعلماء السابقين، خاصة فيما يتعلق بالمسائل الاجتهادية، وأيضاً لا يمكن أن نقف عند هذه الآراء لأن هناك «فقه النوازل» والمستجدات العصرية التي يجب أن ينظر إليها المتخصصون في النصوص الشرعية، وتكييف القضايا في ضوء النصوص.
إذن.. لا يتعلق الخطاب الديني بأمور العبادات فقط؟
- بالطبع.. لا يمكن أن يقتصر الخطاب الديني على موضوعات متعلقة بالعبادات فقط، أو أن يقتصر على موضوعات تتعلق بالجلباب واللحية والهيئة، أو بتكفير الناس وانكار حق الاختلاف لأن هذه ما أحدث مشكلات كبيرة حتى مع الجماعات التكفيرية التي قامت بتكفير المجتمع، لدرجة أنهم قالوا: «من لم يكفر الكافر فهو كافر»، وهذا دليل على عدم الفهم والاستيعاب، وعدم الإيمان وإدراك روح هذا الدين التي تقوم على التعددية الدينية والمذهبية والتعددية الفكرية، وليس من حق أحد أن يحكم عليه بالكفر لأن الكفر حق شرعي لا يملكه إنسان ولا مؤسسة ولا جماعة أو فصيل.. وإنما له شروط وله موانع.

خطاب متشنج
كيف تصف خطاب هذه الجماعات؟.. وما آلياته؟
- هو خطاب متشنج يركز على عالم الغيب ونحن لا نقلل من أهمية الاستعداد للآخرة، لكن كيف يكون الاستعداد للآخرة وهم ضيعوا الدنيا التي هى القنطرة التي يعبر عليها الإنسان إلى الآخرة.
إذن.. هو خطاب ينعزل عن قضايا الأمة؟
- نعم.. ونحن بحاجة إلى موضوعات جديدة تتعلق، بالقضايا العصرية، وهذا لا يعني أن تأتي بأمور ما أنزل الله بها من سلطان.. ولكن لو نظرنا إلى القرآن نجد به حوالي 500 آية جاءت في الأحكام، وباقي آيات القرآن تتحدث عن التعاملات، وعن التأمل والتدبر في آيات الله والكون والتعامل مع الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم أكد ذلك من خلال مسئولية الإنسان عن كل سلوكياته في هذه الحياة، ومن هنا كان من الأهمية أن يتناول الخطاب الديني القضايا التي تؤرق الناس، خاصة القضايا الدينية التي أورثت الحيرة وأوجدت حالة من الالتباس في آذان الناس، ولهذا أي خطاب ديني يكون بمعزل عن قضايا الناس لا قيمة له.
ومن هنا تأتي أهمية الخطاب الديني الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة؟
- نعم.. ولكن أؤكد عندما نقول التجديد أو الثورة في الخطاب الديني لا يعني القطيعة مع الماضي «التراث» لأن كل الأمم لها اتصال بين حاضرها وماضيها، ولا يعني هذا أن تقتصر الحياة في الأمور التي عولجت في الماضي، ولكن ينبغي أن نستأنس ونستفيد من آراء العلماء في تناولهم لبعض القضايا التي سبقت ونستأنس بها في واقعنا المعاصر، دون الانعزال وراء أسوار الماضي، ولابد من وجود آليات للنظر والتصدي بالبحث الشرعي للمشكلات التي نعيشها الآن.

الأصالة والمعاصرة
لكن البعض يستدعي فتاوي الماضي ليحكم بها الحاضر؟
- هناك عدد من الفتاوى التي قيلت في عصور ماضية كانت تناسب الناس في تلك الفترة التي قيلت فيها، وبالتالي الجمع بين الأصالة والمعاصرة في الخطاب الديني، يعني عدم القطيعة بالماضي، ولكن الاستئناس بالماضي، والأهم أن نركز على القضايا المعاصرة التي ظهرت في هذا الزمان، وعلى الملابسات الجديدة وما يحتاجه الزمان والمكان من خلال فتاوى معاصرة تلبي هذه الاحتياجات.
إلى من سيوجه الخطاب الديني؟
- نحن نستهدف جميع أفراد المجتمع، وإن جاز لنا أن نصنف أو نقسم المجتمع هناك مجتمع المثقفين ومجتمع المهنيين ولهذا توجد فوارق في المعرفة.. ولكن نهتم على وجه خاص بشريحة الشباب لأن هؤلاء الشباب هم مستقبل الأمة والوطن، ولابد من إعدادهم إعداداً جيداً من خلال فهمهم لصحيح الدين، خاصة أن الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية تركز على استهداف الشباب وتعمل على استقطابهم واختراق عقولهم بتزييف المفاهيم الدينية لديهم.
وكيف يتم استقطاب الشباب؟
- بتزييف المفاهيم ودغدغة مشاعره كما يحدث في تنظيم «داعش» الإرهابي وعمله المستمر من خلال الموقع الإلكتروني، والفتاوى واستخدام الآيات في غير موضعها، وأيضاً بتوفير الدعم المادي للشباب الذين يتم استقطابهم، بل لم يتوقف الأمر عند حدود الدنيا بل هم يعدونهم بالفردوس وبالحور العين تحديداً.. إذن هم يستخدمون خطاباً مركزاً من خلال مخاطبة غرائز الشباب باستحداث سوق جديد للرقيق الأبيض.
هل من وسيلة تضمن تأثير الخطاب الديني الرسمي في الشباب حتي لا يقعوا فريسة للتنظيمات الإرهابية؟
- الدعاة عند تعاملهم مع الشباب لابد أن يأخذوا في الاعتبار أن الأجيال الجديدة لديها آليات معينة في التفكير، وتستخدم لغة سهلة معاصرة ولديهم وسائل يتم التواصل معهم من خلالها، فلم يعد منبر المسجد هو الوسيلة الوحيدة لمخاطبة الناس، ولم يعد يملك قوة التأثير، فهناك الفضاء الإلكتروني الذي ينبغي أن يركز فيه بمسألة الخطاب الديني، وأيضاً يجب اللجوء للتركيز في الخطاب الموجه للشباب، لأنه يمل من الاستماع إلى الخطاب الذي يعتمد على الناحية الانشائية الطويلة، ولهذا لابد من اعتماد خطاب عصري لأننا نعيش عصر المعلومات والمعلومة لم تصبح حصرية وعلى من يتوجهون بالخطاب الديني للشباب أن يعلموا ذلك، حتى يستطيع الخطاب الديني الرسمي أن يقف أمام خطاب التطرف والكراهية الدينية.

احترافية ومهنية
ولهذا الخطاب الديني الرسمي يواجه تحديات؟
- في الحقيقة خطاب تلك الجماعات التكفيرية يفرض نوعاً من التحديات على المؤسسات الرسمية للدولة، ولابد أن نكون موضوعيين وواضحين في هذه المسألة لأن هناك مساحات كبيرة بين التقنيات وبين الإمكانيات المتاحة للجماعات التكفيرية التي تحاول السيطرة على عقول الشباب، وما بين المؤسسات الدينية الرسمية أولاً من ناحية الكوادر الموجودة هم تخدمهم أجهزة عالمية، والمسألة ليست في هؤلاء الذين يظهرون على شاشات الفضائيات ويمسكون في أيديهم بالاسلحة، ولكن هناك جيوشاً من الخبراء والمتخصصين في كل التخصصات على سبيل المثال الفيديوهات التي يتم إخراجها وتبث عبر القنوات، فتنم عن احترافية ومهنية عالية، بالإضافة إلى الأموال التي تضخ بشكل كبير، هناك دعم مادي ولوجيستي وتخطيطي، وهذا يفرض تحدياً كبيراً على المؤسسات الدينية الرسمية ويؤكد أهمية الدخول في هذا الفضاء الكوني من خلال التدريب والتأهيل، ونحن في حاجة إلى دعاة مدربين بدرجة عالية، لأن الخطاب التقليدي أصبح لا يلبي حجم الاحتياجات المطلوبة، والحرب الآن ليست على مستوى الأفراد لكنها من خلال الفضاء الكوني العالمي.
هل هناك سيناريو لتصحيح المفاهيم والنصوص الخاطئة التي رسخت وتجذرت في عقول الكثيرين؟
- أولاً، لابد أن نؤمن أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر.. وإذا كان هناك نوع من المفاهيم الخاطئة أو محاولات من أجل لي عنق النص ليخدم تلك الأجندات التكفيرية والإرهابية، فهذا من صميم التخصص للأزهر الشريف الذي يعمل على تصحيح تلك المصطلحات وتفكيكها والرد على الشبهات بالأسلوب والمنهج العقلي والحسي، ثم بعد ذلك التأكيد على أهمية القراءة والمعرفة لأن هذه الحملة من التضليل الفكري للشباب لم تجد طريقها إلا عبر العقول الخاوية، لأن هذه الجماعات لا تركز إلا على الإنسان الذي يعيش مرحلة فراغ فكري، أو فراغ معنوي، وبالتالي من السهولة أن يتم إحلال هذه المفاهيم الشاذة في حالات الفراغ المتواجدة في عقول الشباب.

مفاهيم خاطئة
وما آليات التصحيح؟
- الأزهر يعمل علي تصحيح تلك المفاهيم سواء من خلال مطبوعات مجمع البحوث الإسلامية التي تتناول المصطلحات والمفاهيم التي ثار الجدل حولها، وأيضاً عن طريق المعالجات الإلكترونية بتوجيه رسائل عبر الموقع الإلكتروني للشباب، وأيضاً بتوفير المادة العلمية للوعاظ الذين يعملون في سلك الدعوة من خلال الأزهر الشريف، وتكوين مادة علمية بها مساحة تعطي للواعظ القدرة والأهلية للرد علي تلك المفاهيم الخاطئة، لأننا إن كنا لا نستطيع التأثير في أعضاء الجماعات التكفيرية والإرهابية، وعلي الأقل نحاول أن نحمي الشباب من الأفكار المغلوطة.
ما خطورة خلط الموروث الاجتماعي للبيئة الإسلامية علي التطور المجتمعي؟
- هذه الخطورة تتعلق بقضية التجديد والوسائل والأساليب التي تعالج هذا الأمر، بالإضافة إلي أهمية علم الاجتماع الذي ينبغي أن يقسم لعلم اجتماع الدعوة، وعلم اجتماع الفقه، وكما يقال إن الفقه ابن بيئته، والفتوي تتغير بتغير الزمان والمكان ومن الطبيعي أن ينظر إلي هذه المسألة بوضوح، والإمام الشافعي كان له فقه في العراق، وكان له فقه في مصر، والفقه يتغير باحتياجات الناس، لأن الشريعة بنيت علي مصالح الناس وبالتالي لا يمكن أن تؤخذ أمور بكاملها ثم تتم عملية تطبيقها في بيئات لا تناسبها.
لماذا تختلف الفتوي باختلاف البيئات ولا تختلف باختلاف الأفراد؟
- لا.. بل الرسول صلي الله عليه وسلم كان يأتيه الساءل يسأل عن أمر فيجيبه، ثم يأتيه آخر يسأله نفس السؤال فيجيبه بإجابة أخري، وليس معني هذا أن الرسول كان يغير من كلامه أبداً، ولكنه كان يراعي طبيعة وسيكولوجية السائل التي تحتاج إلي إجابة معينة، ولهذا ينبغي أن تراعي هذه الأبعاد عند النظر إلي كثير من الأمور، ولكن للأسف الشديد يحاول البعض أن يسجنوا المجتمع داخل فترة تاريخية معينة، ويحاول البعض أن يقف بهذا الدين عند مرحلة تاريخية معينة، مع أن طبيعة هذا الدين ترفض هذا الفهم رفضاً كلياً لأن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان.

تراجع كبير
وما خطورة ذلك الفهم؟
- ولو صدق ذلك الفهم لتأكدت تلك الشبهات التي تقول بتاريخية النص القرآني، وأن القرآن جاء لعلاج فترة تاريخية معينة، ولهذا لابد أن نخرج خارج جدران هذا التقليد الذي أورث الأمة تراجعاً كبيراً في فكرها وعطائها وتقدمها.
وهذا يختلف اختلافاً كلياً عما يحدث من فتاوي في الفضائيات عبر التليفون؟
- نعم.. وهذه المسألة هي في إدراك السائل فقد يأتي سؤال من أوروبا عبر التليفون، وبالتالي لا يمكن أن يجيب عن فتوي السائل في أوروبا يمثل فتوي السائل في مصر، لأن فتوي الأقليات المسلمة تختلف عن فقه الأغلبية المسلمة، ولأن أولويات الشريعة مبنية علي التيسير علي الناس ورفع الحرج عنهم، لكن هذا يؤكد أهمية ضبط الفتوي وأهمية معرفة شروط المفتي، وأنه ليس كل إنسان مؤهلاً لأن يتبوأ مكان الفتوي، وإلا لما كنا وصلنا إلي ما وصلنا إليه إلا بسبب فوضي الفتاوي.
معني هذا أن الفضائيات كانت سبباً فيما وصلنا إليه الآن؟
- الفضائيات كثرت لدرجة أنها أفسدت وجدان الناس وللأسف الشديد أغلقت العقول أمام التفكير وأصبح الإنسان مجرد دمية ينفذ ما يقال له بل أصبح يتعصب للأشخاص أكثر من تعصبه للدين بعد أن صوروا له أن فهمهم للدين هو الدين ذاته، وأنه حين يعترض أحدهم علي فهم هؤلاء للدين فكأنما يرد نصاً في القرآن، ويسلبون حق الإنسان في أن يسأل أو أن يتوقف في الفهم لعدم قناعته ولا ينكر عليه أحد ذلك ولا يتهمه أحد بالكفر أو الزندقة، أو أنه من أهل النار.
إذن هؤلاء ينصبون أنفسهم رجال دين؟
- للأسف الشديد هذا ما يحدث مع أن النبي صلي الله عليه وسلم لم يعط هذا الحق، والقرآن قال: «فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر».. فمن الذي يعطي له هذا الحق؟.. ومن الذي يتأله علي الله بذلك.
وهل هناك في الشريعة ما يعرف برجل الدين؟
- لا يوجد في الإسلام رجال دين، ولا صكوك غفران، حتي الإنسان ذاته وعلي المستوي الشخصي لا يدري كيف ستكون خاتمته.. فكيف يتأله علي الله وينصب من نفسه حكماً علي الناس.. ففاقد الشيء لا يعطيه، ولكن هناك متلازمة هم يمنعون الناس من التفكير لأجل تضخيم الذوات، ويصبح الإنسان هو البداية وهو النهاية، وهو المحرك الأساسي لكل شيء، وهو الذي يقول وهو الذي ينبغي أن يتبع، وهو الذي يحكم ويصنف الناس كل ذلك حتي يضمن لنفسه هالة من القداسة وبالتالي يتم سلب عقول الناس وانتزاع حق التفكير تماماً.
وما نتيجة هذه السيطرة علي أتباع هذه الجماعات؟
- هذه السيطرة سبب كم المصائب التي نجمت عن الجماعات التكفيرية والمنخرطين الذين لا عقول لهم كما يفتقرون لملكة التفكير، ويصدق عليهم تحذير الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قال: «لا يكون أحدكم إمعة».. وهذا يعني هذه الفئات، وغيرها ممن يتبعون غيرهم، ومع أن الإسلام يجيز النيابة في أمور كثيرة إلا أنه لم يسمح لهذا في العقل، أي لا يمكن للإنسان أن ينيب غيره في التفكير، إذن العقل هو مناط التكليف، حتي القرآن لا قيمة له بدون عقل، ولا قيمة للشرع بدون عقل، إذن يوجد تكامل بين المنظومة أي الشرع لا يستغني عن العقل، والعقل لا يستغني عن الشرع، لأن الشرع هو الذي يحدد له الأطر، وبالتالي لا يمكن للإنسان الاستغناء عن عقله ويكون تابعاً لغيره في جماعة ما، وبالتالي هذا كان هو السر في أن أول آية نزلت من القرآن كانت «اقرأ».

الانتماء للوطن
ولماذا تؤكد هذه الجماعات أن الولاء للدين يتعارض مع الوطنية؟
- الوطنية لا تتعارض مع الانتماء للدين كما تدعي هذه الجماعات، والنبي صلي الله عليه وسلم، حينما أخرج من مكة نظر إليها وقال: «والله إنك أحب البلاد إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت»، فالانتماء للوطن والولاء للدين هذان مساران متوازيان لا يتقاطعان، ولولا وجود الأوطان والاستقرار ما كان عُبد الله في الأرض، فكيف للإنسان الخائف أن يعبد الله، فالأمان في الأوطان وحبها والدفاع عنها هو أساس قاعدة عبادة الله.
وما العوامل التي ساعدت علي ضعف المؤسسات الرسمية؟
- لابد أن نكون واضحين ونعترف بأن هذه الجماعات حظيت بنوع من الدعم في السنوات السابقة من خلال قنوات فضائية كانت تروج لفكر هذه الجماعات علي مدار 10 سنوات، و15 سنة، ولا شك أنها أنجزت قاعدة جماهيرية كبيرة وشكلت وجدان الكثيرين من البسطاء وروجت لموروثات ثقافية متشددة ومتشنجة، وبالطبع هذا كان علي حساب المؤسسات الرسمية والأزهر الشريف لأنه لم يكن يحظي بهذا الزخم الإعلامي، ولا ذلك الدعم المادي الذي كانت تحظي به هذه الجماعات.
وما نتيجة هذا؟
- النتيجة أننا صحونا علي الحقيقة المرة وهي استفحال وتفشي هذا الفكر المتشدد الذي أنتج ورسخ وأسس لفكر الجماعات التكفيرية، فكانت المواجهة شديدة والتحديات كبيرة في ظل هذا الزخم الإعلامي والمادي، ومن ثم فإن المسئولية كبيرة جداً، وفي حاجة إلي الدعم المادي والعلمي والمعنوي وتكاتف كل مؤسسات الدولة لأن الأزهر لن يستطيع التصدي لهذه الأزمة بمفرده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.