الأساطير عالم مليء بالقصص والحكايات القادرة علي تفجير قدرة الانسان علي الخيال, وأعظم الأعمال التي تركت اثرها في نفوس الأجيال علي مر العقود هي الأعمال المعتمدة بشكل اساسي علي الأساطير القديمة الراسخة في الذاكرة الجمعية للشعوب.. بحيرة البجع واحدة من هذه القصص التي ترجع بعض المصادر أصولها إلي حكاية شعبية إلمانية قديمة, أعاد كتابتها خوان كارل أوجست ماسوس تحت عنوان الوشاح المسروق. تشير مصادر اخري إلي أنها من تراث الحكايات الشعبية الروسية, وأنها مقتبسة بالتحديد عن قصة بعنوان البطة البيضاء التي تحمل بعض التشابهات مع قصة البالية الشهير الذي كتب قصته ف. بيجيتشيف وف. جيلتزر, وكتب موسيقاه الروسي بيتر ايليتش تشايكوفسكي في عام1876, ويعاد تقديمه في جميع انحاء العالم برؤي مختلفة منذ هذا التاريخ وحتي الآن. عالم السحر والأساطير كان العامل الرئيسي المميز لأعمال تشايكوفسكي الموسيقية, فأهم أعماله التي تحولت لأشهر الباليهات الكلاسيكية تعتمد في الاساس علي الحكايات والاساطير التي سمحت لتشايكوفسكي بتقديم توليفة موسيقية تميز أعماله التي يظهر فيها ولعه بالموسيقي الكلاسيكية والرومانتيكية الأوروبية وقدرته علي المزج بين تراث الموسيقي الروسية وتأثيرات الموسيقي الأوروبية, مثل بحيرة البجع والجمال النائم وكسارة البندق وتعد الأعمال الثلاثة جزء اساسي من البرنامج السنوي لكل فرق البالية والمسارح الكبري في جميع انحاء العالم. وأغرت بحيرة البجع الكثير من المبدعين علي مدار سنوات طويلة لتقديم تأويلات مختلفة للقصة الأصلية ولهذا البالية بالتحديد, خاصة وأنه كان يمثل نقطة تحول في تاريخ كتابة موسيقي البالية لأنه ربط بين الموسيقي بالدراما, وتعددت الرؤي الدرامية بل وتعددت النهايات التي قدمتها المسارح المختلفة لهذا العرض ويعدها البعض نهاية حزينة ومحبطة ينتصر فيها السحر والشر علي البراءة والحب. تروي بحيرة البجع قصة الأمير سيجفريد والأميرة البجعة أوديت, ففي عيد ميلاد الأمير21 يمرح مع اصدقائه ويرقص ويحتسي الخمر وترفض الملكة الأم الحياة التي يعيشها وتخبره أن عليه أن يختار احدي الأميرات في حفل عيد ميلاده ويتزوج منها حتي يغير من نمط حياته, ويغضب الأمير بينما يحاول بينيو صديقه التخفيف عنه بارساله للصيد بالقرب من البحيرة وهناك يلتقي بالأميرة البجعة التي يراها تتحول أمامه من بجعة إلي فتاة جميلة وتطلعه علي سرها وقصتها مع الساحر الشرير الذي القي عليها لعنها تحولها لبجعة في النهار وتعود لهيئتها البشرية في الليل فقط, ولا يحطم هذه اللعنة إلا حبا صادقا. يتدخل الساحر في هذا اللقاء قبل اعلان الأمير عن وقوعه في حب أوديت, ويسعي لخداع الأمير ويذهب إلي حفل عيد ميلاده مصطحبا ابنته أوديليا بعد أن سحرها لتصبح شبيهة أوديت وبالفعل يقع الأمير في الخدعة, ويوشك علي إعلان حبه لأوديليا ولكن في هذه اللحظة يظهر خيال أوديت في الخلفية.. هنا ينتبه الأمير ويكتشف الخدعة, بينما يعود الساحر إلي قصره ليحتجز اوديت ويبعدها عن الأمير, أما أوديت فتستسلم للحزن ظنا منها أن الأمير لم يكن مخلصا في حبه لها وبالتالي ستظل هي وصديقاتها في صورة بجع إلي الابد. يتوجه الأمير سيجفريد للبحيرة بحثا عن أوديت ويطلب منها الصفح ويعترف لها بحبه ويحاول الساحر أن يمنعه ويقع بينهما صراعا ينتهي بمقتل الساحر وعودة اوديت وصديقاتها للهيئة البشرية, هذه النهاية قدمتها الفرق العالمية برؤي وتفسيرات مختلفة فمنهم من جعل الصرع بين الساحر والأمير ينتهي بموت الأثنين وبقاء أوديت علي صورة البحعة ومنهم من جعل الحبيبن ينتحران في البحيرة, ومنهم ايضا من جعل الأمير ينسي أوديت ويقع في غرام البجعة السوداء اوديليا وينتهي العرض بحزن ادويت علي حالها وبقائها في صورة البجعة للأبد بسبب خيانة حبيبها. تعيد فرقة بالية أوبرا القاهرة حاليا تقديم بالية بحيرة البجع بنهايته المعتادة التي ينتصر فيها الحب علي الشر في النهاية, وبأشهر نسخة من الرقصات المصممة لهذا العرض التي صممها ماريوس بيتيبا وليف ايفانوف علي مسرح مارينسكي بسان بيترسبورج عام1895, بعد فشل النسخة الأولي التي قدمها جوليوس راسينجير لفرقة مسرح البولشوي لأول مرة في عام1877 ولم تستطع أن تلقي الحيوية الإيقاعية الخاصة بموسيقي تشايكوفسكي. 'بحيرة البجع إخراج الراحل عبد المنعم كامل وإشراف ارمينيا كامل ويتبادل ادائها في دور البجعة البيضاء والسوداء انيا اهسين وكاترينا ايفانوفا وكاترينا زيبرزنها وفي دور الأمير سيجفريد أحمد يحيي وممدوح حسن والفنان الضيف سيرجي نيكشين, والملكة الأم رجوي حامد وشوكو تاياما والساحر هاني حسن وإسلام الدسوقي.