في مطلع هذا الأسبوع انعقد علي مدار يومين المؤتمر السنوي للمجلس المصري للشئون الخارجية, الذي اختار لمؤتمره هذا العام موضوع العلاقات المصرية الإفريقية: نحو آفاق جديدة. وقد جاء الاختيار موفقا, ومعبرا عن إدراك ووعي كاملين بأهمية المكون الافريقي ودوره الأساسي كمكون جوهري في الأمن القومي المصري بمفهومه الشامل, وحيويته كرافد رئيس في تحركات مصر وسياستها الخارجية, خصوصا في هذه المرحلة التي تعاد فيها صياغة توجهات وسياسات مصر نحو إفريقيا. في الافتتاح وعقب كلمة السفير د. منير زهران رئيس المجلس, تحدث السفير حمدي لوزا نائب وزير الخارجية المصري, ود. أماني أبو زيد مفوضة البنية التحتية والطاقة والتجارة والصناعة بالاتحاد الإفريقي.. ثم بدأت جلسات المؤتمر التي ناقشت علي مدي يومين عشرين ورقة بحثيية في خمسة محاور رئيسية شملت: المحور السياسي, المحور الأمني, البعد الاقتصادي والتنموي, التفاعل في المجالين الثقافي والإعلامي, مصر والعمل الإفريقي المشترك, مصر والتفاعل الدولي في إفريقيا. ثم أعقبت ذلك جلسة ختامية تحت عنوان نحو مقاربة أكثر فعالية للعلاقات المصرية الإفريقية. شارك في تقديم أوراق المؤتمر والتعقيب عليها, عدد كبير من أهم المتخصصين في الشأن الإفريقي في مصر سواء من صانعي ومنفذي السياسات( حاليين او سابقين) من مؤسسات مصرية مختلفة, أو من الخبراء والباحثين واساتذة الجامعات, وجمع من الدبلوماسيين والبرلمانيين والكتاب وقادة الرأي. في هذا الإطار كان واضحا, أن هذا المؤتمر الذي أشرف علي الاعداد له بجهد كبير السفير د. عزت سعد المدير التنفيذي للمجلس, يمثل بلا شك حلقة هامة في اطار الجهود المبذولة لوضع توجه مصر الإفريقي علي المسار الصحيح, ومناقشة الثغرات والالتفات إلي الكثير من العوامل الضاغطة أو المتداخلة, والمطالبة بالمزيد من التناسق والتناغم وإحكام العمل ودعم القدرات. شاركت في المؤتمر كمعقب علي المحور السياسي الذي اشتمل علي اربعة اوراق بحثية مهمة, تناولت البعد الإفريقي في سياسة مصر الخارجية, العلاقات مع مع دول حوض النيل, والعلاقات مع دولتي السودان, والورقة الأخيرة عن علاقات مصر مع القوي الافريقية الفاعلة وآفاقها.. ولظروف خاصة لم أتمكن من حضور كل جلسات المؤتمر, ولذا ولضيق المساحة سأكتفي هنا فقط بإيراد الخلاصات أو التوصيات العامة التي أوردتها في ختام التعقيب, رغم أن الأوراق الأربع جميعا قدمت محتوي قيما جديرا بالنقاش التفصيلي. أشرت في هذه التعليقات الختامية إلي أن هناك بالفعل توجها جديدا, يتقدم بشكل واضح حتي الآن, إلا إننا بحاجة ماسة إلي رؤية أو خطة استراتيجية بأهداف محددة مرتبطة بتوقيتات زمنية, علي أن تخصص لذلك الموارد اللازمة.. وأن مسألة تخصيص الموارد بالغة الأهمية, كما أنه ليس من الصعب توفيرها بوسائل عديدة. النقطة الثانية هي أنه لا ينبغي أبدا أن ننظر إلي الأوضاع المحيطة بنا باعتبارها أوضاعا ثابتة أو استاتيكية أو أنها تمثل واقعا لا يمكن الفكاك منه, إذ إن الرؤية الواضحة, والجهد والعمل, بمقدورهما احداث التغيير في مدي زمني معقول, كذلك وردت الإشارة إلي الأهمية القصوي للتنسيق بين جهود وعمل المؤسسات المختلفة بالدولة, الأمر الذي يقتضي إنشاء كيان ما يقوم بقيادة وتنسيق ومتابعة هذه الجهود, أما النقطة الأخيرة فكانت نداء للخارجية المصرية لتطوير نظام عملها الداخلي للاستفادة بشكل نظامي من الخبرات والكفاءات المصرية التي عملت في إفريقيا وراكمت خبرات كبيرة بدلا من الإهدار الذي يتم في الوقت الحالي.