مجلة أمريكية وصفتها بالصفقة السوداء, والكونجرس بدأ إجراءاته لتوجيه اتهامات لإدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لكشف تفاصيلها التي غضت بموجبها واشنطن الطرف عن تجاوزات إيرانية من أجل التوصل إلي الاتفاق النووي بين القوي الكبري خمسة زائد واحد مع طهران الذي يسعي الرئيس الحالي دونالد ترامب لإلغائها! والمطلوب من العالم أن يصدق أن أوباما كان يعمل ضد مصلحة بلاده.. هكذا بمنتهي البساطة! التقرير الذي نشرته مجلة ذا بوليتيكو الأمريكية يحاول الإيحاء بأن إدارة أوباما تورطت مع إيران وقبلت تجاوزات فادحة في حق الشعب الأمريكي فقط من أجل التوصل لاتفاق نووي, من بينها أنها تجاهلت عمليات تهريب مخدرات وأخري لغسيل الأموال لحساب ميليشيات حزب الله اللبنانية الإرهابية المدعومة والموالية لإيران داخل الأراضي الأمريكية, وأن أوباما أحبط تحقيقا في هذه الأنشطة. التقرير تجاهل تلكؤ الولاياتالمتحدة لحسم المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي علي مدي اثني عشر عاما, ليتيح لها فرصة تطويره للضغط علي حلفاء واشنطن في الخليج العربي, من خلال فزاعة إيران النووية, فيما كان بإمكانها إجهاض المشروع برمته بضربة خاطفة بيد إسرائيل مثلما حدث مع البرنامج النووي العراقي, أو وفق سيناريوهات أخري أعلنت في حينه, ولكن الإدارة الأمريكية فضلت ترك الحبل علي الغارب لملالي طهران في برنامجهم النووي حتي يتسني لأمريكا بيع المزيد من الأسلحة لدول جوار إيران من أجل مواجهة خطر قنبلة نووية شيعية علي مرمي حجر منها. وبعدما تحقق الغرض الذي من أجله أطلق العنان لإيران لتخصيب المزيد من اليورانيوم, وبناء آلاف أجهزة الطرد المركزي, والمزيد من المفاعلات في نطنز وغيرها, جاء الدور للعب مع إيران ولو علي حساب سمعة أوباما. فقد بدأ الكونجرس الأمريكي بالفعل في اتخاذ إجراءاته لاتهام أوباما ومحاسبته بأثر رجعي علي أخطائه الافتراضية, التي لم يرتكبها وحده, وهو لا يملك اتخاذ قرار علي هذه الدرجة من الخطورة منفردا, من دون الرجوع لمؤسسات الحكم مثل الكونجرس وأجهزة الاستخبارات والأمن القومي..إلي آخره. يقول التقرير إنه رغم إطلاق مكتب مكافحة تهريب المخدرات الأمريكي مشروع كاساندرا عام2008, لاستهداف عمليات حزب الله غير الشرعية, فإن سلسلة من العقبات وضعتها إدارة أوباما حالت دون التمكن من ملاحقة أنشطة الميليشيات المرتبطة بنظام الولي الفقيه الإيراني, بحسب التقرير. وأدي ذلك وفقا للمجلة إلي المساهمة في تعاظم قوة الميليشيات الإرهابية من الناحية المالية والعسكرية في آن واحد, إذ تجني ثلث ثروتها تقريبا من تهريب وتصنيع وبيع المخدرات, بحسب العضو البارز في لجنة المال بمجلس النواب, ديفيد آشر. وذكر موقع بيزنس إنسايدر, الأربعاء الماضي أيضا, أن الكونجرس يتخذ حاليا خطوات للتحقيق رسميا في التقارير التي وصفتها مصادر متعددة بأنها جزء من جهود الإدارة السابقة للتغاضي عن العمليات الإرهابية الإيرانية في العالم من أجل تعزيز الاتفاق النووي. ونقل الموقع عن عضو لجنة الرقابة في مجلس النواب رئيس اللجنة الفرعية للأمن القومي, رون ديسانتيس, قوله إنه يدرس مع كبار المشرعين الأدلة التي يمكن أن تثبت تورط كبار مسئولي أوباما السابقين, بما في ذلك المسئول في مجلس الأمن القومي بن رودس, الذي يعد مهندس السياسة في الإدارة السابقة والذي يوصف بالداعم لإيران. وأضاف ديسانتيس: لقد اعتقدت منذ فترة طويلة أن إدارة أوباما لم يكن بإمكانها أن تفعل أكثر من ذلك للانحناء أمام النظام الإيراني, إلا أن الأنباء التي تفيد بأن إدارة أوباما أغلقت تحقيقا في حلقة المخدرات التي بلغت مليار دولار والتي صبت في جيوب حزب الله من أجل إنقاذ صفقة إيران فاقت الحدود. وقال: إن حزب الله هو جماعة إرهابية وحشية يداها ملطخة بدماء الأمريكيين, ومن غير المعقول أن تقوم السياسة الأمريكية بتمكين مثل هذه المجموعة المشينة. ومن المتوقع أن يولي المشرعون اهتماما خاصا بشأن احتمال تورط بن رودس أو كبار المسئولين الآخرين المتهمين بتضليل الكونجرس والشعب الأمريكي بشأن صفقة إيران, بلعب دور في إحباط التحقيق حول أنشطة حزب الله. وقال ديسانتيس: إن الكونجرس سيجري تحقيقا شاملا وإن اللجنة الفرعية للأمن القومي ستهتم بشكل خاص بكيفية اتخاذ مثل هذا القرار, وعما إذا كان يقف وراءه مهندسو الاتفاق النووي مثل بن رودس. ويقوم المحققون في الكونجرس حاليا بإعداد خطابات إلي مختلف وكالات الحكومة الأمريكية للحصول علي معلومات أكبر عن التدخل المزعوم, بحسب مصادر مطلعة. وقال العضو في مجلس النواب بيتر روسكام وهو مسئول كبير في لجنة الأمن القومي وعارض بشدة الاتفاق النووي إنه يجب علي الكونجرس التحقيق في إجراءات إدارة أوباما والعمل علي زيادة الضغط علي حزب الله. وأضاف روسكام أن التقرير الذي يدين إدارة أوباما ويتهمها بغض الطرف عن تهريب حزب الله للمخدرات إلي الولاياتالمتحدة لتمويل حملاته الإرهابية في الشرق الأوسط ليس مفاجئا. والأرجح أنه بعد تحقيق أهداف تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة وامتداده في أربع دول هي العراق وسوريا ولبنان واليمن, بما حقق عدم الاستقرار في المنطقة بأسرها, واستنزف عدد من دول الخليج هي السعودية والإمارات في حرب مكلفة في اليمن مع ميليشيات موالية لإيران, لم يعد هناك مبرر بالنسبة للأمريكيين لأن تحتفظ إيران بنفس أسباب القوة التي حققتها, وربما تجد الإدارة الأمريكية أن الوقت المناسب قد حان الآن لتصفية الحساب مع ملالي طهران, وسحب أسباب القوة منها في أقرب وقت ممكن, لتستكمل برنامجها المسمي بالشرق الأوسط الكبير لصالح إسرائيل, ولو علي حساب أوباما نفسه الذي يستبعد أن يخضع للحساب.