مما لا شك فيه أن النفس موكولة بحب العاجل( خلق الإنسان من عجل), فإذا أبطأ علي الإنسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره واستعجل قطف الثمرة قبل أوانها فلا هو ظفر بثمرة طيبة ولا هو أتم المسير , ولهذا قال الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وسلم:( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل, ولا تستعجل لهم), أي العذاب فإن له يوما موعودا. لقد باءت بعض الدعوات بالفشل ولم تؤت ثمرتها المرجوة بعلة الاستعجال, ولو أنهم صبروا لكان خيرا لهم, ثار بعضهم علي الطغيان ولما لم يقم علي ساقه ويشتد عوده وتكتمل آلته وتنضج دعوته وتمتد قاعدته قضي علي الدعوة ووئد الداعية وذهب الاثنان في خبر كان والحديث عن الاستعجال أطول من هذا ولكن في الإشارة للبيب ما يغني عن العبارة. الغضب: قد يري الداعية من المدعوين ما لا يليق فيستفزه الغضب فيدفعه إلي مالا يحسن به مما يسيء إلي الدعوة ويلصق بجبين حاملها وصمة عار تبقي الدهر كله, ولهذا حذر الله رسوله من مغبة الغضب بألا يقع فيما وقع فيه يونس فقال: فاصبر لحكم ربك, ولا تكن كصاحب الحوت لقد فرغ صبره فضاق صدره فغادرهم غاضبا قبل أن يأذن الله له ظنا منه أن الله لن يضيق عليه بأن جعله في بطن الحوت:( وذا النون إذا ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين), فتاب الله عليه:( فاستجبنا له ونجيناه من الغم). اليأس: أعظم عوائق الصبر وهو الذي حذر يعقوب أبناءه من الوقوع فيه مع تكرار البحث عن يوسف وأخيه:( يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)), وهو الذي حرص القرآن علي دفعه عن أنفس المؤمنين فبذر الأمل في صدورهم:(( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين, إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وقال لهم ولا تهنوا وتدعوا إلي السلم وأنتم الأعلون, والله معكم ولن يتركم أعمالكم), إن إضاءة شعلة الأمل دواء اليأس وهذا ما ذكرت به الآيات المؤمنين وهو ما ذكر به موسي قومه فقال:( استعينوا بالله واصبروا, إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)), ولما شكا خباب إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يلاقيه من أذي قريش قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد أن ذكره مصاب الصالحين في الأمم قبله: والله ليتمن الله هذا الأمر حتي يسير الراكب من صنعاء إلي حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب علي غنمه, ولكنكم تستعجلون. والحديث موصول