وزير التعليم العالي يستقبل وزير خارجية جمهورية القمر    البابا تواضروس الثاني يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    إعادة تخصيص بعض أراضي الدولة في الشرقية لتنفيذ أنشطة تنموية صناعية وخدمية    حملات تفتيش مفاجئة بالإسكندرية لتحليل عينات البنزين والسولار.. وتكشف مخالفات أخرى    البورصة المصرية تخسر 24.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    الحكومة: توريد 1.4 مليون طن قمح.. وصرف 3 مليارات جنيه لمزراعي القطن    مصادر طبية: 49 شهيدا حصيلة قصف إسرائيلي استهدف مدرستين في غزة    تصعيد إسرائيلي غير مسبوق في غزة.. مجازر متتالية تستهدف مدارس وملاجئ للنازحين    الزمالك يعلن تعيين أيمن الرمادي مديرًا فنيًا حتى نهاية الموسم    شبانة منتقدا جماهير الأهلي: "لا تكونوا عبء على الفريق"    السنغال بالزي الأبيض والكونغو بالأزرق في كأس إفريقيا للشباب    جنايات جنوب سيناء تقضي بحبس تاجر مخدرات 5 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه    تعرف على آخر موعد لتسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2025 (الرابط والخدمات)    أستراحة قصيرة لفريق "أحمد وأحمد"... وتصوير مشاهد أكشن في الصحراء    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يسدل الستار عن دورته التاسعة بإعلان الجوائز    مختص يكشف سبب "خناقات الأطفال" المتكررة.. هل طبيعية ولا علاوة خطر؟    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد قافلة جايين لأهالينا في الشلاق بالشيخ زويد    الحكومة توافق على اعتبار إنشاء المخازن الطبية اللوجستية مشروع قومي    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    ضبط المتهمين في واقعة تعذيب وسحل شاب بالدقهلية    النيابة تعاين مدرسة المعلم المتهم بالاعتداء على 3 طالبات في الإسكندرية    طلعت مصطفى تحقق 160 مليار جنيه مبيعات خلال 126 يومًا    ب6 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع بلاستيك بالقناطر الخيرية    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    بدء اجتماع "محلية النواب" لمناقشة طلبات إحاطة موجهة لمحافظ الغربية    «قومي المرأة» يشكر الرئيس السيسي على قانون العمل الجديد    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    المستشار الألماني الجديد يبدأ أول جولة خارجية بزيارة فرنسا    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    الداخلية: ضبط 507 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير العمل يُعلن بدء التقديم في مِنح مجانية للتدريب على 28 مِهنة بشهادات دولية    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    عمال مصر .. أيادٍ كريمة وإرادة لا تعرف المستحيل    غداً.. صناع فيلم «نجوم الساحل» ضيوف منى الشاذلي    روجينا تهنئ رنا رئيس بزفافها: "أحلى عروسة وأحلى أم عروسة"    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يفتح باب التقديم لمشاريع "ملتقى القاهرة السينمائي"    منتخب التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم للناشئين    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    شقيقي عاجز عن دفع مصاريف مدارس أولاده فهل يجوز دفعها من زكاة مالي؟.. عالم أزهري يجيب    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    تقارير: بايرن ميونخ يرغب في التعاقد مع باتريك شيك    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    حظك اليوم.. مواليد هذه الأبراج «شباب دائم» لا تظهر عليهم الشيخوخة هل أنت من بينهم؟    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفارة الإسرائيلية بالقاهرة‏..‏ تاريخ من التوتر
نشر في الأهرام المسائي يوم 16 - 05 - 2011

كنا نعتقد أن المسافة بين القاهرة وتل أبيب ساعة واحدة بالطائرة‏,‏ غير أننا اكتشفنا أن المسافة أطول من ذلك بكثير‏.‏
لم تكن ميشيل ميزائيلي‏,‏ زوجة السفير السادس لإسرائيل بالقاهرة تدري وهي تكتب هذه الجملة أنها تلخص ما يمكن كتابته في مجلدات حول طبيعة العلاقة بيننا وبينهم‏,‏ ولولا أن مصر اختارت السلام عقب انتصارها التاريخي في أكتوبر‏1973‏ ولولا أن البروتوكولات الرسمية تقتضي تمثيلا دبلوماسيا ما‏,‏ لما أمكن لإلياهو ابن اليسار أن يصل مصر بصفته أول سفير إسرائيلي بها في الثلاثاء‏26‏ فبراير‏1980‏ وأن يرتفع العلم الإسرائيلي في إحدي فيلات حي الدقي بمحافظة الجيزة‏,‏ باعتبار أن هذه الفيلا أرض إسرائيلية كما جرت الأعراف الدولية‏.‏
لم يستقبل المصريون الفيلا ولا العلم ولا السفير بالورود‏,‏ بل إنهم استقبلوها بالمظاهرات والاحتجاجات من الإسكندرية إلي أسوان‏,‏ وكانت قمة هذه الاحتجاجات الواقعة التي كان بطلها سعد ادريس حلاوة الذي استشهد في ذلك اليوم‏.‏
لم تستمر السفارة طويلا في مكانها لعدة اعتبارات‏,‏ منها قانونيتها‏,‏ فالقانون يحظر علي حاملي جواز السفر العبراني تملك الأراضي في مصر‏,‏ والسفارة بهذا الوضع هي أرض إسرائيلية بالمخالفة للقانون‏,‏ وثانيا لأنه لا أحد يضمن استمرار السفارة في هذا المكان بعيدا عن التهديد الأمني‏,‏ وبالتالي تم نقل السفارة إلي العمارة الشهيرة‏,‏ وكم كان الكاتب يوسف معاطي موفقا في اختيار اسم الفيلم الشهير السفارة في العمارة بغض النظر عن تأييد رؤية الفيلم من عدمها‏.‏
احتلت السفارة طابقين من العقار رقم‏6‏ بشارع ابن مالك الذي تحول عام‏2000‏ إلي شارع الشهيد محمد درة بضغوط شعبية‏,‏ عقب استشهاد الدرة الصبي الفلسطيني في أحداث الانتفاضة الثانية‏,‏ وبمجرد تسلم السفارة تحولت حياة أهل المنطقة إلي جحيم‏.‏
وإذا كنت عزيز الرافض للتطبيع سعيد الحظ وسبق لك زيارة منزل الكاتب الراحل الكبير محمود عوض لأدركت حجم الجحيم الذي يعانيه سكان الشارع والمنطقة التي توجد بها السفارة‏,‏ فالوجود الأمني مكثف طيلة الوقت‏,‏ وهناك شكوك في أي حركة أو بادرة حتي إن شابين سوريين كانا يزوران حديقة الحيوان المقابلة للسفارة والتقطا عدة صور من هنا وهناك‏,‏ فكان مصيرهما التوقيف والتحقيق والترحيل لمجرد أن إحدي تلك الصور صادفت العمارة التي تقع فيها السفارة‏,‏ بالاضافة إلي أن أهم ما جاء بالفيلم الذي تناول مشكلة وجود السفارة في هذا المكان‏,‏ هو ما يتعلق بقضاء السكان لاحتياجاتهم‏,‏ فلا خدمة التوصيل للمنازل تصل ولا استقبال لضيوف دون فحص‏,‏ ولا ممارسة طبيعية للحياة‏,‏ مما يعكس الموقف المصري الحاسم من التطبيع‏.‏
كان أول ما لفت النظر في الموقع الجديد هو الاصرار علي البقاء بمحافظة الجيزة‏(‏ غرب النيل‏)‏ علي عكس دول كثيرة تفضل شرقه‏,‏ خاصة في جزيرة الزمالك أو بحي جاردن سيتي‏,‏ وقيل وقتها إن الدولة الناشئة حديثا أصرت علي أن تكون سفارتها غرب النيل لأنها تعتبر كل ما شرق النيل تابعا لها‏,‏ في إشارة إلي حلم إسرائيل الكبري‏(‏ من النيل للفرات‏),‏ وقيل إنها اختارت هذا المكان ليكون أعلي من نهضة مصر‏(‏ التمثال المقابل لحديقة الحيوانات‏),‏ قيل كلام كثير‏,‏ لكن المؤكد أن وجود السفارة كان مستفزا‏,‏ ولو اختاروا لها أرضا في الرمال المتحركة بالصحراء الغربية لاعتبر الناس هذا دلالة سلبية‏,‏ فالصراع كما نعلم هو صراع وجود لا صراع حدود‏.‏
ولم يكن إدريس حلاوة هو آخر من رفضوا وجود السفارة علي نحو علني‏,‏ فإلي جانب التظاهرات والمسيرات التي نادت ب قفل سفارة وطرد سفير بحسب الهتاف الشعبي الشهير‏,‏ فإن هناك محمد خلف حسن أمين الشرطة الذي صدرت له الأوامر بنقل خدمته لحراسة السفارة الإسرائيلية‏,‏ وفي يوم‏25‏ فبراير‏,‏ وبينما كانت السفارة تكمل عامها السابع عشر‏,‏ صدر بحقه حكم عسكري بالحبس ستة أشهر لرفضه تنفيذ الأمر‏.‏
وتؤكد شهادات السفراء الإسرائيليين المتعاقبين علي هذه السفارة كيف تدور الأمور‏,‏ أو علي الأقل تنقل الأجواء المحيطة بها‏,‏ فمن إلياهو بن أليسار السفير الأول الذي لم تدم إقامته كثيرا في القاهرة‏,‏ حيث غادرها بعد عام واحد طالبا نقله لإسرائيل‏,‏ بعد أن سجل في مذكراته أنه خرج بثلاثة أصدقاء فقط في القاهرة من بينهم سائق سيارته المصري‏.‏
ومنه إلي السفير الثاني موشيه ساسون الذي تعرض لمحاولة اغتيال علي يد تنظيم ثورة مصر بقيادة محمود نور الدين‏,‏ وكاد يصاب بمرض نفسي‏(‏ أو ربما أصيب فعلا‏)‏ نتيجة العزلة التي فرضت عليه من الحكومة المصرية ومن الشعب ومن أجهزة الأمن المصرية‏,‏ وذلك بحسب ما ذكره هو في كتابه‏7‏ أعوام في أرض المصريين‏,‏ وعلي أي حال فإذا كان سابقه قد خرج بثلاثة أصدقاء من بين ملايين المصريين‏,‏ فإن ساسون لم يستطع أن يصادق إلا شخصا واحدا كان يعمل تاجرا للأثاث‏.‏
ولم تفلح محاولة شمعون شامير الذي تم تعيينه خلفا لساسون في يونيو عام‏1988‏ بتأسيسه المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالسفارة في إذابة الجليد‏,‏ فقد حصل المركز علي لقب وكر الجواسيس‏,‏ وحصل شامير علي تأشيرة سفر للأردن‏,‏ ذهابا فقط دون عودة‏,‏ كما تقدم إفرايم دوفيك السفير الرابع باستقالته بعد أقل من عام‏,‏ بل إن السفير الخامس الذي كان من أصل مصري ديفيد بن سلطان‏(‏ مواليد الإسكندرية عام‏1938‏ كانت له قصة مع فنان مصري‏(‏ ليس عادل إمام‏)‏ حيث كان قد التقي به في حفلة ما‏,‏ واعتقد أن هذا اللقاء كان كفيلا بأن يصبح صديقا له‏,‏ فذهب إليه بمنزله وهو يحمل في يده كيس مكسرات إسرائيل‏,‏ فرفض الفنان استقباله في منزله كما رفض الهدية‏.‏
وفي نهاية الأمر ترك القاهرة وعاد لبلاده قبل انتهاء فترته بثمانية أشهر كاملة‏,‏ وقبل انعقاد المؤتمر الاقتصادي بالقاهرة في نوفمبر من عام‏1996‏ ليظل المنصب شاغرا لثمانية أشهر‏,‏ قبل أن يشغله تسفي ميزائيلي الذي افتتحنا بكلمات زوجته هذا العرض‏,‏ وهو صاحب العبارة الشهيرة‏:‏ لماذا تكرهوننا؟
وهكذا يستمر الأمر بهذه السفارة التي تعد مصنعا للتوتر للعقار والشارع والحي والمنطقة والمدينة التي تحل بها‏,‏ ولكل المتعاملين معها‏,‏ ولمن يحاصرونها الآن‏,‏ ويطالبون بطرد سفير لا يعلمون حتي أن اسمه يعقوب ميتاي‏,‏ فالاسم لا يهم‏,‏ المهم أنه ذلك السفير في تلك السفارة التي تقع في العمارة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.