حصلت الأهرام المسائي علي التفاصيل الكاملة للكشف عن أكبر كيان وهمي لمنح طلاب الصعيد شهادات عليا غير معتمدة في تخصصات البترول وعلوم المساحة والتمريض والتحاليل والتي تم ضبطها خلال حملة لجنة الضبطية القضائية التابعة لوزارة التعليم العالي التي قامت بمداهمة عدد من المنشآت التي تدعي تقديم خدمات تعليمية وشهادات معتمدة دولية علي غير الحقيقة خلال الساعات الماضية. بدأت القصة بتلقي لجنة الضبطية القضائية بوزارة التعليم العالي قبل شهور معلومات عن انتشار إعلانات في عدد من محافظات الصعيد عن قبول طلاب الثانوية العامة والدبلومات الفنية الحاصلين علي50% بأكاديمية خاصة في تخصصات التمريض والبترول والمساحة والتخصصات الطبية المساعدة لتخريج فنيي التحاليل الطبية والأشعة. ووفقا للإعلانات المنتشرة توجهت لجنة الضبطية إلي عدد من محافظات الصعيد لتتبع تلك الإعلانات التي تؤكد منح خريجي تلك الأكاديمية شهادات دولية معتمدة تسمح لهم بممارسة تلك المهن داخل مصر وخارجها وتوثيق الشهادات من مكتب وزارة الخارجية وتأجيل التجنيد للطلاب الملتحقين بالأكاديمية. لتعثر اللجنة علي مقر إداري عبارة عن عقار كبير في شارع الجمهورية بمدينة سوهاج يحمل اسم أكاديمية6 أكتوبر, حيث تمت مداهمة العقار أثناء استقبال طالبين وتم التحفظ علي مستندات خطيرة تؤكد تقديم تلك المنشأة خدمات تعليمية غير مرخصة. وبحسب مصادر بمحافظة سوهاج فقد أصدر المحافظ قرارا بالغلق الإداري للمقر بينما قامت وزارة التعليم العالي بإخطار النائب العام ووزارات الخارجية والداخلية والدفاع للعثور علي مستندات تؤكد تأجيل تجنيد الطلاب الملتحقين بتلك المنشأة الوهمية وتسهيل حصولهم علي بطاقات الرقم القومي وتوثيق شهاداتهم عن طريق مكتب الخارجية لتوثيق الشهادات. ورغم تلك الإجراءات فقد تلقت إدارة الضبطية القضائية بالتعليم العالي معلومات جديدة قبل أيام عن استمرار تلك المنشأة في عملها بمقر آخر في مدينة الكوثر التابعة لمحافظة سوهاج مع استمرار استقبال الطلاب في مقر شارع الجمهورية بعد إزالة اللافتة وفتح المقر تحت مسمي مزاولة نشاط منح دورات متخصصة في الكمبيوتر. وأشارت المصادر إلي أنه بمداهمة مقرات ذلك الكيان للمرة الثانية توالت المفاجآت حيث تبين قبول أعداد كبيرة من طلاب محافظات الصعيد وتحصيل مصروفات تتراوح بين3 و4 آلاف جنيه وتحصيل700 جنيه مقابل التدريب العملي أو تأجيل التجنيد أو استخراج بطاقة رقم قومي تحت مسمي طالب وتقديم محاضرات علي أيدي غير متخصصين في علوم البترول والمساحة والتمريض والتحاليل حيث وضعت لجنة الضبطية القضائية التابعة لوزارة التعليم العالي يدها علي مستندات تثبت تأجيل تجنيد عدد من طلاب المنشأة واستخراج بطاقات الرقم القومي رغم استحالة حدوث ذلك لأي منشأة تعليمية غير معترف بها من التعليم العالي وضرورة صدور قرار من وزارة الدفاع لتأجيل التجنيد وهي النقطة التي انطلقت منها تحريات الجهات المعنية للوصول إلي المتورطين وحفظ تحقيقات النيابة بعد المداهمة الأولي. وبحسب المصادر, فإن تتبع طرف الخيط أسفر عن حيلة جديدة تلجأ إليها تلك الكيانات الوهمية لكسب ثقة الطلاب باتفاقها مع موظفين في معهد لاسلكي مرخص من وزارة الاتصالات والتربية والتعليم لتخليص أوراق تجنيد وبطاقات طلاب المعهد غير المرخص مقابل مبلغ مالي علي كل مستند. كما تبين توثيق الشهادات عن طريق وزارة الخارجية بناء علي حيلة أخري لجا إليها مواطن مصري مقيم في إنجلترا, حيث أسس شركة خاضعة لقوانين الاستثمار البريطانية تحت اسم كامبريدج مستغلا تطابق الاسم مع مؤسسة وجامعة كامبريدج العريقة في التعليم وتقديم الخدمات التعليمية لإيهام الطلاب المصريين بحصولهم علي شهادات معتمدة من جامعة كامبريدج رغم أن شركته لا علاقة لها بمنظومة التعليم وغير مرخص لها هناك بتقديم تلك الخدمات. وكشف مصدر آخر بوزارة التعليم العالي أن معظم الكيانات الوهمية التي تم ضبطها في العامين الآخيرين تحمل اسم أكاديميات متخصصة في العلوم المختلفة سواء العلوم الطبية المساعدة أو الإدارة أو العلوم التجارية والمساحة وعلوم البترول ترتبط معظمها بتلك المؤسسة التعليمية الوهمية التي أنشأها المواطن المصري المقيم في إنجلترا, مؤكدة أن توثيق وزارة الخارجية لا علاقة له نهائيا بالاعتراف بتلك الشهادات الوهمية الصادرة باسم تلك المؤسسة التي تنتحل اسم كامبريدج. وقال المصدر: إن الوزارة غير قادرة علي مطاردة ذلك أو محاسبة القائمين عليه لعدم وجوده علي أرض مصرية ولاقتصار جميع معاملاته علي البريد الإلكتروني مشيرا إلي أن كل ما تملكه الوزارة هو إغلاق الكيانات التي يتم ضبطها داخل مصر والتي عادة ما تلجأ إلي حيل جديدة لإعادة الفتح مرة أخري سواء باستصدار تراخيص من المحافظات أو التربية والتعليم أو من وزارات أخري لممارسة أنشطتها تحت ستار أنشطة تقديم دورات تدريبية في الكمبيوتر واللغات. ومن جانبه, قال سيد عطا, رئيس قطاع التعليم والمعاهد العليا بوزارة التعليم العالي: إنه بمجرد صدور تقرير الضبطية القضائية يتم إخطار النائب العام والمحافظ الذي يقع الكيان في نطاقه لإغلاقه, مشيرا إلي أن النيابة تباشر تحقيقاتها بعد ذلك وفي حالة العودة لمزاولة النشاط مرة أخري تتم مداهمة المكان مرة أخري مهيبا بالطلاب وأولياء الأمور التأكد من اعتراف الوزارة بالمعاهد الخاصة ومعادلتها قبل دفع أي رسوم دراسية.